كوامي نكروما أبرز دعاة الوحدة الأفريقية

يعتبر الزعيم الغاني كوامي نكروما من المناضلين الأفارقة الأوائل ضد الاستعمار، وكان أول رئيس لغانا المستقلة، وأبرز دعاة الوحدة الأفريقية وأحد مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية.

الميلاد والنشأة

ولد عام 1909، تخرج بدار المعلمين في أكرا، وعمل أستاذا إلى أن التحق عام 1935 بجامعة لنكولن في الولايات المتحدة وفي عام 1945 بمدرسة الاقتصاد في لندن ببريطانيا، وكان قد نشط في العمل الطلابي فترة وجوده في أميركا وبريطانيا.

ولد نكروما في بلدة نكروفول Nkroful – فيما كان يعرف بساحل الذهب (اسم غانا سابقاً) – لأسرة متواضعة. تلقى تعليمه في مدارس الإرساليات الكاثوليكية، ثم في كلية المعلمين في اكرا Accra التي تخرج فيها عام 1931، وعمل مدرساً حتى عام 1935، ثم توجه إلى الولايات المتحدة لمواصلة تعليمه، وهناك درس الاقتصاد وعلم الاجتماع والتربية في جامعة لنكولن Lincoln. وبعد تخرجه عمل محاضراً للعلوم السياسية في الجامعة نفسها، واهتم بالحركة الطلابية وأصبح رئيساً لمنظمة الطلاب الأفارقة في الولايات المتحدة وكندا.

في عام 1945 سافر إلى إنكلترا واتصل بحزب العمال البريطاني واطلع على مبادئه وتنظيمه، كما تعرف كثيرين من المثقفين التقدميين ومنهم بعض الشيوعيين.

النضال من أجل الاستقلال

عاد نكروما إلى ساحل الذهب (اسم غانا سابقا) في أواخر عام 1947، وأصبح أمين عام مؤتمر شاطئ الذهب الموحد وبدأ بالنضال لأجل الاستقلال فاعتقل عام 1948، وترك المؤتمر وأسس صحيفة أخبار المساء لتنشر آراءه.

وفي ديسمبر 1947 عاد نكروما إلى غانا بدعوة من حزب «مؤتمر ساحل الذهب المتحد» وتسلم منصب الأمين العام للحزب.

حزب المؤتمر الشعبي

وبدأ بإعادة تنظيم الحزب على أسس جديدة أدت إلى خلاف بينه وبين القادة الآخرين فانفصل عنهم عام 1949 وأسس حزباً جديداً باسم «حزب مؤتمر الشعب» الذي حدد هدفه الأساسي بتحقيق استقلال غانا. وفي أوائل 1950 اعتقل نكروما مجددا بعد سلسلة من الإضرابات وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، وفاز حزبه بالانتخابات البلدية والعامة في الانتخابات، وفاز وهو بالسجن بدائرة أكرا وبأكثرية كاسحة، فأطلق سراحه وتولى رئاسة الوزراء في مارس 1952.

وقد اتسعت صفوف حزبه بسرعة بسبب الشعارات الجماهيرية التي طرحها وأساليب الدعاية الجديدة التي اتبعها. ونشر نكروما كراساً دعا فيه إلى القيام بحملة أسماها «العمل الإيجابي» Positive Action هدد فيه بالإضراب والمقاطعة وعدم التعاون مع سلطات الاحتلال إذا لم تحصل البلاد على استقلالها حتى نهاية عام 1949. ونفذ الحزب تهديده بإعلان الإضراب العام ليلة 8/1/1950. وفي 20/1/1950 قُبض على نكرومـا وعدد من قادة حزبه وعطلت صحيفة الحزب «أكرا نيوز كرونيكل» News Chronicle Accra.

في فبراير 1951 أجرت السلطات البريطانية انتخابات عامة في البلاد. وقاد نكروما حملة حزبه الانتخابية من داخل السجن، وضّمن بيانه رؤية الحزب للنهوض بأعباء البلاد في مجالات التصنيع، وتوفير التعليم المجاني والفرص المتكافئة والعمل للجميع، وأحرز الحزب في الانتخابات 34 مقعداً من أصل 38، وانتخب نكروما عضواً في البرلمان وهو نزيل السجن، فاضطر الحاكم البريطاني إلى الإفراج عنه.

وفي مارس من عام 1952 أصبح نكروما رئيسا للوزراء، وتوصل من خلال المفاوضات مع بريطانيا إلى دستور 1954 الذي أصبح جميع الوزراء بموجبه من الأفارقة. وحصد حزبه في الانتخابات التي جرت على أساس الدستور الجديد سبعين مقعداً من أصل 104 مقاعد. ونالت قوى المعارضة مجتمعة 23 مقعداً. وكانت قوى المعارضة قد تكونت من ائتلاف عدة أحزاب ذات طابع قبلي وطائفي.

الاستقلال

في عام 1957 وافقت بريطانيا على استقلال ساحل الذهب وألحقت بها منطقة توغو Togo التي أصبحت دولة مستقلة في عام 1967. وفي مايو 1960 أجري استفتاء شعبي أسفر عن إعلان جمهورية غانا وانتخاب نكروما أول رئيس للجمهورية المستقلة. عمل نكروما على تنمية اقتصاد البلاد وتحسين الظروف المعيشية للشعب، وعمم التعليم وأدخل نظام الضمان الصحي والضمان الاجتماعي، ولكنه في الوقت نفسه عزز سلطاته الشخصية بانتخابه رئيسا مدى الحياة بقرار من البرلمان (1962)، ثم بجعل «حزب مؤتمر الشعب» حزباً وحيداً في البلاد، وترافق ذلك مع تدهور أسعار الكاكاو، وهو المنتج الرئيسي في البلاد، فزادت الديون وتفشى الفساد، ولجأت حكومة نكروما إلى القمع للجم تحركات المعارضة التي تكونت من زعماء القبائل وكبار التجار الذين فقدوا الكثير من امتيازاتهم، ووقفوا منذ البداية ضد سياسة نكروما الداخلية ذات التوجه الاشتراكي.

في مارس 1966 قام برحلة إلى الصين الشعبية. وما إن وصل إليها حتى فوجئ بوقوع انقلاب عسكري بقيادة الجنرال انكرا Ankra أطاح بحكومة نكروما واعتقل قادة حزبه، وكان الانقلاب موضع ترحيب من قوى المعارضة ومن جانب الدول الغربية بوجه خاص.

عاد نكروما من الصين إلى غينيا المجاورة وحلّ فيها ضيفاً على صديقه أحمد سيكوتوري رئيس جمهورية غينيا. وفي أثناء إقامته فيها أصيب بالسرطان، فانتقل إلى رومانيا للعلاج، وبقي فيها حتى وفاته في 27 أبريل 1972، وفي يوليو من العام نفسه أعيد جثمانه إلى غينيا ودفن فيها.

كان نكروما يؤمن بأن الاشتراكية هي النظام الوحيد الذي يمكن أن يحقق حياة كريمة للشعب، وأن أساس الاشتراكية هو التصنيع والثورة الزراعية، كما كان مؤمناً بضرورة إقامة دولة موحدة ذات حكومة مركزية قوية، وتنمية الوعي القومي ليكون بديلاً عن النزعات والانتماءات القبلية، ولاقت هذه الأفكار معارضة شديدة من قبل زعماء القبائل.