حوار مع السفير محمد حجازي: من حق مصر أن تدافع عن  أمنها المائي

قضية سد النهضة لم تعد تنموية، بل هي تهديد للأمن والسلم الدوليين 

مصر تسير في مسار يحترمه المجتمع الدولي وسيحقق مطالبنا

حوار سمية زهير

أكد السفير محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق والخبير في الشئون الأفريقية، أن من حق مصر أن تدافع عن مصالح أمنها المائي بالشكل الذي تراه إذا أخفق مجلس الأمن ، وأن استمرار أثيوبيا ببدء الملء الثاني بشكل أحادي هو مخالفة للقانون الدولي ، وعن مكاسب جلسة مجلس الأمن أوضح حجازي أن مصر والسودان أكدوا علي أن قضية سد النهضة لم تعد تنموية، بل هي قضية تهديد للأمن والإستقرار الإقليمي،وللأمن والسلم الدوليين، المرتبطة إرتباطا أصيل بمهام وعمل مجلس الأمن.

وأشار حجازي ما قام به مجلس الأمن الخميس الماضي هو توسيع لدائرة التفاوض ودعوة الأطراف الثلاثة للتوصل لاتفاق خلال فترة زمنية محددة.

ورجح حجازي أن يصدر مجلس الأمن  قرارا بفتح التفاوض برئاسة الإتحاد الأفريقي للشركاء والوسطاء الدوليين ،ويكون ذلك مقدمة للتوصل إلي إتفاق خلال ستة أشهر برعاية دولية تحت الرئاسة الأفريقية، كل ذلك وغيره  في حواره مع ” وجه أفريقيا ”

* كيف تري المشهد بعد الإعلان الأثيوبي ببدء الملئ الثاني بشكل أحادي؟

**أن الإعلان الإثيوبي ببدء الملئ الثاني بشكل أحادي هو تأكيد علي إستمرار إثيوبيا في مخالفة القانون الدولي في تحد الأطراف الإقليمية، وفي تغذية روح العداء والدعوة إلي المواجهة في منطقة شديدة الحساسية في توقيت خطير باتت فيه قواعد الأمن والاستقرار في المنطقة مهددة بسبب هذا الموقف،ويعتبرهذا الموقف  موقف مخالف للأعراف الدولية الحاكمة لإدارة الأنهار الدولية ،فهو موقف مرفوض ،عبرت مصر عنه بشكل واضح وصريح ، وإحالة هذا الرفض  لمجلس الأمن يضعف من موقفها ويظهرها أمام العالم بالدولة التي لا تحترم إلتزاماتها التعهدية كما وردت في إعلان مبادئ الخرطوم الإتفاق الإطارى الموقع في مارس ٢٠١٥، فأثيوبيا دولة  لم تحترم مصالح شركائها علي النهر الدولي وتتعامل بأنانية مفرطة مع مصالحها دون الإلتفات لمصالح الآخرين ،وهو موقف متهور وغير مسئول، ومن المفترض أنه أضر بموقفها في مجلس الأمن، وسيسهم في المزيد من عزلتها ،كما أنه موقف لابد من التعامل معه بكل الوسائل التي تحفظ حقوقنا المائية،وما تفعله أثيوبيا في قضية سد النهضة لا يمكن إستبعاده كأحد الأسباب الرئيسية  لاستخدمه للفت إنتباه الرأي العام بعيدا عن الهزيمة القاسية التي تلقاها النظام الأثيوبي، وما تعرض له الجيش في إقليم التيغراي ،بالإضافة إلي  المشهد الإنساني المضطرب الذي صاحب الممارسات التي قامت بها قوات أبي أحمد في منطقة التيغراي، وإتسم الموقف الأثيوبي بالأنانية المفرطة والعجرفة ويعتبر خطر علي الأمن والسلم الدولي .

* كيف تري الموقف بعد اللجوء لمجلس الأمن ؟وهل بائت بالفشل؟

** لجأت مصر إلي  المسار الدولي لشرح حقيقة الأوضاع  للمجتمع الدولي، وهذا مكسب كبير،انتقلنا فيه لعرض رؤيتنا ورؤية السودان بشكل عاجل من خلال مشروع قرار يحمل كل الخير لشعوب البلدان الثلاث، يوافق علي إنشاء السد وفي نفس الوقت يحفظ حقوق ومصالح مصر المائية،في نفس الوقت يدعو الأطراف الثلاثة  للتوصل إلي إتفاق خلال فترة زمنية محددة، و يقوم بتوسيع دائرة التفاوض ،بالإضافة إلي الرئاسة وهي التي يقرها الجميع ،وهي دعم ومساندة من الشركاء والمفاوضين الدوليين التابعين للأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية .

*  ما هي المكاسب التي حصلت عليها مصر من جلسة مجلس الأمن؟

** أولاَ التأكيد علي أن قضية سد النهضة لم تعد تنموية، بل هي قضية تهديد للأمن والإستقرار الإقليمي، وكذلك  تهديد للأمن والسلم الدوليين، ومن ثم فهي مرتبطة إرتباطا أصيل بعمل مجلس الأمن الدولي الذي عليه أن يتخذ من القرارات حاسمة إزاء هذه القضية، بالإضافة إلي أن أمامه قرار عادل ومنصف للأطراف الثلاث وكل هذا يدعوا إليه.

* ماذا عن التسلسل الإجرائي لعمل مجلس الأمن في هذا الملف في الفترة القادمة ؟وهو لا يعترف بأن قضية السد  تهديد السلم والأمن؟

** نحن لا نريد أن نستبق التسلسل الإجرائي لعمل مجلس الأمن ،حيث كان هناك لجنة خبراء نظرت في المشروع الأول للقرار المصري السوداني ،ثم أتيحت فرصة العضوية الكاملة لمجلس الأمن الإستماع لرؤي الأطراف الثلاث، حيث كان الحديث للوزير سامح شكري الملحمي الماروثوني، رائعا ومعبرا عن كل ثنايا الموقف المصري ومخاوفه وإهتمامه بالتوصل إلي إتفاق قانوني يتيح للأطراف الثلاثة مساحة مشتركة من التعاون والخير للجميع ،إذاَ نحن أمام مشروع قرار تم طرحه علي لجنة خبراء، أدت فيها الوفود بعض التعديلات إما إجرائية أو موضوعية، وهناك لجنة شاملة للأعضاء الدائمين والخبراء الدائمين الـ١٥ إستمعو للأطراف الثلاثة ، سيتم الإنتقال لإجتماع أخر للجنة الفنية لإجراء المشاورات  حول التعديلات الإجرائية أو الموضوعية، وربما تعقد لقاءات ثنائية مع الوفود التي قدمت تعديلات تستحق النقاش بموضوعية وجوهرية ثم بعد ذلك يتم طرح مشروع القرار للتشاور في النسخة المعدلة رف٢،الأسبوع القادم وبعدها سيتم إتخاذ القرار إما طرح مشروع القرار للتصويت في جلسه آخري ربما تكون يوم السادس عشر من شهر يوليو الجاري.

وننتظر إذا كان هناك تعديلات جوهرية تحول دون التوصل إلي إتفاق حول القرار حتي يمكن أن يصدر إعلان رئاسي،لافتا إلي أنه يرشح الإختيار الأول وهو أن يصدر قرار من مجلس الأمن يفتح التفاوض برئاسة الإتحاد الأفريقي للشركاء والوسطاء الدوليين ،ويكون ذلك مقدمة للتوصل إلي إتفاق خلال ستة أشهر برعاية دولية تحت الرئاسة الأفريقية.

  * لماذا التعويل علي مظلة الإتحاد الأفريقي بعد أن فشل في دورتي جنوب أفريقيا والكونغو ؟

**  عندما وجدنا الأمر مهددا للأمن والسلم الدولي ذهبنا الأصل ” مجلس الأمن ”  ،وهذا هو التسلسل المنطقي وفقا لقواعد القانون الدولي، وبالفعل الإتحاد الأفريقي  لم يتمكن من حل القضية في رئاسة كاملة لجنوب أفريقيا وكذلك رئاسة الكونغو  رغم كل المبادرات التي قدمتها مصر والسودان من إيجاد الحل،وبالبرغم من ذلك نحن لسنا ضد الإتحاد الأفريقي علي الإطلاق علي الرغم من أنه لم يفعل شيئا ،ولكن السبب في ذلك يرجع إلي المطلب منذ البداية خطأ،حيث كان يجب منذ البداية أن نطالب بأن الإتحاد الأفريقي يعمل كرئاسة للمفاوضات التي تنضم لها جهات دولية وليسوا كمراقبين كما كان الوضع من قبل وهو مطلب أثيوبي،مشيرا إلي أننا لسنا إمرة لأثيوبيا نحن تحت إمرة مجلس الأمن وما يتخذه مجلس الأمن هو ما سوف يعمل به،ومن المعتقد أن المسارالدولي يتفهم المطلب المصري وأننا أصبحنا مدركين أن هناك إرادة سياسية

مفقودة وأن الإتحاد الأفريقي غير قادر وحده علي التوصل إلي الإتفاق المنشود  أو مساعدة الأطراف نتيجة إعتبارات معينة ،ودائما المنظمات الإقليمية غير قادرة علي إقناع الأطراف الخلاف.

* لماذا لم يدع أعضاء مجلس الأمن الـ 15  أثيوبيا أن تتوقف عن بدء الملئ الثاني للسد؟

** عندما تتم الإشارة إلي الإجراءات الأحادية يكون المقصود بها الملئ الثاني ،وبالطبع الكل يعلم أن الجميع ليس ضد  بناء السد والجميع ليسوا ضد ملئ أول ولا ثاني ،الجميع ضد أن يتم هذا الإجراء بإرادة أحادية دون التشاور والتنسيق ودون التوصل لإتفاق قانوني ملزم  حسب ما صدر من إعلان  المبادئ في مارس ٢٠١٥،والذي يكفل للأطراف عدم الملئ والتشغيل إلا بعد التوصل لإتفاق قانوني ملزم،ولكن أثيوبيا خالفت هذا الوضع ،وبالتالي هددت الأمن والإستقرار الإقليمي وهددت مصر وجوديا بهذه المنشأة الهندسية ،وما كان علي مصر إلي أن تسحب الموضوع مجددا لآلية حفظ السلم والأمن وهي(مجلس الأمن)وبالتالي أظن أن مصر تسير في مسار يحترمه المجتمع الدولي وسيحقق مطالبنا.

*ماذا لو لم يقتنع مجلس الأمن والمجتمع الدولي بمسؤلياته اتجاه هذا الملف؟

** إذا لم يقتنع مجلس الأمن بمسؤلياته ولم يقف المجتمع الدولي أمام مهددات الأمن والسلم الدوليين في منطقة القرن الأفريقي ،التي تعد من أهم الأقاليم الإستراتيجية في العالم لإرتباطها بخط المضايق وبشرقي القارة الأفريقية وإرتباطه  التجارة والملاحة الدولية وحركة النفط  وأمن الخليج ،وكل هذه الأمورتحتم علي الدول أعضاء مجلس الأمن النظر في هذا الملف برؤية أمنية إستراتيجية ،وغير ذلك من حق مصر أن تدافع عن مصالح أمنها القومي بالشكل الذي تراه.