خبراء: مطلوب اتفاقية جديدة لتقسيم مياه النيل

​«اتفاقية جديدة بين دول حوض النيل الشرقى مصر والسودان وإثيوبيا لتقسيم المياه»، هذا ما طالب به عدد من الخبراء فى الشؤون الإفريقية والمياه، منتقدين استهلاك الوقت فى مفاوضات سد النهضة، مما أسهم فى الإسراع فى بناء السد الذى تجاوز 50% من الإنشاءات، فضلًا عن المماطلة والتعنت من الجانب الإثيوبى والإصرار على فرض شروطه على المفاوض المصرى، وإغراقه فى تفاصيل فنية لكسب الوقت.

من جانبه، قال الدكتور عباس شراقى، مدير مركز تنمية الموارد بإفريقيا بمركز البحوث الإفريقية الأسبق بجامعة القاهرة، إن هناك غموضًا من جانب وزارة الرى المصرية حول أسباب تأخر المكاتب الاستشارية فى تقديم التقرير الفنى المعدل، والذى كان محددًا له 12 أغسطس الجارى، ثم تأجل إلى 5 سبتمبر المقبل، لافتًا إلى أن هناك حالة من الغضب تنتاب المكتب الاستشارى الهولندى بسبب الاستهانة به واعتباره مكتبا هامشيا، ومطالبة الجانب الإثيوبى له بأن يعمل كمقاول من الباطن للمكتب الفرنسى، فضلًا عن تهميش دوره وتخصيص نسبة 30% فقط له من إجمالى الدراسات التى ستجرى على سد النهضة.

شراقى أضاف لـ«التحرير» أن المسار الحالى للمفاوضات «عبثى» وبه الكثير من الأخطاء الاستراتيجية، مطالبًا بضرورة تكليف مكتب استشارى دولى واحد فقط للقيام بالدراسات البيئية والمائية والاقتصادية والاجتماعية للسد، لافتًا إلى أن المكتب الفرنسى والمكلف بإجراء 70% من دراسات السد، عليه الكثير من الشكوك وعلامات الاستفهام بسبب عمله فى مشروعات مائية بإثيوبيا لأكثر من 15 عامًا، موضحًا أنه مر عام كامل على خارطة الطريق التى تم الاتفاق عليها فى أغسطس من العام الماضى لاختيار مكتب استشارى دولى، دون أن يتم التعاقد مع المكتبين الاستشاريين اللذين تم الاتفاق عليهما، مضيفًا أن هناك حالة من التسويف وإضاعة الوقت فى هذه المفاوضات.

وأكد شراقى أن اللجنة الوطنية المصرية الثلاثية لسد النهضة فشلت فى مهامها وعليها الانسحاب وتكليف مفاوضين آخرين قادرين على التفاوض مع إثيوبيا، ويمتلكون مهارات التعامل مع مراوغات أديس ابابا، قائلا «على مصر أن لا تستسلم إلى الدراسات التى تطالب إثيوبيا بإجرائها على السد لأنها دراسات بعيدة عن مواصفات وسعة السد وارتفاعه، وتتعلق فقط بكيفية تشغيل السد»، ملمحا إلى أن مصر قدمت العديد من التنازلات أهمها الاعتراف بالسد وإجراء الدراسات فى عام كامل بدلا من ستة اشهر، وعدم الموافقة على إيقاف بناء السد لحين الانتهاء من المفاوضات، فى الوقت الذى تحقق فيه إثيوبيا أعلى المكاسب.

ومن جهته، قال الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية والرى، وعضو لجنة حوض النيل بجامعة القاهرة، إن إثيوبيا تملى شروطها على مصر فى مفاوضات سد النهضة، وأنها تعمل على كسب مزيد من الوقت للإسراع فى بناء السد، لافتا إلى أن المسار الحالى للمفاوضات لن يجعل إثيوبيا تعترف بالدراسات التى سيتم إجراؤها على سد النهضة وبالتالى فلا بد من توقيع اتفاقية جديدة مع إثيوبيا لتقسيم المياه بين دول حوض النيل الشرقى، تعترف من خلالها إثيوبيا بحصة مصر المائية والتى تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب.

نور الدين أوضح أن أديس ابابا ترغب فى الاستحواذ الكامل على مياه النيل وبيعها إلى إسرائيل ودول الخليج، مشيرا إلى أن مصر قدمت الكثير من أجل بناء الثقة مع إثيوبيا لكنها لم تقدر ذلك، مشيرا إلى أن هناك ضعفًا وتبعية من جانب المفاوض المصرى، مطالبا بالاستغناء عن المكتبين الاستشاريين الحاليين «الفرنسى والهولندى» بسبب الخلاف عليهما بين مصر وإثيوبيا مع الاستعانة بالمكاتب الاستشارية الإنجليزية والأمريكية، لأن لديها خبرة كبيرة فى مجال تقييم السدود. ويمثل اللجنة الوطنية لسد النهضة كل من الدكتور أشرف الأشعل خبير السدود والمنشآت المائية الكبرى بوزارة الرى، رئيسا للوفد، وعضوية الدكتور علاء ياسين عضو اللجنة ومستشار وزير الرى، وأحمد مدحت الأستاذ بالمركز القومى لبحوث المياه، والمهندس أحمد بهاء رئيس قطاع مياه النيل، والدكتور علاء الظواهرى أستاذ الهيدروليكا وهندسة الأنهار، والدكتور خالد خير الدين مدير معهد البيئة والتغيرات المناخية بوزارة الرى، والدكتور محمد رامى خبير هيدرولوجيا الأنهار.