الجابون.. المحطة الأخيرة لـ «قطار الإنقلابات» في غرب أفريقيا

سحر رجب

تترقب الدول الإقليمية والدولية ما يحدث في الجابون، اليوم الخميس، بعد يوم من إعلان مجموعة من الضباط في الجيش الجابوني الاستيلاء على السلطة بعد وقت قصير من إعلان مركز الانتخابات فوز الرئيس علي بونجو بولاية ثالثة، بأقل من ثلثي الأصوات، في انتخابات شككت فيها المعارضة زاعمة أنها مزورة.

يحدث هذا وسط ترقب للخطوة التالية للمجلس العسكري الجديد بعد يوم من إطاحته بالحكومة وتعيين قائد جديد، هو الجنرال بريس أوليجي نجيما قائد الحرس الجمهوري في الجابون رئيسا مؤقتا للمرحلة الانتقالية بعد ظهور مجموعة من الجنود المحتفين بالانقلاب في فيديو متداول يتوسطهم العقيد بريس أوليجي أنجيما، الذي من المحتمل أنه  قاد الانقلاب ضد الرئيس بونغو.

يأتي ذلك في الوقت الذي ناشد فيه رئيس الجابون علي بونجو الشعب لمساعدته بعد أن أطاح به الجيش في انقلاب عقب إتهامه بإدارة البلاد بشكل “غير مسؤول”، عرضها للفوضى ووضعوه تحت الإقامة الجبرية، محاطا بعائلته وأطبائه، فيما أوقف أحد أبنائه نور الدين بونجو فالنتان ابن الرئيس بتهمة “الخيانة العظمى” ومستشاره المقرب، وإيان غيزلان نجولو رئيس مكتب بونجو، ومحمد علي ساليو نائب رئيس مكتبه، وعبد الحسيني وهو مستشار آخر للرئاسة، وجيسيي إيلا إيكوجا وهو مستشار خاص وناطق رسمي باسم الرئاسة، بالإضافة إلى أهم رجلين في الحزب الديموقراطي الجابوني القوي الذي يتزعمه بونجو.

وأوضح قادة الإنقلاب أنهم أوقفوا الرئيس بعد توجيه تهمة “ارتكاب الخيانة العظمى ضد مؤسسات الدولة واختلاس أموال عامة على نطاق واسع واختلاس مالي دولي ضمن عصابة منظمة وتزوير توقيع رئيس الجمهورية والفساد والاتجار بالمخدرات”.

يذكر أن انقلاب الجابون هو الإنقلاب الثامن في غرب ووسط إفريقيا منذ عام 2020، والثاني بعد النيجر في غضون خمس أسابيع.

علامات استفهام حول فرنسا

الغريب في الأمر أن معظم الانقلابات في إقليم غرب أفريقيا حدثت في دول ناطقة بالفرنسية وكانت تحت الاستعمار الفرنسي وسط إدانات دولية وإقليمية واسعة حيث شدد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، اليوم الخميس، على أنه لا يمكن مقارنة الانقلاب العسكري في الجابون بالانقلاب في النيجر، قائلا إنّ العسكريين في ليبرفيل تدخلوا بعد فوز الرئيس المخلوع علي بونجو في انتخابات شابتها مخالفات.

وقال بوريل من طليطلة الإسبانية على هامش اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الـ27: “الانقلابات العسكرية ليست الحل، لكن يجب ألا ننسى أنه في الجابون جرت انتخابات مليئة بالمخالفات”.

وأضاف أن تصويتا مزورا يمكن اعتباره بمثابة “انقلاب مؤسساتي” مدني.

إدانات دولية

فيما أدانت فرنسا الانقلاب العسكري الذي وقع في الجابون، كما ورد في تصريح للمتحدث باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران قائلا: “إن فرنسا تراقب الأحداث عن قرب وعبرت عن رغبتها في رؤية احترام نتائج الانتخابات حال معرفتها”.

كما أبدت الولايات المتحدة، قلقها لما آل إليه الوضع في الجابون، منذ سيطرة قادة عسكريون على السلطة، وعزل الرئيس.

وحثت الولايات المتحدة الجيش الجابوني على أن يحافظ على الحكم المدني، مبدية قلقها عقب إطاحة انقلابيين برئيس البلاد في أعقاب انتخابات رئاسية لم تكن محل وفاق.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في بيان: “نحض من هم في سدة المسئولية على إطلاق سراح أعضاء الحكومة وعائلاتهم وضمان سلامتهم والحفاظ على الحكم المدني.

البيان الأمريكي عبر أيضا عن القلق بشأن “غياب الشفافية والتقارير عن مخالفات أحاطت بالانتخابات” التي زعمت المعارضة أنها فازت بها.

أما إقليميا فقد أعلن مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، عن اجتماع عاجل لمجموعة الترويكا بوروندي والسنغال والكاميرون لتحليل الوضع في الجابون.

تاريخ الرئيس الجابوني

يذكر أن الرئيس الجابوني المنقلب عليه علي بونجو (64 عاما) تولى السلطة خلفا لوالده عمر بونجو الذي توفي إثر سكتة قلبية أثناء تلقيه العلاج من سرطان الأمعاء عام 2009، بعد ما يقرب من 42 عاما من شغل هذا المنصب.

وصل عمر بونجو (الأب) إلى السلطة في عام 1967، بعد سبع سنوات من حصول الجابون على استقلالها عن فرنسا، وحكم الدولة الصغيرة بقبضة حديدية، وفرض نظام الحزب الواحد لسنوات ولم يسمح بحكم التعددية إلا في عام 1991، رغم احتفاظ حزبه بقبضته على الحكومة..

بدأ علي بونجو (الابن) حياته السياسية عام 1981، حيث شغل منصب وزير الخارجية وعضو الكونغرس ووزير الدفاع قبل أن يصبح رئيسًا في عام 2009،.

عائلة بونجو لديها نصيب عادل من الانتقادات، خاصة في ضوء فجوة الثروة الهائلة في البلاد.

وكان قد خلص تحقيق للشرطة المالية الفرنسية في عام 2007 إلى أن عائلة بونجو تمتلك 39 عقارا في فرنسا و70 حسابا مصرفيا وتسع سيارات فاخرة تبلغ قيمتها الإجمالية 1.5 مليون يورو.

كان كل انتصار من الانتصارات الانتخابية الثلاثة التي حققها علي بونغو محل نزاع كبير، مما أدى في بعض الأحيان إلى إثارة احتجاجات عنيفة على مستوى البلاد، وقد شجبت المعارضة الانتخابات التي جرت هذا الأسبوع ووصفتها بأنها مزورة. ورفض فريق بونغو مزاعم حدوث مخالفات انتخابية.