طرابلس (رويترز) – انتشلت السلطات الليبية 105 جثث بعد غرق قارب مكتظ بالمهاجرين في البحر المتوسط وأعلنت أن نحو مئة غيرهم في عداد المفقودين تخشى موتهم.
وغرق القارب يوم الخميس بعد أن غادر زوارة وهي نقطة إنطلاق رئيسية يستخدمها المهربون لنقل مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء أو سوريا إلى إيطاليا مستغلين فراغا أمنيا في ليبيا التي توجد فيها حكومتان متنافستان وعشرات الجماعات المسلحة التي تسعى كل منها لبسط سيطرتها.
ومع الافتقار لسفن للبحرية أخذ المسؤولون الليبيون في البحث عن ناجين مستخدمين سفن صيد وزوارق مطاطية قدمها السكان. وأفاد المسؤولون بإنقاذ 198 شخصا بحلول الظهيرة.
وقال أيمن طلال -وهو أحد الناجين من سوريا وقد وقف بجوار ابنته- “القارب كان في حالة سيئة… مات ناس كانوا برفقتنا. أجبرنا على أخذ هذا الطريق. أصبح الآن يسمى قبر البحر المتوسط.”
ووضع مسؤولون أمنيون وسكان الجثث داخل أكياس حمراء على شاطئ تناثرت فوقه أحذية وسراويل وأمتعة شخصية أخرى تخص المهاجرين الغرقى. وأحضر زورق مطاطي أزرق اللون مزيدا من الجثث.
وقال إبراهيم العطوشي -وهو مسؤول بالهلال الأحمر في زوارة- “نحن… في الهلال الأحمر نعمل بدون أي شيء. يساعدنا بعض الصيادين بقارب. لا نملك سوى سيارة إسعاف واحدة.”
وأضحت ليبيا الغارقة في الفوضى مسارا رئيسيا لنقل المهاجرين الفارين من المعارك والفقر الساعين للوصول إلى أوروبا. وتستغل شبكات المهربين عبر الحدود الفوضى في هذا البلد لجلب السوريين إلى ليبيا عبر مصر أو مواطني دول جنوب الصحراء الكبرى عبر النيجر والسودان وتشاد.
وتقول جماعات حقوقية إن المهاجرين يدفعون آلاف الدولارات للعبور برا وبحرا ويتعرضون للضرب والتعذيب على أيدي المهربين الساعين للحصول على مزيد من المال من أجل المرحلة الأخيرة من الرحلة عبر البحر في قوارب متهالكة.
*لا تعاون
وقال مسؤول أمني ليبي طلب ألا ينشر اسمه إن المسؤولين الليبيين نقلوا 147 من الناجين إلى منشأة احتجاز للمهاجرين غير الشرعيين في صبراتة إلى الغرب من طرابلس.
وقال متحدث باسم قوات خفر السواحل الإيطالية التي تنسق عمليات الإنقاذ مع الاتحاد الأوروبي قبالة الساحل الليبي “لم نتلق طلب مساعدة.”
وقال شهود إن نحو مئة من سكان زوارة خرجوا غاضبين إلى الميدان الرئيسي بالمدينة يوم الخميس حين انتشر نبأ القارب الغارق وطالبوا السلطات بإيقاف عمليات تهريب البشر.
وسألت ليبيا الاتحاد الأوروبي العون بالتدريب والمعدات لقواتها البحرية التي تعرضت لتدمير واسع النطاق خلال انتفاضة 2011 التي أنهت حكم معمر القذافي.
لكن جميع عمليات التدريب والتنسيق توقفت في عام 2014 إذ قاطع الاتحاد الأوروبي الحكومة الموازية التي تسيطر على غرب ليبيا ودانت لها السيطرة في العاصمة طرابلس قبل عام بعد طرد رئيس وزراء الحكومة المعترف بها دوليا إلى الشرق.
ولا تتعامل القوى الغربية والعربية إلا مع الحكومة التي تعمل من الشرق ولا سيطر لها على المناطق الغربية التي تنطلق منها القوارب نحو جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.
وتنسق الأمم المتحدة محادثات سلام بين الحكومتين بغرض تشكيل حكومة وحدة لكن الفريق المستقر في طرابلس -الذي يعاني الانقسامات- رفض التوقيع على اتفاق مبدئي الشهر الماضي.
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن عدد اللاجئين الذين وصلوا إلى أوروبا عبر البحر المتوسط تجاوز 300 ألف هذا العام مقارنة مع 219 ألفا في عام 2014 كله.
وأضافت المفوضية أن أكثر من 2500 شخص قتلوا خلال الرحلات هذا العام ليس بينهم من يخشى أنهم غرقوا أمام الساحل الليبي في الساعات الأربع والعشرين الماضية. بينما قتل أو فقد العام الماضي 3500 مهاجر.
وتجد ليبيا صعوبات للتعامل مع تدفق المهاجرين فتضعهم في منشآت اعتقال مؤقتة كالمدارس أو الثكنات العسكرية حيث يعيشون في أوضاع سيئة مفتقدين للرعاية الطبية.