سحر رجب
بادرت الإدارة الأمريكية ممثلة في وزير خارجيتها أنتوني بلنكين في الوقوف إلى جانب اسرائيل قبيل ساعات من صدور محمكة العدل الدولية الخاص بإدانة جرائم الإبادة الجماعية التي تقترفها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني خلال الحرب على غزة بعد أحداث السابع من أكتوبر الماضي، فقد صرح الوزير الأمريكي بأن بلاده لاترى دلائل على أن اسرائيل ترتكب مثل هذه الجرائم، متجاهلاً قصف الأحياء السكنية والمدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس ومخيمات وأماكن اللجوء والنزوح، بل أنها استهدفت مدنيين يرفعون الرايات البيضاء اثناء محاولات النزوح من أماكن القصف.
ويأتي ذلك استباقاَ لقرار محكمة العدل الدولية المنتظر صدوره اليوم ويتوقع أن تستجيب المحكمة لطلب دولة جنوب أفريقيا مقدمة الدعوى بفرض وقف إطلاق النار باعتباره تدبيرا وقائيا لمنع وقوع المزيد من الجرائم الإسرائيلية التي تندرج تحت بنود اتفاقية منع الإبادة الجماعية الموقعة عليها اسرائيل، ويعتبر هذا القرار في حالة صدوره ضربة قاصمة للدعاية الإسرائيلية بأنها تدافع عن نفسها، وتضع مزيداَ من الضغوط الدولية المطالبة بالوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على غزة، ولكن يتوقع أيضا أن تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن عندما تتم إحالة القرار إلى مجلس الأمن الدولي وتمنع تنفيذه طبقاً للسوابق التاريخية التي اتخذتها الولايات المتحدة لمنع إدانة اسرائيل أو فرض عقوبات دولية عليها رغم انتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.
ويأتي ذلك في اطار الدعم السياسي الأمريكي الدائم والداعم لدولة الإحتلال الإسرائيلي حيث كانت الولايات المتحدة أول دولة تعترف بإسرائيل كدولة مستقلة في 14 مايو 1948 عندما أصدر الرئيس هاري ترومان بيان اعتراف عقب إعلان إسرائيل الاستقلال في نفس اليوم، ومنذ ذلك الحين، أصبحت اسرائيل ، ولا تزال، أهم شريك لأمريكا في الشرق الأوسط.
وتعتبر العلاقات بين البلدين هي الأفضل على مر السنوات، حيث قامت الولايات المتحدة بدعم إسرائيل في حرب 1967 وحرب أكتوبر1973، وقد قامت الولايات المتحدة بدعم إسرائيل بالمال والسلاح أثناء حروبها ضد الدول العربية، والولايات المتحدة تؤيد معظم خطوات إسرائيل بسبب قوة اللوبي اليهودي في الإدارات الأمريكية المتعاقبة سواء من الحزب الديمقراطي أو الجمهوري.
وتعتبر المساعدات الأمريكية الخارجية لإسرائيل أحد أهم ركائز العلاقات بين البلدين، فمنذ عام 1985، تلقت إسرائيل حوالي 3 مليارات دولار أمريكية سنوياً من الولايات المتحدة، مما جعل إسرائيل على قائمة الدول المتلقية للمساعدات من أمريكا في الفترة بين 1976 وحتى 2024، كما تعتبر إسرائيل من أكثر الدول التي تلقي المساعدات الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، وتلقت إسرائيل حوالي 8 مليارات دولار كمنح أمريكية، وحوالي 3.1 مليار كمساعدات عسكرية، ولذلك فإن العلاقات الثنائية بين الدولتين استراتيجية، وترتكز على أكثر من 3 مليار دولار من التمويل العسكري سنويا. وبالإضافة إلى الدعم المالي، تشارك الولايات المتحدة اسرائيل في عمليات متبادلة رفيعة المستوى، تشمل التدريبات العسكرية المشتركة، والبحوث العسكرية، وتطوير الأسلحة.
ووقفت الولابات المتحدة الأمريكية مساندة لإسرائيل منذ اللحظة الأولى لهجوم السابع من أكتوبر على بعض المستوطنات الإسرائيلية في منطقة غلاف غزة، وتنبت الإدراة الأمريكية الدعاية الإسرائيلية ورددتها ، وأعلن الرئيس الأمريكي تضامنه مع اسرائيل وأن لها الحق في اتخاذ أي خطوات لتحقيق أمنها، وأن لها الحق في الدفاع عن نفسها بكل السبل، وكانت هذه إشارة واضحة لبدء العدوان الإسرائيلي الوحشي والبربري علي غزة وحربها التي أستمرت أكثر من أربعة أشهر، وأسفرت عن استشهاد الآلاف من الفلسطنيين المدنيين وأكثرهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وفرضت حصاراً خانقاً وممتيا على ما يزيد عن مليوني نسمة، لايتوفر لهم الغذاء والدواء والمياه والوقود، وقصفت وفجرت أحياء سكنية بالكامل وفرضت عليهم النزوح للعيش في خيام لاتتوافر فيها أي امكانيات للحياة في ظل البرد والأمطار في جنوبي غزة.