سحر رجب
شهدت جمهورية الكونغو الديمقراطية واحدًا من أسوأ تفشيات مرض الكوليرا منذ أكثر من 25 عامًا، في أزمة صحية آخذة بالاتساع وتهدد حياة مئات الآلاف من السكان، خصوصًا الأطفال.
ورغم جهود السلطات الصحية والمنظمات الإنسانية، لا يزال المرض يحصد الأرواح بوتيرة مقلقة في ظل بنية تحتية منهكة وظروف معيشية قاسية.
ارتفاع قياسي في الإصابات والوفيات
وفق تقرير صادر عن منصة “جلوبال ساوث وورلد”، سجّلت السلطات الصحية في البلاد 64,427 إصابة منذ بداية العام، بينها 41,818 طفلًا، فيما بلغ عدد الوفيات 1,888 حالة، من بينهم 340 طفلًا.
وتشير هذه الأرقام إلى مستوى تفشٍ غير مسبوق منذ ربع قرن، في وقت تواجه فيه البلاد انتشارًا مستمرًا في عدة محافظات يصعب الوصول إليها.
أسباب تفاقم الأزمة
يرتبط اتساع دائرة التفشي بعدد من العوامل المتداخلة، أبرزها:
ضعف البنية الصحية
تعاني المستشفيات والمراكز الطبية من نقص حاد في الكوادر والتجهيزات الأساسية لمكافحة المرض.
أزمة مياه خانقة
غياب شبكات مياه نظيفة في العديد من المناطق يدفع السكان لاستخدام مصادر ملوثة، ما يضاعف فرص انتشار العدوى.
الازدحام السكاني
المخيمات والمناطق الحضرية الفقيرة المكتظة تجعل من المستحيل تقريبًا تطبيق إجراءات النظافة المطلوبة.
النزوح الداخلي المستمر نتيجة الصراعات، ما يُضعف قدرة الدولة على التدخل الفعّال.
الأطفال… الضحية الأكبر
دفع الأطفال الثمن الأكبر لهذه الكارثة الصحية، ليس على مستوى الإصابات والوفيات فحسب، بل أيضًا على مستوى التعليم والصحة النفسية.
فالعديد من المدارس أغلقت أبوابها في المناطق المتضررة، بينما يواجه الأطفال الذين نجوا من المرض حالة من الاضطراب النفسي والخوف المستمر من الإصابة، إضافةً إلى سوء التغذية الذي يزيد من ضعف مناعتهم.
جهود على الأرض… لكنها غير كافية
تبذل السلطات الصحية والمنظمات الدولية جهودًا لاحتواء التفشي عبر:
حملات تطهير للمياه
توفير محاليل الإماهة الفموية
تقديم اللقاحات في بعض المناطق
تعزيز التوعية المجتمعية
إلا أن هذه الجهود تصطدم بواقع أمني وصحي معقد، يجعل الاستجابة أقل بكثير من مستوى الأزمة.
تحذيرات ودعوات عاجلة
يحذر خبراء الصحة العامة من أن استمرار الوضع على ما هو عليه قد يؤدي إلى توسع التفشي في مناطق جديدة داخل البلاد وخارجها، داعين المجتمع الدولي إلى:
زيادة الدعم الطبي والمالي
تحسين شبكات المياه والصرف الصحي
تمويل برامج تطعيم واسعة
دعم مشاريع التعليم وحماية الطفل خلال الأزمات
وتواجه الكونغو الديمقراطية اليوم أكبر تحدٍ صحي منذ عقود، في معركة لا تزال مفتوحة مع وباء يهدد حياة السكان ومستقبل الأطفال.
وفي ظل الظروف الحالية، تبقى استجابة المجتمع الدولي والمحلي هي العامل الحاسم في منع تحول هذه الأزمة إلى كارثة ممتدة الأمد.
وجه أفريقيا رئيس التحرير: سحر رجب