سحر رجب
تعد خطوة توحيد مصرف ليبيا المركزي بفرعيه في طرابلس وبنغازي بعد نحو عقد من التشرزم، فرصة يمكن البناء عليها لإنهاء الانقسام السياسي وإعداد البلاد لمرحلة جديدة تمهد لإجراء الإنتخابات التشريعية والرئاسية في الفترة المقبلة.
وجاء ذلك بعدما أعلن محافظ البنك الصديق عمر الكبير ونائبه مرعي مفتاح رحيل في بيان جاء فيه أن المصرف “عاد مؤسسة سيادية موحدة”، ويدير المصرف المركزي في طرابلس عائدات النفط والغاز في أكثر بلدان أفريقيا وفرة بإحتياطيات النفط وهو الذي يخصص الأموال لمختلف مؤسسات الدولة بما في ذلك الحكومة، مؤكدين “الاستمرار في بذل الجهود لمعالجة الآثار التي نجمت عن الانقسام”، وكان المحافظ الصديق عمر الكبير يتخذ من طرابلس مقرا له، فيما اتخذ مرعي مفتاح رحيل من بنغازي في الشرق مقرا للفرع المنافس، وكان قد انقسم مصرف ليبيا المركزي إلى فرعين في غرب وشرق البلاد منذ 2014.
وقال محافظ مصرف ليبيا المركزي، إن المصرف عاد مؤسسة سيادية موحدة، بعد قرابة عقد من الانقسام إلى فرعين بسبب الصراع داخل البلاد، في خطوة وجدت ترحيباً محلياً ودوليا واسعين، فيما رحّبت مصر ببيان بنغازي، وجددت دعمها الكامل لمؤسسات الدولة الليبية، على طريق استيفاء الأطر اللأزمة لإجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في أقرب وقت ممكن.
وجاء إعلان توحيد المصرف خلال اجتماع حضره مديرو الإِدارات والمستشارون في مصرف ليبيا المركزي بطرابلس وبنغازي. وفي أعقاب توحيد المصرف، تولى مفتاح رحيل منصب “نائب المحافظ”.
ولاتزال تتنافس حكومتان على السلطة أحدهما حكومة في الغرب برئاسة عبد الحميد دبيبة، والثانية حكومة في الشرق برئاسة أسامة حماد ويدعمها المشير خليفة حفتر، وتعقيبا على الخطوة رحّب المجلس الرئاسي بالجهود التي بذلت لتوحيد المصرف، وعودته كمؤسسة سيادية موحدة. وحث المجلس في بيان له إدارة المصرف على العمل على نفس الوتيرة لمعالجة الآثار التي نجمت عن حاله الإنقسام، وأخذه كمثل يُهتدى به لتوحيد باقي مؤسسات الدولة.
وبدوره بارك رئيس مجلس النواب عقيلة صالح توحيد المصرف المركزي. ودعا صالح جميع المؤسسات والهيئات في ليبيا إلى أن تحذو حذو هذه الخطوة الوطنية، في إنهاء حالة انقسام مؤسسات الدولة، الأمر الذي سيكون له الأثر البالغ على مصلحة الوطن والمواطن الليبي في كافة أنحاء البلاد. فيما دعا رئيس حكومة الوحدة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، محافظ مصرف ليبيا المركزي ونائبه، على استمرار جهودهم لمعالجة الإشكالات المترتبة عن الإنقسام السابق.
ومن جهة أخرى، جددت مصر دعمها الكامل لمؤسسات الدولة الليبية، على طريق استيفاء الأطر القانونية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في أقرب وقت ممكن، ودعت في بيان، الأطراف الدولية كافة، إلى مساندة هذه الجهود الوطنية الخالصة، في إطار الإلتزام بمبدأ دعم الحل الليبي- الليبي، حرصاً على استقرار ليبيا وسيادتها وتحقيقاً لتطلعات شعبها في الأمن والاستقرار.
وثمّنت الخارجية المصرية، البيان المشترك الصادر في بنغازي، عن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، وعقيلة صالح رئيس البرلمان، والمشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، وما تضمنه من تأكيد على الملكية الوطنية لأي مسار سياسي، وحوار وطني ليبي.
وقالت، إن نص البيان على دعوة رئيس المجلس الرئاسي، لاجتماع يضم رئاسة مجلسي النواب للتشاور، بهدف استكمال المسار السياسي الوطني، خطوة مهمة على مسار تحقيق أكبر قدر ممكن من التوافقات، بغرض إنجاز القوانين الانتخابية.
وفي ذات السياق، ثمّن رئيس الحكومة المعينة من البرلمان أسامة حماد ، كافة الجهود المَبذولة الداعمة لتوحيد المصرف الذي على ضوئه ستتم مُعالجة الآثار التي نَجمت عن الإنقسام.
كما رحّب دبيبة بالإعلان وقال: “هذه محطة مهمة في سبيل تعزيز أداء هذه المؤسسة السيادية الهامة، مع استمرار التزامنا بالتكامل وتعزيز إجراءات الشفافية والإفصاح التي تبنتها حكومتنا”.
وكانت عملية التوحيد قد بدأت في ديسمبر 2021 داخل البنك المركزي المنقسم منذ 2014، مثل العديد من مؤسسات الدولة الأخرى بسبب صراع القوى بين المعسكرين المتنافسين.
وحظي مصرف ليبيا المركزي في طرابلس باعتراف المجتمع الدولي وكذلك الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في طرابلس.
وأعاق وجود فرعين متنافسين تنفيذ سياسة نقدية واحدة في حين انخفض الدينار الليبي بشكل حاد منذ ثورة 2011 وسقوط نظام معمر القذافي.
وفي يوليو 2020، أعلنت الأمم المتحدة أنها انتهت من الإجراءات اللازمة لإجراء تدقيق دولي مستقل في حسابات الفرعين كخطوة رئيسية على طريق إعادة توحيدهما.
ورحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بإعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي، ودعت إلى توحيد باقي المؤسسات الليبية. وجاء في بيان نشر على الموقع الرسمي للبعثة، “ترحب بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإعلان عن الانتهاء من إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي”.
وأشادت البعثة ” بمحافظ مصرف ليبيا المركزي، الصادق عمر علي الكبير، ونائب المحافظ مرعي مفتاح رحيل، لاتخاذهما الإجراءات المعلنة بهدف استكمال عملية إعادة توحيد المصرف، ولإلتزامهما بمعالجة الآثار التي لحقت بهذه المؤسسة الوطنية جراء الانقسام”، وفقا للبيان.
وتابع البيان: “تأمل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن تساعد عملية إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي على إعطاء زخم جديد لجهود توحيد جميع المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية في البلاد، تلبية لتطلعات الشعب الليبي منذ مدة طويلة”.
ورحبت جامعة الدول العربية بالإعلان عن إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي،متطلعةً إلى أن تنعكس هذه الخطوة إيجاباً على الاقتصاد والواقع المعيشي للمواطنين الليبيين في مختلف أنحاء البلاد.
وقال جمال رشدي، المتحدث الرسمي بإسم الأمين العام للجامعة إن المأمول هو أن تمثل هذه الخطوة المهمة حافزاً لتوحيد باقي مؤسسات الدولة الليبية، التي عانت كثيراً جرّاء إنقسامها على مدار سنوات، وأن يضع هذا التطور نهاية لمسألة شفافية وعدالة توزيع عائدات الثروة الوطنية التي لطالما شكّلت نقطة خلاف جوهرية بين الأطراف السياسية الفاعلة.
وأشار المتحدث الرسمي إلى أهمية أن يكون هذا الإعلان بمثابة خطوة مُشجعة لجميع الفاعلين في ليبيا، لتنشيط العملية السياسية، والمضي بها قدماً نحو إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المُنتظرة، وذلك وفق قوانين انتخابية تضمن امتثال وقبول الجميع لنتائجها لاحقاً، وبما يُفرز مؤسسات حكم وطنية ليبية موحدة.
كما جدّد المُتحدث دعم جامعة الدول العربية لكل جهد مُخلص يهدف إلى توحيد كلمة الليبيين ورص صفوفهم وضمان وحدة البلاد وسلامة أراضيها وعدم التدخل بشؤونها، وأعرب عن استعداد الأمين العام لتوجيه مؤسسات العمل العربي المشترك المختصة، لتقديم المشورة والمساعدة الفنية لمصرف ليبيا المركزي للمضي قدماً في إجراءات توحيده.