شهدت العلاقات التركية – الإسرائيلية في الأيام الأخيرة توترا جديداً؛ بعدما أعلنت تركيا عن وقف تعاملاتها التجارية مع إسرائيل في محاولة منها للضغط من أجل وقف إطلاق النار وإنهاء معاناة الفلسطنيين في قطاع غزة والضفة الغربية، وجاء ذلك بعد استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لكل قيادات حماس السياسيين في أنقرة، في القصر الذي لا يفتح إلا لزعماء كبار لهم وضعية خاصة.
وفي نفس الوقت الذي أعرب الرئيس التركي خلاله عن استعداده استضافة قيادة الحركة -مما أقلق واشنطن وحليفتها الصهيونية معا-، جاءت تلك الخطوة التصعيدية بقرار وقف المعاملات التجارية مع الكيان الإسرائيلي.
فهل تنجح الضغوط التركية في تحقيق أهدافها؟.. في ظل التوتر القائم أيضا مع الإدارة الأمريكية بشان إعلان تركيا إمكانية استضافة قادة حركة حماس على أراضيها في حالة مغادرتهم للأراضي القطرية، وهو ما دفع واشنطن وتل أبيب للتراجع عن مطلب مغادرة قيادة حماس السياسية لقطر.
في هذا التقرير سنلقي الضوء على تطور العلاقات التركية الإسرائيلية والتصعيد الجاري للتوتر بينهما.
وزير التجارة التركي عمر بولات، اليوم الجمعة، كان قد صرح اليوم بأن وقف العلاقات التجارية مع إسرائيل سيستمر حتى يتم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، وتدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى القطاع.
وأضاف بولات في كلمة ألقاها في اسطنبول أثناء إعلانه عن عائد التجارة لشهر أبريل: أن موقف إسرائيل المتشدد والوضع المتدهور في غزة، دفعا تركيا إلى وقف التجارة، حيث بلغ حجم التجارة بين البلدين 6.8 مليار دولار في عام 2023.
وتأتي هذه التصريحات بعد إعلان وزارة التجارة التركية، أمس الخميس، عن وقف التعاملات التجارية مع إسرائيل، إلى “حين السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بلا قيود”.
وقالت الوزارة، في بيان لها، إنها بدأت “في المرحلة الثانية من الإجراءات المتخذة على مستوى الدولة، بإيقاف تعاملات التصدير والاستيراد مع إسرائيل، بما يشمل كافة المنتجات”.
ووفقا لوكالة الأنباء التركية “الأناضول” فأن أنقرة كانت قد قيدت في السابق تصدير ٥٤ نوعًا من مجموعة من البضائع إلي إسرائيل، ولكن السلطات الإسرائيلية واصلت عدوانها في قطاع غزة.
وأضافت الوزارة أن “الإجراءات الجديدة سيتم تطبيقها بشكل صارم وحاسم إلى أن تسمح الحكومة الإسرائيلية بتدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة دون انقطاع.
وأشارت إلى أن أنقرة ستقوم بتنسيق الجهود مع وزارة الاقتصاد في السلطة الفلسطينية لضمان أن يكون للقرار الحد الأدنى من التأثير على حياة الفلسطينيين.
وقبل الإعلان الرسمي من قبل الحكومة التركية عن قرارها، اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ”انتهاك الاتفاقيات التجارية مع إسرائيل من خلال إغلاق الموانئ أمام الواردات والصادرات الإسرائيلية” في أعقاب تقرير نشرته وكالة “بلومبرج نيوز” قال فيه مسؤولان تركيان إن بلادهما ستوقف التعاملات التجارية مع إسرائيل.
كما اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأنه يتصرف مثل “الدكتاتور”. وقال كاتس، إن أردوغان “يغفل مصلحة الشعب التركي، ومصلحة رجال الأعمال الأتراك، ويتجاهل الاتفاقات التجارية الدولية”.
وأضاف كاتس أنه أعطى تعليمات إلى وزارة الخارجية بأن تبحث عن بدائل للتجارة مع تركيا، بالتركيز على الإنتاج المحلي، والاستيراد من دول أخرى.
وحول تأثير قرار وقف التبادل التجاري مع اسرائيل، أعلن رئيس جمعية المصدرين الأتراك أنه ليس من السهل تعويض الخسارة المحتملة البالغة من ٦ إلى ٧ مليارات دولار التي تنجم علي تعليق التجارة مع إسرائيل. يذكر أن تركيا كانت أول دولة ذات أغلبية مسلمة، اعترفت بإسرائيل في عام 1949، لكن العلاقات شهدت توترا بين البلدين في العقود الأخيرة. ففي 2010، قطعت تركيا العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، بعد مقتل 10 ناشطين أتراك مساندين لفلسطين، على يد فرقة من الجيش الإسرائيلي اقتحمت باخرتهم، وهي تحاول كسر الحصار البحري الإسرائيلي، المفروض على غزة. وعادت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، إلى سابق عهدها، في 2016، لكن كلا منهما طرد سفير الدولة الأخرى، بعد سنتين من ذلك، بسبب خلاف بشأن مقتل فلسطينيين على يد إسرائيل، في احتجاجات على حدود قطاع غزة. وتزايد انتقاد أردوغان لإسرائيل منذ حملتها العسكرية الأخيرة على قطاع غزة، عقب هجوم حماس يوم 7 أكتوبر. ففي يناير الماضي قال أردوغان: إن “الحملة العسكرية، التي شنها رئيس الوزراء، بنيامين نيتنياهو، ردا على الهجوم الفلسطيني، لا تقل في شيء عما فعله هتلر”.