مهاجرون يصلون ليبيا سيرا على الأقدام

ذكر تقرير نشرته وكالة فرانس برس ( (AFPاستمرار معاناة المهاجرين الأفارقة على الحدود الليبية والتونيسية حيث يصل المهاجرون بالمئات يوميا إلى ليبيا سيرا على الأقدام وهم في حالة من الإنهاك الشديد، بعدما نقلتهم السلطات التونسية إلى الحدود في وسط الصحراء، ووفق شهاداتهم وشهادات حرس حدود ليبيين، وتم انقاذ رجال ونساء وهم تائهون بالقرب من بحيرة سبخة على امتداد الحدود بين ليبيا وتونس وهي منطقة قاحلة وغير مأهولة. وفيما الحرارة تفوق الأربعين درجة مئوية، عثرت دورية ليبية على رجل مغمى عليه حاول أفرادها إنعاشه بسكب بضع قطرات من الماء على شفتيه، إلا أنه بالكاد يتنفس.

وفي الأسبوعين الأخيرين، يقول حرس الحدود الليبيون إنهم أنقذوا مئات المهاجرين الذين نقلتهم السلطات التونسية على ما يؤكدون، إلى الحدود عند مستوى بلدة العسة على بعد 150 كيلومترًا جنوب غرب طرابلس.

وقرب منطقة العسة على بعد حوالي 40 كيلومترًا من معبر رأس جدير التونسي، يستمر المهاجرون بالوصول ضمن مجموعات صغيرة من شخصين أو ثلاثة أشخاص أو بالعشرات، يتقدمون مذهولين منهكين من الحر والعطش، وتخور قواهم عند أقدام الحراس.

ويعطيهم الحراس بضع قطرات من الماء، يرشونها على رؤوسهم ووجوههم قبل نقلهم إلى نبع مياه مالحة ليبردوا حرارة جسمهم. وفي الآونة الأخيرة، يجري حرس الحدود الليبيون وجهاز مكافحة الهجرة غير النظامية وعناصر “الكتيبة 19” دوريات يومية في الصحراء.

ويقول المتحدث باسم اللواء 19 الليبي علي والي: “نحن على الخط الفاصل بين ليبيا وتونس ونشهد وصول المزيد من المهاجرين كل يوم. الوضع مقلق”. ويوضح أنه سمح لوكالة “فرانس برس” بمرافقة الدورية “لتكذيب من يدعي (في تونس) أننا قمنا باختلاق كل هذا وأننا قمنا باقتياد المهاجرين إلى هنا” عند الحدود.

ويؤكد أن الحراس يرصدون يوميًا في نطاق عملهم حول العسة، “وصول 150 إلى 350 وأحيانًا ما يصل إلى 400 أو 500 مهاجر غير شرعي”. ووصل في ذلك اليوم 110 أشخاص بينهم امرأتان فيما لم يعثر على شخصين آخرين بلغ عنهما مهاجر.

ويقول هيثم يحيى وهو مواطن سوداني عمل في قطاع البناء لمدة عام في تونس، حيث وصل سرًا عبر النيجر، ثم الجزائر. ويروي يحيى قائلًا: “كنت في العمل عندما أمسكوا بي واقتادوني إلى هنا، أولاً في سيارة شرطة، ثم في شاحنة عسكرية (تونسية) ثم تركوني وطلبوا مني الذهاب إلى ليبيا”. وتحت شمس حارقة، “سار البعض لمدة يومين” من دون ماء أو طعام في الصحراء.

هذا ما حصل أيضا للنيجيري ألسكندر أونشي اوكولو. يقول الرجل البالغ 41 عامًا “دخلت تونس عبر الدبداب (منفذ بري حدودي) عابرًا الجزائر إلى تونس  أمضيت بعض الوقت في تونس قبل أن تقبض عليّ الشرطة التونسية”. ويتابع قائلًا: “ألقوا القبض علي في الشارع ونقلت إلى الصحراء الكبرى”. ويظهر شاشة هاتفه المحطمة موضحًا “كسروه وضربوني”.

من جانبه، يقول المتحدت الليبي “تم العثور على جثتين وقبل يومين، خمس بينهم امرأة مع طفلها بالإضافة إلى الخمس التي تم العثور عليها قبل أسبوع، وضع مأساوي وغير مقبول”، ويتساءل “كيف تتوقعون منهم النجاة من هذا؟ وسط الحر ومن دون ماء مع سيرهم ليومين أو ثلاثة”. وتفيد منظمات إنسانية في ليبيا بأن الحصيلة تصل إلى ما لا يقل عن 17 قتيلًا قضوا في الصحراء بين ليبيا وتونس في الأسابيع الثلاثة الماضية. وفي رأس جدير، لا يزال 350 مهاجرًا يقيمون في مخيم من بينهم 65 طفلًا و12 امرأة حاملًا.

مجموعة من المهاجرين على الحدود

وقال مسؤول في المجال الإنساني في ليبيا لوكالة “فرانس برس”: “ظروف حياتهم صعبة جدًا”. وأوضح أن 180 مهاجرًا آخر من بينهم 20 طفلًا يقيمون مؤقتًا في العسة. وفي رأس جدير بدأوا منذ عشرة أيام تقريبًا يحصلون على المياه والطعام والرعاية الطبية من الهلال الأحمر الليبي.

وقالت الحكومة في طرابلس في الأيام الأخيرة إنها ترفض إقامة المهاجرين الوافدين من تونس على أراضيها، وقد انتقدت تقارير عدة للأمم المتحدة ليبيا بسبب العنف الممارس في حق 600 ألف مهاجر متواجدين على أراضيها وغالبيتهم يعيشون في مخيمات.