أخبار عاجلة

الصين ترسم ملامح اقتصاد 2026: سياسات استباقية ونمو عالي الجودة في صدارة الأولويات

سحر رجب

عقدت الصين مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي السنوي في بكين على مدار يومين، في حدث مفصلي رسم الإطار العام للتخطيط الاقتصادي لعام 2026 وبداية الخطة الخمسية الـ15 (2026–2030)، مؤكدة التزامها بتحقيق تنمية عالية الجودة وتعزيز القدرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

وألقى الرئيس الصيني شي جين بينج، الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، كلمة استعرض فيها حصيلة الأداء الاقتصادي لعام 2025، وحلل خلالها ملامح الوضع الاقتصادي الراهن، وحدد الاتجاهات الرئيسية للعمل الاقتصادي في المرحلة المقبلة.

عام استثنائي وإنجازات راسخة

وصف المؤتمر عام 2025 بأنه “عام استثنائي بكل المقاييس”، مشيراً إلى أن الأهداف الرئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية تحققت بنجاح، وأن الخطة الخمسية الـ14 (2021–2025) تُختتم بنتائج إيجابية عكست قدرة الصين على تجاوز الصدمات والتحديات وتعزيز منجزات الدولة والحزب.

وأكد المجتمعون أن الأسس الداعمة للنمو الاقتصادي طويل الأجل ما زالت قوية، رغم استمرار التحديات التقليدية والمستجدة، وتأثير التغيرات في البيئة الدولية، ووجود مخاطر محتملة في بعض القطاعات الحيوية.

سياسات كلية أكثر استباقية

وشدد المؤتمر على تبني سياسات اقتصادية كلية أكثر فاعلية وتأثيراً، تقوم على مبدأ “التقدم مع ضمان الاستقرار”، مع تعزيز التنسيق بين دعم الاقتصاد المحلي ورفع القدرة على مواجهة الصراعات الاقتصادية والتجارية الدولية، وتحقيق التوازن بين التنمية والأمن.

وفي هذا السياق، أكدت الصين استمرار العمل بسياسة مالية أكثر استباقية، مع ضبط مستويات العجز والدين العام ضمن الحدود الضرورية، إلى جانب تنفيذ سياسة نقدية معتدلة التيسير للحفاظ على سيولة كافية ودعم الطلب المحلي والابتكار والشركات الصغيرة والمتوسطة.

الطلب المحلي والابتكار محركا النمو

أوضح المؤتمر أن توسيع الطلب المحلي سيبقى محوراً رئيسياً في بناء سوق وطنية قوية، من خلال تعزيز الاستهلاك، وتوسيع توفير السلع والخدمات عالية الجودة، وإزالة القيود غير المبررة، ولا سيما في قطاع الخدمات.

كما جدد التأكيد على جعل الابتكار ركيزة أساسية للنمو، عبر تسريع تطوير قوى إنتاجية حديثة، وإنشاء مراكز دولية للابتكار التكنولوجي في بكين وشنغهاي ومنطقة خليج قوانغدونغ–هونغ كونغ–ماكاو الكبرى، إضافة إلى دفع مبادرة “الذكاء الاصطناعي بلس” وتحسين حوكمته.

تعميق الإصلاح والانفتاح

وشدد المؤتمر على ضرورة تعميق الإصلاحات الهيكلية، خاصة في الشركات والأصول المملوكة للدولة، وتحسين البيئة التشريعية الداعمة للقطاع الخاص، ومواجهة المنافسة غير الصحية. كما أكد أهمية المضي قدماً في الانفتاح المؤسسي، وتوسيع الانفتاح في قطاع الخدمات، وتسريع تطوير ميناء هاينان للتجارة الحرة.

وعلى الصعيد الخارجي، دعت القيادة الصينية إلى تعزيز التعاون عالي الجودة في إطار مبادرة الحزام والطريق، وتوسيع التجارة الرقمية والخضراء، والسعي لتوقيع المزيد من اتفاقيات التجارة والاستثمار الإقليمية والثنائية.

تنمية متوازنة وتحول أخضر

ركز المؤتمر على تعزيز التنسيق التنموي بين المناطق الحضرية والريفية، ودعم التنمية المتكاملة بين الأقاليم، مع ضمان الأمن الغذائي، والحفاظ على الأراضي الزراعية، ومواصلة مكافحة الفقر.

وفي مجال التحول الأخضر، أكد المؤتمر التزام الصين بتحقيق ذروة انبعاثات الكربون والحياد الكربوني، عبر تحسين كفاءة استخدام الطاقة، وتوسيع الاعتماد على الكهرباء النظيفة، وتطوير سوق وطنية لتجارة انبعاثات الكربون.

أولوية معيشة المواطنين والاستقرار الاجتماعي

أكد المؤتمر أن تحسين معيشة المواطنين سيظل في صدارة السياسات، من خلال استقرار التوظيف، ودعم خريجي الجامعات والعمال المهاجرين، وتحسين الخدمات التعليمية والصحية، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، إلى جانب الاهتمام بسلامة العمل والغذاء والدواء والوقاية من الكوارث.

كما شدد على ضرورة الوقاية الحكيمة من المخاطر، لا سيما في سوق العقارات وديون الحكومات المحلية، مع المضي قدماً في بناء “مساكن عالية الجودة”.

انطلاقة واثقة للخطة الخمسية الـ15

واختتم المؤتمر بالتأكيد على أهمية الالتفاف حول القيادة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، والعمل بكفاءة عالية لصياغة وتنفيذ الخطة الخمسية الـ15 على المستويين الوطني والمحلي، بما يضمن بداية قوية لمسار تنموي مستدام وعالي الجودة.

حضر المؤتمر كبار قادة الدولة، وألقى رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ كلمة ختامية أكد فيها ضرورة ترجمة التوجيهات الاستراتيجية إلى سياسات عملية تضمن إنجاز مهام العمل الاقتصادي للعام المقبل على أكمل وجه.

عن وجه افريقيا