طريق غير ممهد لإستحقاق الانتخابات الليبية

بعدما اقترب حلم الوصول إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية في ليبيا، ذلك البلد الأفريقي الذي عانى الكثير منذ 2011، إلا أنه أصبح صعب المنال.

وأقر البرلمان الليبي المنتخب بالإجماع قانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، دون تعديل في نصوص تسمح للعسكريين ورموز نظام العقيد الراحل معمر القذافي بالمنافسة في الانتخابات.

وبحسب الناطق باسم البرلمان الليبي، عبد الله بلحيق، فقد أحال رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، بإحالة القانونين الأربعاء، لــ”المفوضية الوطنية العُليا للانتخابات”.

إلا أن الخطوة الأخيرة لم تلق استجابة لدى مجلس الدولة الذي سارع رئيسه محمد تكالة، برفض التعديلات الأخيرة، وأكد تمسكه بالمخرجات الصادرة عن اللجنة المشتركة لإعداد القوانين الانتخابية “6+6″، التي وقع عليها طرفا اللجنة في 3 يونيو الماضي في مدينة بوزنيقة المغربية، رافضا إجراء أي تعديلات أخرى عليها.

وأكد تكالة ضرورة التزام جميع الأطراف المنخرطة في العملية السياسية المعنية بتسوية الأزمة باستئناف السير في هذه العملية من خلال بحث ومعالجة القضايا الخلافية، واقتراح سبل الوصول إلى إطار قانوني يكون قابلا للتنفيذ، ويقود إلى إجراء انتخابات وطنية شاملة، يقبل الجميع بنتائجها.

عقبات أمام الانتخابات

من جانبه، قال عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، إن “القوانين تصدر وليس معنى ذلك الوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد”.

وأضاف التكبالي أن من مجلس الدولة سبق ووافق على التعديل الـ13 للإعلان الدستوري، وعلى تشكيل لجنة 6+6 لإعداد القوانين الانتخابية أول العقبات أمام الانتخابات.

وأوضح أن هناك كتلة غير هينة من أعضاء مجلس الدولة ما زالت ترفض أي تقارب مع البرلمان وعدم القبول بالآخر، مشيرا إلى وجود بعض الأطراف الداخلية والخارجية التي تحرك المليشيات وترفض قيام دولة ذات سيادة.

وحول الحلول، أعرب التكبالي عن اعتقاده أن المجتمع الدولي سوف يفرض حكومة موحدة على ليبيا، ولن يترك البرلمان والدولة يعبثون بالبلاد كل فترة ويأجلون الانتخابات بالخلافات.

وقال إن “الولايات المتحدة لن تسمح بأن تعمل كل من روسيا والصين ضدها في ليبيا، لذلك فإنها سوف تحاول استمالة ليبيا بكل الطرق وفرض حكومة”.

واختتم حديثه قائلا إن “الوضع الحالي في ليبيا بدون انتخابات ودولة ذات سيادة مريح للجميع، وهم يريدون بقاءها كذلك”.

نقطة الصفر

واتفق مع التكبالي، أستاذ العلاقات الدولية ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة درنة الليبية الدكتور يوسف الفارسي، قائلا إن “التضارب بين مجلس الدولة والبرلمان يعيق الانتخابات ويظهر وجود الانقسام وعدم التوافق بينهم”.

وأوضح الفارسي أن هناك طيفا كبيرا داخل مجلس الدولة يرفض مشروع القانون لدفعه بالمشير خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي في الانتخابات المقبلة، بالإضافة إلى إمكانية ترشح آخرين ضد رغبات المليشيات المؤدلجة والإخوانية وتيارات الإسلام السياسي”.

وتوقع الفارسي أن تشهد الفترة المقبلة سيناريو هو رفض العملية بالكامل وإفشال كل ما جاء بالقوانين ومحاولة قطع الطريق عليها حتى لا تنفذ، لافتا إلى أنه فور الموافقة على القوانين وتسليمها للمفوضية الانتخابات فإنها تدخل فترة 240 يوما للوصول للانتخابات.

وقال إن “هذا لن يحدث بسبب المشاكل المختلفة بين الأطراف خاصة بين مجلسي النواب والدولة وسنعود إلى نقطة الصفر”.

وفي السياق ذاته أكد عضو مجلس الدولة الليبي، وعضو لجنة (6+6)، فتح الله السريري أنه بعد إقرار مجلس النواب لقانون الانتخاب سيبدأ عمل مفوضية الانتخابات بعد ذلك.

وأشار السريري إلى أن إقرار القوانين لا يحتاج إلى اعتماد لا من المجلس الأعلى للدولة ولا من المجلس الرئاسي ولا من أي جهة أخرى.

وقال إن “لجنة (6+6) عدلت بعض المواد بناء على طلب المفوضية والبعثة (وذلك قبل تسليم مشروعي القوانين إلى مجلس النواب)، ثم قامت اللجنة  بعد ذلك باعتماد مشروعي القوانين، ووقع عليهما رئيس أعضاء مجلس النواب الستة ورئيس أعضاء الأعلى للدولة الستة المشاركين في اللجنة، وتم تسليمهما إلى البرلمان لإصدارهما.

وشدد على أن مجلس الدولة صوت على قوانين اللجنة بالقبول أي وافق على مخرجاتها وبالتالي هي أنهت مهامها وانتهت دون أي تصويت، لافتا إلى أنه كان ذلك رغبة البعض بغرض لتحصين القوانين من أي مطالبات بالتعديل.

فصل جديد من الخلافات

أما عضو مجلس الدولة في ليبيا ماما سليمان فقال إنه تم حل اللجنة لأن  بعض أعضائها أدخلوا تعديلات على القوانين المتوافق عليها في بوزنيقة.

وأضاف سليمان أنه بعد قرار مجلس الدولة اليوم تعتبر التعديلات على القوانين التي قام بها بعض الأعضاء اللجنة هي والعدم سواء”.

وأشار إلى أنه في حال إصدار مجلس النواب المسودة المعدلة بالمخالفة للتعديل الدستوري لن تكون قابلة للتنفيذ وسيدخل ليبيا في فصل جديد من الخلافات

وقبل إجراء الانتخابات، يجب انتظار موافقة المفوضية العليا للانتخابات، وأيضا التزام الأطراف السياسية والعسكرية بالقبول بهذه القوانين وتنفيذها، فيما تدفع الأمم المتحدة منذ سنوات على إتمام هذا الاستحقاق، من أجل إعادة البلاد التي غرقت منذ 2011 في الفوضى، إلى المسار الديمقراطي.