انقلابيو النيجر يستعدون للتدخل العسكري

تشهد الحياة في نيامي، عاصمة النيجر، هدوءا حذرا بعد عاصفة الإطاحة بالرئيس محمد بازوم قبل شهر، وعلى الرغم من حالة السكون، فإن التوترات آخذة في الارتفاع، ففي مواجهة تهديد إيكواس بالتدخل العسكري لإعادة بازوم إلى منصبه، أكدت الدولتان المجاورتان بوركينا فاسو ومالي دعمهما للمجلس العسكري الحاكم.

واتفقت النيجر وبوركينا فاسو ومالي على إنشاء أمانة مشتركة للقضايا الأمنية، ووقع رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن العميد عبد الرحمن تشياني أمرين صادرين في 24 أغسطس 2023، يأذنان لقوات الدفاع والأمن في بوركينا فاسو ومالي بالتدخل في أراضي النيجر في حالة العدوان، ووضع القوات المسلحة في حالة تأهب قصوى تحسبا لأي اعتداء خارجي.

وردا على ذلك، أبلغت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا قادة الانقلاب في النيجر أنه لا يزال هناك وقت لإعادة النظر. ولا تزال الكتلة الإقليمية لغرب أفريقيا تهدد بالتدخل العسكري، لكنها تفضل نهجا أكثر دبلوماسية، وقال عمر أليو توراي، رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا: “حتى الآن، لم يفت الأوان بعد لكي يعيد الجيش النظر في تصرفاته ويستمع إلى صوت العقل لأن الزعماء الإقليميين لن يتغاضوا عن الانقلاب”. وتحاول (إيكواس) التفاوض مع قادة الانقلاب، لكنها نوهت إلى أنها مستعدة لإرسال قوات إلى النيجر لاستعادة النظام الدستوري إذا فشلت الجهود الدبلوماسية.

وفي نفس الوقت رفضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا أيضا اقتراحا قدمه المجلس العسكري في النيجر بشأن فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات إلى الحكم الديمقراطي، معتبرة ذلك “استفزازا”. وفي بادرة لتصاعد المعارضىة للنفوذ الفرنسي أمهلت وزارة الخارجية في النيجر، السفير الفرنسي والأمريكي والنيجيري 48 ساعة لمغادرة نيامي، وأكدت الوزارة في بيان أنه نظرا “لرفض سفير فرنسا في نيامي الاستجابة” لدعوتها إلى “إجراء مقابلة”، و”تصرفات أخرى من الحكومة الفرنسية تتعارض مع مصالح النيجر”، قررت السلطات سحب موافقتها على اعتماد السفير، سيلفان إيت، “والطلب منه مغادرة أراضي النيجر خلال مهلة 48 ساعة”.

وبعد الإطاحة بالرئيس الذي انتخب، في عام 2021، أعلنت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس”، في 10 أغسطس، عزمها على نشر قوة “لإعادة النظام الدستوري في النيجر” من دون أن تعرف تفاصيل عملية كهذه وموعدها خصوصا، وهو ما دعمته فرنسا بقوة، وتنشر فرنسا نحو 1500 جندي لمكافحة المتطرفين.

وبينما أعلنت فرنسا وهي من شركاء النيجر الدوليين الرئيسيين، دعمها الكامل لإيكواس، دعت الولايات المتحدة إلى إيجاد حل سلمي للأزمة. وتطالب دول عدة بالإفراج عن الرئيس المحتجز، بازوم، الذي لا يزال في المقر الرئاسي منذ الانقلاب.

ومن جانبها قالت وزارة الخارجية الأميركية إن مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية مولي في ستقوم بزيارة إلى عدد من الدول الأفريقية لبحث الأزمة في النيجر من بين قضايا أخرى. وذكر بيان صادر عن مكتب المتحدث باسم الخارجية الأميركية أن مساعدة الوزير ستسافر إلى نيجيريا وتشاد وغانا من 25 إلى 29 أغسطس الجاري وتجتمع في خلال هذه الرحلة برؤساء إقليميين لمناقشة الدعم الأميركي للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) والقيادة الإقليمية استجابة للأزمة في النيجر.

وأضاف البيان أن المسؤولة الأميركية ستستعرض خلال زيارتها لتشاد التطورات الحالية مع النيجر والسودان المجاورتين والانتقال السياسي في تشاد. كما أكد البيان أن مساعدة وزير الخارجية الأميركي ستطرح في كافة مناقشاتها “الأهداف المشتركة المتمثلة بالحفاظ على الديمقراطية التي حققتها النيجر بشق الأنفس وتأمين الإفراج الفوري عن الرئيس محمد بازوم وأسرته وأعضاء حكومته المعتقلين ظلما”.

وجاء في البيان “وستتشاور مساعدة الوزير مع مسؤولين رفيعي المستوى في بنين وساحل العاج والسنغال وتوغو، وتشدد على الدعم الأميركي للموقف المبني على المبادئ الذي اتخذته مجموعة إيكواس دفاعا عن الديمقراطية والنظام الدستوري”.

وفاقم الانقلاب في النيجر التوترات في منطقة الساحل حيث سقطت ثلاث حكومات أخرى في انقلابات عسكرية منذ 2020 فيما يسيطر مسلحون جهاديون على مساحات واسعة من الأراضي.