عثمان المهدي يكتب :الحوجة لمشروع ثقافي جامع في السودان

لعل واحدة من أهم كوابح التطور السياسي السوداني ، اللهث وراء الفعل وردة الفعل ( سياسة القطاعي ) لكل المشتغلين بالهم السياسي .
يندرج تحت طائلة ذلك الارتجاليه و( الردح) وحالة العنف اللفظي والجسدي . انعكس كل ذلك في حالة التوهان وفقدان البوصلة ، حتي كفر الكثيرين بالسياسة وأدورها و أهميتها بكل آلياتها .
حالة الكفر هذه لم تكن وليدة اللحظة ، فقد لعب النظام المباد علي شيطنة الأحزاب والسياسيين، بجانب عدم وضوح الرؤية البرامجية لكثير من الاحزاب وانغلاقها، واشتغالها بالمنغصات والمعارك الدون كيشوتية .
أوغر ذلك فهم علي شاكلة نريد حرية وديمقراطية بدون أحزاب، من غير اجابات كيف يكون ذلك ؟ طارحين رؤية عبطية وهزليه، مصيرها سيكون علي غرار النموذج الليبي بكتابه الأخضر والعفلقية البعثية،   وماجرت تلك التجارب من مشاكل للبشر والحجر علي حد سوا .
هنا ينبع السؤال الهام وما المخرج من المأزق السياسي الآن ؟ لعلي من المهتمين بتقديم المنتج الثقافي علي السياسي، فنظرة المثقف أكثر شمولية وادراكا لما يحيط ويحدق من مخاطر ، وكيفية الولوج من سم الخياط .
فإذا ما استبعدت مقولة بول غوبلز وزير دعاية المانيا النازية ( كلما ما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي ) ، من أذهان كثير من السياسيين ، لحققنا الكثير من الايجابيات في الفكر والعمل السياسي .
ولتقريب صورة المشروع الثقافي وتأثيره علي العموم ، ما لجئت له الحركة الاسلاموية منذ بواكير عهد حسن البنا مرورا بسيد قطب ، حيث جيروا الاسلام وبعضوه فيما يناسب افكارهم ، استطاعوا بذلك جذب الكثيرين وما زال ، وينطلي الامر علي احزاب اليسار بعمومياتها .
حوجة السودان الي مشروع ثقافي جامع لايستثني احد يستطيع توحيد السودانيين ، وهنا لابد من تلاشي نظرة اليساريين واليمنيين انهم اهل الثقافة فقط دون غيرهم . فالثقافة التي يسهم فيها الجميع لقادرة علي بث روح جديدة تفاؤلية في السودانيين وتقليل الضغط علي الفعل السياسي اليومي . يمكن ان يشمل المشروع الثقافي هذه الملامح ؛ -البعد عن الانا ومفاهيم الدونية والسيادة الثقافية .
تأكيد معاني التلاحق الثقافي بين كل المكونات الاثنية .
– أنفتاح الاعلام علي كل مضارب ونجوع السودان دون اختصاره علي البندر .
– التبني الفعلي لمفهوم السودانوية المطروح قبلا .
– أزالة حالة الغبن الثقافي التي ترسب معاني مثل الهامش والمهمشين .
-ربط السياسة بالمفهوم الثقافي ما أمكن . – اعتبار السودان حالة خاصة دون الانحياز لعروبية او افريقانية .
– أحياء ما اندثر من مفاهيم وحدوية واخلاقية وغرسها في الناشئة .
– أحياء قيم التأدب في الاختلاف الفكري والسياسي .
يمكن ان يتوسع المبحث لشمول نقاط عديدة تسهم في اثراء المشروع الثقافي . فإذا ما خلصنا الي اهمية المشروع الثقافي في الواقع السياسي ودوره في اشاعة روح السودان لنا جميعا لكفانا هذا الاقتتال . واللهث وراء مشوار الحياة اليوماتي ما بين الجبل والنهر ما بين الصعب والسهل.
رئيس مكتب حزب الامة بالقاهرة وطبيب عظام