اسرائيل تستهدف وكالة الأونروا

سحر رجب

أثار قرار محكمة العدل الدولية موجة من التأييد والترحيب على الصعيد الدولي والعربي والفلسطيني، حيث قررت المحكمة إلزام اسرائيل بوقف ومعاقبة كل من يدعو للإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، واتخاذ كافة التدابير لعدم استهداف المدنيين في غزة، وذلك في مرحلة أولية من نظر الدعوى التي تقدمت بها دولة جنوب أفريقيا متهمة اسرائيل بإرتكاب جرائم “إبادة جماعية” منتكهة نصوص الإتفاقية الدولية لمنع “الإبادة الجماعية” الموقعة عليها إسرائيل، وكانت إسرائيل قد طلبت من المحكمة عدم قبول تلك الدعوى، ولكن المحكمة قررت الإستمرار في محاكمة إسرائيل وسوف تصدر حكمها النهائي بصدد إرتكاب إسرائيل لهذه الجرائم التي تعتبر الشق الموضوعي في الدعوى خلال الفترة القادمة.

وهذا يعني إن قرار المحكمة يُلزم إسرائيل برفع الحصار عن المساعدات الأساسية “كالدواء والمياه والغذاء” وهو الأمر المهم جداً بالنسبة للناس الذين يموتون من الجوع، إلى جانب إلزام إسرائيل بتنفيذ ما ورد من طلبات أخرى للمحكمة، وأمرت المحكمة بعدم القتل أو التحريض على ارتكاب الإبادة ومنع التدمير وضمان الحفاظ على الأدلة المتعلقة بمزاعم ارتكاب إبادة الجماعية.

ويعد قرار المحكمة “هامٌ ومفصلي من أجل تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني”، إذ إن مجرد قبول النظر بالقضية من قبل محكمة العدل الدولية، وقبول اختصاصها وصلاحياتها في أصل الدعوى يشكّل انتصاراً لجنوب أفريقيا، حيث تم تثبيت حق جنوب أفريقيا بمخاصمة إسرائيل في تهم تتعلق بالإبادة الجماعية للفلسطينيين من أعلى هيئة قضائية دولية في العالم.

فيما رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاتهام بارتكاب إبادة جماعية، وقال في تصريح “إن مجرد الإدعاء بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين ليس زائفا فحسب، بل هو أمر شائن، ومجرد استعداد المحكمة لمناقشة هذا هو عار لن تمحوه أجيال”، وأكد نتنياهو مواصلة بلاده الدفاع عن نفسها.

وفي سياق متصل اتهمت اسرائيل بعض العاملين في وكالة “الأونروا” الخاصة بتقديم المساعدات الإنسانية للإجئين الفلسطنيين بأنهم شاركوا في هجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي، الأمر الذي أثار عاصفة من الردود الدولية بتعليق مساهمة الولايات المتحدة وبعض الدول في تمويل المنظمة بما يؤثر سلبيا على عمل المنظمة في دعم الفلسطنيين المحاصرين والذين يتعرضون للقصف اليومي من الجو والبر والبحر.

ومن جانبه عبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش “رعبه” بشأن الإدعاءات المتعلقة بالتورط المزعوم لعدد من موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في الهجمات على إسرائيل، وقال المتحدث الرسمي للأمين العام، ستيفان دوجاريك، في بيان إن جوتيريش “تواصل مع المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، واستمع لإيجاز منه بشأن هذه الإدعاءات الخطيرة للغاية التي تورط العديد من موظفي الأونروا في الهجمات”.

فيما قالت الخارجية الأميركية إن واشنطن منزعجة من مزاعم مشاركة 12 موظفا بالوكالة الأممية في هجوم حماس، مضيفة أنها قررت التعليق المؤقت لتمويلات مخصصة للأونروا، وقال وزير الخارجية الإيطالي، أنتونيو تاجاني، في تدوينة عبر منصة “إكس”، إن بلاده قامت “بتعليق تمويل الأونروا بعد الهجوم الوحشي الذي شنته حماس ضد إسرائيل في 7 أكتوبر”. من جانبها، أعربت وزيرة الخارجية الأسترالية، بيني وونغ، السبت، عن “قلق بالغ” من الاتهامات المساقة ضد “الأونروا”. وكتبت عبر منصة “إكس”: “نتواصل مع شركائنا وسنعلق مؤقتا دفع التمويلات”. وعلقت كندا أيضا تمويلها للأونروا بعد اتهامات إسرائيل، التي جعلت الوكالة تنهي عقود “عدة” موظفين لديها.

ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، في بيان: “من أجل حماية قدرة الوكالة على تقديم المساعدات الإنسانية، قررت إنهاء عقود هؤلاء الموظفين على الفور وفتح تحقيق حتى إثبات الحقيقة بدون تأخير”. وأضاف “كل موظف تورط في أعمال إرهابية يجب أن يُحاسَب، بما في ذلك من خلال ملاحقات قضائية”. وذكر بأن أكثر من مليونَي شخص في غزة يعتمدون على المساعدات الحيوية التي تقدمها الوكالة منذ بداية الحرب، وأن كل من يخون القيم الأساسية للأمم المتحدة يخون أيضا أولئك الذين نخدمهم في غزة وفي المنطقة وفي أماكن أخرى من العالم. وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن بلاده ستسعى لمنع “أونروا” من العمل في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب. وكتب عبر منصة “إكس”، أن وزارة الخارجية تهدف إلى ضمان “ألا تكون الأونروا جزءا من المرحلة” التي تلي الحرب، مضيفا أنه سيسعى إلى “حشد الدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأطراف مانحة أخرى رئيسية”.

ومن جانبها، طالبت منظمة التحرير الفلسطينية، الدول التي أعلنت وقف دعمها للأونروا بـ”العودة فورا عن قرارها”، معتبرة أنه ينطوي على “مخاطر كبيرة سياسية وإغاثية”. ودعت حركة حماس الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية إلى عدم الرضوخ، لما وصفته بـ”تهديدات وابتزازات” إسرائيل.

ويذكر أن وكالة الأونروا تأسست بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 ديسمبر عام 1949، “لتنفيذ برامج إغاثة وتشغيل مباشرة” للاجئين الفلسطينيين، وبدأت عملياتها في الأول من مايو عام 1950، وفق الموقع الرسمي للوكالة الأممية.