عمر الحمدي يكتب: سوريا أحد الأركان الهامة في الوطن العربي

سوريا أرض الحضارة ، انطلقت منها أول إمبراطورية عربية بعد الإسلام، ماذا يجري فيها؟ وهل يندمل الجرج الدامي؟ ولابد من عودتها كركن أساسي لبناء مجتمع عربي موحد وديمقراطي.

تجري اليوم انتخابات رئاسية في سوريا نتمنى أن تسهم في معالجة الأوضاع ولو مرحليا، حتى يمكن التقدم لحل الصعوبات بالحوار ومراعاة مصالح البلد ” الشعب والدولة “في اطارها  القومي أخذا بعين الإعتبار أن ما يجري في الوطن العربي هو مرض واحد من أمراضنا الداخلية من تخلف وتجزئية وتدخل خارجي وعدوان  يوظف تلك الأوضاع لمفاقمتها لصالحه لتنفيذ مخططاته معاديا للأمة العربية

ولكي لا نخطئ التشخيص فإن ما يجري في سوريا وكل بلدان الوطن العربي نجد أن صعوباتها واحدة تراكمت عبر التاريخ حتى إصدمت بالإمبريالية الاستعمارية وحضارة،  وما ترتب على ذلك الاستعمار من احتلال وتقسيم الوطن العربي و غياب الوعي القومي  فاختلفت  مسارات مواجهة الاستعمار وترتب  عليه وعي غير واقعي،  لدى العرب بأنهم قد تحرروا، ودخلوا العصر الحديث بتأسيس الدولة.

في هذا الجزء أو ذاك من الوطن العربي وأن العرب أصبحوا جزءا من النظام العالمي،  وهو أمرغير صحيح  وترتب عليه أن العرب لم يحققوا هدفهم المشروع ،ومن جهة أخري فإن دول  التجزئية  ليس في سوريا وحدها وإنما في كل الوطن العربي، دول ليست مؤهلة لإنجاز التقدم  والديمقراطية ويجب فهم ذلك جيدا.

أن ما تقدم من توصيف يتطلب مناقشته في اطار الأحداث التي شهدتها سوريا وكل بلدان الوطن العربي، وإن كان المجال لايسمح، فيكفي  الإشارة إلى المحددات والأوضاع التي قادت إلى الارتباطات والأخطاء التي ينسبها كل طرف إلى غيره   ومن غير معالجتها لن يحدث التقدم وهو ما نراه يتفاقم.

لقد فشلت مرحلة الاستقلال في الوطن العربي لأنها كانت على غير أساس من وحدة الأمة، ووحدة  الدولة القومية والتالي وحدة التوجه، ووحدة طريق  التقدم لخدمة الإنسان على مختلف الأصعدة الثقافية والسياسية والإقتصادية.

وترتب على ذلك العداء بين الجماهير والحكام وكل يتهم الآخر بأنه السبب، وكثر العداء وتفاقم الخلاف والإحتراب، ووجد الأجنبي ضالته فزادت التدخلات والإحتراب وانفتح  المجال بشكل خطير للإنقسام  الداخلي والاحتراب الإقليمي

وإذكاء الصراع العالمي حول سوريا والوطن العربي.

ولكي اختتم القوس لهذه المقدمة التي طالت بطول تاريخ سوريا وخطورة مايجري فيها، وتأثيره المستقبلي لابد من التأكيد أن سوريا التاريخ والجغرافيا والفاعلية الحضارية هي أحد الأركان الهامة في الو طن العربي والإقليم والعالم،  ولابد من التأكيد علي  تأثير الحضارة  السورية العربية منذ  فجر التاريخ وأنها الملهمة بل والمؤثرة في حضارة الأغريق

بعد الإسلام  واستمرهذا الدور حتي الآن.

وما يجرى في سوريا خلال السنوات الماضية بعد ظاهرة ما سمي  بالربيع العربي، ولازال للأسف يسيل الدماء والاحتراب والتدخل الخارجي وهو أمر له علاقة بما سبق الإشارة اليه سابقا، ويحركه مشروع امبريالي صهيوني جندت له القوى الرجعية مشروع الشرق الأوسط الجديد، وان كان المشهد لا ينفي وجود أخطاء  لابد من معالجتها وتجاوزها

إذن ما يجري اليوم من محاولة لخروج سوريا من المأزق الذي دفعت إليه  ومما نتج عنه تردي الأوضاعبهذا الشكل،  ليس في سوريا وحدها بل في كل الوطن العربي.

وعلينا إعادة طرح السؤال لماذا فشل العرب في مشروع الوحدة وكانت سوريا أول من  تبنت ذلك بتأسيس حزب البعث وأول دولة أنجزت الوحدة مع مصر، فلماذا تردت الأمور إلى ما وصلت إليه الآن،  فلابد من موقف جاد لوقف التدهور وأعادة بناء الوطن في اطار مشروع حضاري.

والإنتخابات  السورية  تجري اليوم  مهما  كان الرأي فيها ومهما تفاوتت أراء الأطراف حولها ،لكن  لابد من الإستفادة منها  بما  يقرب التفاهم  ويسهل التحول الديمقراطي وتوفير مناخ حل المشاكل والصعوبات آخذين بعين الإعتبار أنه لابد أن يأخذ  الجميع  في منحب بعيداعن التدخل الخارجي حرصا على مصلحة سوريا الدولة والمجتمع وإلا يكون  الصراع على السلطة والسيطرة على الحكم هو كل شئ ،بعد أن أعطت المرحلة السابقة الدرس المطلوب.

هذه مجرد تحية للشعب السوري العظيم الذي لابد أن تتحمل الأمة العربية مسؤوليتها للوقوف معه لحل كل المشاكل في الإطار الإستراتيجي والمرحلي، وأن تكف الدول التي تتدخل في الشأن السوري عربيا ودوليا، ولابد أن نقر أن هناك مشاكل ذات بعد عربي، ولن تحل إلا في الإطار القومي ومنها مشكلة  الأقليات والتي لابد أن تحترم، ولايجب ألا تكون قيدا على الوحدة العربية، ولا جسرا للتدخل الإقليمي والخارجي  حمى  الله سوريا وأهلها هيأ لها من أمرها رشدا ينعكس علي حوارا وتفاهمت لتعزيز الحرية والسيادة.

سفير ليبي سابق