خلاف أم ابتزاز اسرائيلي للولايات المتحدة الأمريكية؟

سحر رجب

شهدت الأيام الماضية تصعيدا في السجال بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول مايمكن أن تحققه اسرائيل من استمرار حربها على قطاع غزة، ومحاولة التوصل لاتفاق لوقف اطلاق النار واطلاق سراح الأسرى طبقا لخطة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي أقرها مجلس الأمن الدولي، وقد ظهرت هذه الخلافات صراحة في ظل تزايد الهجمات المتبادلة بين القوات الإسرائيلية وقوات حزب الله اللبناني على الحدود بين البلدين، وترقب توسيع نطاق المواجهات وتغيير قواعد الاشتباك الحالية بالدخول في حرب شاملة ضد لبنان، وفي هذا السياق جاءت تصريحات نتيناهو المتلفزة التي انتقد فيها تأخير إمداد اسرائيل بالإسلحة اللازمة وتعليق شحنات القنابل الثقيلة التي تحتاجها من الولايات المتحدة.

هذه التصريحات أثارت موجة من الغضب والإستنكار الأمريكي في صفوف الإدارة الأمريكية التي تعد الحليف الإستراتيجي والداعم السياسي والعسكري الأكبر لإسرائيل، وفي محاولة لإحتواء الموقف سيجتمع كلا من وزير الخارجية الأميركي ومستشار الأمن القومي الأميركي مع مسؤولين إسرائيليين لبحث العديد من القضايا، في لقاء يبدو أنه محاولة لتخفيف التوتر بين واشنطن وتل أبيب، خاصة بعد اتهام نتنياهو لبايدن بحجب شحنات من الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل.

وتعتبر تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو محاولة منه لممارسة مزيد من الضغط على الإدارة الأمريكية للحصول على ما يحتاجه من أسلحة، وقد أثمرت بالفعل هذه الضغوط بموافقة واشنطن على صفقة 50 طائرة مقاتلة من طراز F15 تقدر قيمتها بحوالي 18 مليار دولار، فضلا عن إعادة تقييم تأجيل ارسال الشحنة المعلقة من القنابل الثقيلة التي تزن 2000 رطل والتي كانت تتخوف الإدارة الأمريكية من استخدامها في عملية اقتحام رفح المكتظة بالسكان والنازحين، كما أعلنت الإدارة استمرارها في مد اسرائيل بكل ما تحتاجه من أسلحة ومعدات عسكرية.

وأعربت إدارة بايدن والحكومة الأميركية بمختلف أطيافها السياسية عن دعمها الواضح لإسرائيل، مؤكدين على أهمية الدفاع عن سيادتها وحماية مواطنيها وحقها في الوجود دون تردد أو تفاوض، ولكن تظل هناك تحفظات أمريكية تم التعبير عنها من قبل العديد من المسؤولين داخل الإدارة الأميركية، بما في ذلك وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان وحتى الرئيس الأميركي نفسه، حيث أكدوا جميعاً لنتنياهو على عدم إمكانية الاستمرار في نهج سياسة “الأرض المحروقة”.

وفي نفس الوقت ستبقى الولايات المتحدة داعمة لحق إسرائيل في الوجود وستبقى حليفًا للشعب الإسرائيلي، ومع ذلك، لا يمكنها تأييد رئيس وزراء إسرائيلي الذي يستغل أزمة إنسانية لتحقيق مكاسب سياسية شخصية، مما يؤدي إلى إلحاق الضرر بكل من الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني. حيث يواجه نتنياهو مأزقًا سياسيًا حقيقيًا ويحتاج لدعم اليمين المتشدد في منافسته على أصوات الناخبين في الإنتخابات القادمة.لذلك، يستخدم ورقة الخلاف مع الولايات المتحدة لكسب تأييد هذا التيار، ومن الواضح أن نيتنياهو يعرف جيدا أن إنهاء الحرب سيفضي إلى تشكيل لجنة تحقيق لتقصي الحقائق حول الإخفاقات التي تمت، وفشل الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك عدم إحراز تقدم ملموس في هذه الحرب وعدم إعادة المختطفين إلى ديارهم، وعدم تحقيق الأهداف المعلنة التي وضعت بسقف عالٍ جداً.

ويبدو أن هناك توافق واسع على أن أيام الحكومة الإسرائيلية أصبحت معدودة، إذا تمكنت من الصمود حتى نهاية دورة الكنيست الصيفية، فقد تكون قادرة على الاستمرار حتى نهاية عام 2024 أو بداية عام 2025 ولكن احتمالية استمرارها حتى موعد الانتخابات الأصلي في 2026 تبدو ضئيلة للغاية.

 

عن وجه افريقيا