كارم يحيى يكتب حول معركة استقلال نقيب الصحفيين

قررت محكمة القضاء الإداري الدائرة الثانية أفراد / نقابات تأجيل نظر الدعوى رقم 34845 لسنة 75 قضائية مرة أخرى وإلى 11 فبراير 2022، التي رفعتها في ربيع 2021 طلبا لعدم شغل موظف في الحكومة لمنصب نقيب الصحفيين في مصر. وهذا استنادا لنصوص الدستور والقوانين وقرار الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين في مارس 2019 الضامنة لاستقلال النقابة عن السلطة التنفيذية.

الدائرة بمحكمة القضاء الإداري ـ وأشدد الإداري ! – أجلت نظر الدعوى لطلبها إعلان المدعى عليه الثالث (السيد/ ضياء رشوان نقيب الصحفيين) بالدعوى (!)، وهو بالأصل تم اعلانه في بدايتها بواسطة المحكمة كما يجرى بالنسبة للقضاء الإداري ،  وحضر بشخصه ومعه دفاعا عنه محامي النقابة السيد/ سيد أبو زيد (!) في أول جلسة بتاريخ 3 مارس 2021. ثم في الجلسة التالية حضر الإثنان أيضا.

وشهدت جلسة 15 يناير 2023 مفاجأة أخرى بحضور ممثل قانوني عن هيئة الاستعلامات ( محامي الهيئة ) ولأول مرة منذ تداول الدعوى. وتقدم بمذكرة من صفحتين تطلب الحكم بعدم قبول الدعوى “لرفعها من غير ذي صفة “، وبدعوى وبنص المذكرة ” أن المدعى (المقصود كارم يحيى) يعمل صحفي حر وليس من العاملين بالهيئة العامة للاستعلامات “! (ومرفق هنا صورة ضوئية من مذكرة الاستعلامات الحكومية).

.. دائرة المحكمة لم تلتفت إلى طلبات تقدمت بها في مذكرة ضافية  خلال الجلسة السابقة 27 نوفمبر 2022 بالسماح بالكشف عن المبالغ التي يتقاضاها شهريا رئيس هيئة الاستعلامات الحكومية / نقيب الصحفيين المصريين من مؤسسة الأهرام بزعم انه يجرى المد له بعد الستين كمستشار لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية وتقديم مايفيد نشر أي أعمال أو تقديمه  ومؤسسة الأهرام أي كتابات أو ابحاث للمؤسسة نظير هذه المبالغ إن وجدت أصلا، وأيضا الكشف عما يتقاضاه شهريا من هيئة الاستعلامات الحكومية بحكم منصبه.

وهذا من أجل للتحقق من أنه مستوفى لشروط الاستمرار في عضوية المشتغلين بنقابة الصحفيين، وتحديدا المادة 6 / أ من قانون النقابة رقم 176 لسنة 1970 ونصها :” يعتبر صحفيا متشغلا (أ) من باشر بصفة أساسية ومنتظمة مهنة الصحافة في صحيفة يومية أو دورية تطبع في  الجمهورية العربية المتحدة أو وكالة أنباء مصرية أو أجنبية تعمل فيها، وكان يتقاضى عن ذلك أجرا ثابتا بشرط ألا يباشر مهنة أخرى “.. ومع العلم أن تفسيرات صفة ” الصحفي المشتغل” في مصر وغيرها من الدول تفحص هل الدخل المتولد من العمل يتأتي أغلبه من مهنة الصحافة ؟.

ومع تركيز الدعوى ودفاعنا على تقديم كل ما يتعلق باستقلالية نقابة الصحفيين والنقابات عموما عن السلطة التنفيذية وتضارب المصالح بين االمركزين القانونيين لرئيس هيئة الاستعلامات الحكومية ونقيب الصحفيين، فإن المدعى ودفاعه اضطر لتقديم دفاع بشأن النقطة السابقة على ضوء ما ورد في تقرير  المفوضين وكذا تقدم المدعى عليه بحوافظ مستندات تركز على هذا الجانب (ربما نشرت هنا صورا منها لأهميتها أيضا فيما يتعلق بكيف تدار الأمور في مؤسسة  الأهرام ؟ ودورها في تسهيل الجمع بين منصب حكومي ومكلف بالبروباجندا الرئاسية والسلطوية على هذا النحو  و موقع نقيب الصحفيين المصريين .

ملاحظتان على الهامش:

1 ـ اليوم ذاته الأحد 15 يناير 2023 شهد إصدار المحكمة الدستورية حكمها بتحصين عقود الدولة في بيع أصول مصر وشركاتها العامة من الحق الدستوري بطعن المواطنين عليها حرصا على المال العام .

2ـ انتخابات نقيب الصحفيين في دورتها الجديدة سيجرى فتح الباب للترشح لها في شهر فبراير المقبل 2023 ، وإذا سارت الأمور بشكل اعتياي دون حكم من مجلس الدولة بإلغاء الدورة السابقة للنقيب بسبب دعاوي الطعن على انتخاباتها بالتزوير والتزوير المادي، لن يصبح من حق رئيس الاستعلامات الحكومية نقيب الصحفيين الحالي التقدم لدورة ثالثة وفق قانون النقابة والذي لم يتم تعديله بعد في هذا الاتجاه وسط تداول انباء سابقا عن الاسراع بهذا الأمر قبل انتهاء دورة النقيب الحالية .

ولقد كنا نأمل في حجز دعوى استقلال موقع نقيب الصحفيين المصريين عن السلطة التنفيذية ومنع تضارب المصالح (وفق قانون بهذا الشأن أيضا ) للحكم قبل موعد انتخابات النقيب الجديدة  أن نرسخ مبادئ استقلال العمل النقابي وديمقراطيته واستقلالية الصحافة ونقابتها والمنصوص عليها ( ولو بالكلام ) في الدستور والقوانين. ولذا قمنا بتعديل طلباتنا قبل نحو سنة بمطالبة رئيس هيئة الاستعلامات بالاستقالة من منصبه الحكومي والاكتفاء بموقع نقيب الصحفيين ، لكنه لم يستجب . وكأنه يصر على الزواج الباطل بين ” فؤادة” و “عتريس”، وترسيخ سابقة في سطو السلطة التنفيذية بشكل فج ومباشرة وذي طابع مشخصن (شخصي) وغير مسبوق ( سوى تعيين الصاغ صلاح سالم في الخمسينيات نقيبا للصحفيين في يوم أسود)  على موقع نقيب الصحفيين المصريين.

وعلما بأن صحيفة الدعوى الأصلية في فبراير 2021 طعنت على قرار اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة الصحفيين السماح لرئيس هيئة الاستعلامات الحكومية بالترشح لموقع نقيب الصحفيين مجددا، وبخاصة بعدما قررت الجمعية العمومية للصحفيين المنعقدة في مارس 2019 بوضوح منع الجمع بين موقع النقيب وأي وظيفة حكومية، وتطبيق هذا القرار اعتبارا من الانتخابات المقبلة ( 2021) . وهي التي تقدمت إليها مرشحا لموقع النقيب . ورفعت الدعوى من هذا المنطلق وبصفتي صاحب مصلحة مباشرة إلى جانب مصلحة كوني عضوا بالجمعية العمومية للنقابة .

و لقد مضيت والمحامون من دفاعي مشكورين في الجانب الموضوعي للدعوى، وتابعنها على مدى العامين، وبعدما لم يستجب القضاء الإداري ـ في عهده الجديد بعد تداعيات حكم تيران وصنافير ـ لطلبنا الأصلى بشكل مستعجل في الدرجتين الابتدائية والاستئنافية في جلستين شهدت وقائع اظنها غير مسبوقة ـ بالنسبة لي على الأقل. وقد كتبت عنها في حينها. وبعدها احيل الشق الموضوعي الذي لم تفصل فيه الدائرتان إلى المفوضين . واللافت أيضا أننا لم نستدع مطلقا للمثول امام هيئة المفاوضين لمناقشتنا وانتهت الى وضع تقرير في غير صالح استقلالية منصب النقيب. والتقرير في ذاته  وثيقة أخرى على أحوال زماننا هذا.

وأكرر ما كتبته صباح أول أمس:

سامح الله كل من سكت علي انتهاك استقلالية نقيب الصحفيين المصريين وأن يشغله موظف حكومي بدرجة نائب وزير رئيس هيئة الاستعلامات.

سامحهم الله وبخاصة من قالوا ويقولون إنهم من تيار “الاستقلال”.

وأضيف اليوم وربما عدت الى نشر كتابة مستفيضة عن مشكلات واخطاء ما يسمى بـ “تيار الاستقلال” وجناية “الشللية” والتضحية بالمهنة وقيمها واستقلاليتها وديمقراطية العمل النقابي لصالح الطموح الشخصي والشللي عند السلطة .