أخبار عاجلة

 قرار 2797: الأمم المتحدة تحتضن الحكم الذاتي .. باب الفصل في ملف الصحراء الغربية يفتح على مصراعيه

سحر رجب

يشكل قرار مجلس الأمن رقم 2797، الصادر في 31 أكتوبر 2025، منعطفاً حقيقياً في مسار النزاع حول الصحراء الغربية الذي استمر  خمسون عاما من النزاع، ويعبّر فيه بوضوح عن دعمه لمقترح مبادرة الحكم الذاتي المغربية كـ «حل واقعي وجدي» للنزاع حول هذه الصحراء.

فقد أكد المجلس، بأغلبية مريحة، دعمه الواضح لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب عام 2007، لإنهاء النزاع المزمن الذي استمر لما يقارب نصف قرن.

ويأتي هذا القرار بدعم مباشر من الولايات المتحدة التي تولّت صياغة مشروعه، وبموافقة 11 عضواً من أصل 15، فيما امتنعت روسيا والصين وباكستان عن التصويت، بينما لم تشارك الجزائر في العملية.

كما جدد القرار ولاية بعثة “مينورسو” لمدة عام آخر، مما يعكس رغبة المنظمة الدولية في الحفاظ على الاستقرار الميداني بالتوازي مع الدفع نحو حل سياسي نهائي.

دول واسعة تؤيد الحكم الذاتي

تُظهر قائمة الدول التي صوّتت لصالح القرار مدى التحول في الموقف الدولي تجاه مبادرة الحكم الذاتي المغربية.

فقد انضمت إلى الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة كلٌّ من الدنمارك واليونان وسلوفينيا وكوريا الجنوبية وسيراليون وغيانا وبنما والصومال، في دعم صريح للخطة المغربية.

هذا التحالف ـــ الذي يجمع قوى غربية كبرى ودولاً أوروبية وإفريقية وآسيوية ـــ يعكس اتجاهاً دولياً نحو دعم حل يضمن الاستقرار في المنطقة ويستجيب لمعايير «الواقعية السياسية» التي باتت الأمم المتحدة تشدد عليها في معالجة النزاعات الإقليمية.

مرحلة ما بعد 31 أكتوبر 2025

في خطاب وطني تعقيباً على القرار، وصف الملك محمد السادس اللحظة بأنها «مرحلة فاصلة في تاريخ المغرب الحديث»، مؤكداً أن البلاد تدخل «منعطفاً حاسماً» بعد عقود من الجهود الدبلوماسية.

وشدد على أن مغربية الصحراء أصبحت «حقيقة راسخة دولياً»، وأن الاعتراف الدولي بالسيادة الاقتصادية للمملكة على أقاليمها الجنوبية «تزايد بشكل لافت»، خصوصاً بعد قرارات دول كبرى كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا.

كما أعلن العاهل المغربي أن الرباط ستقدم إلى الأمم المتحدة «صيغة محدّثة» لمبادرة الحكم الذاتي، في خطوة تعكس رغبة المغرب في تعزيز مسار التسوية السياسية وملاءمته مع السياق الدولي الجديد.

انعكاسات القرار: قواعد جديدة للنزاع

يعتبر القرار 2797 محطة تضع مبادرة الحكم الذاتي في قلب النقاش الأممي، وتقلّص عملياً حضور مقترح الاستفتاء الذي ظل محورياً في طرح جبهة البوليساريو لعقود.

ووفق مراقبين، فإن تبني المجلس للمبادرة باعتبارها «واقعية ومنسجمة مع القانون الدولي» يضع الأطراف الأخرى، خصوصاً الجزائر والبوليساريو، أمام مسؤولية الالتحاق بمسار تفاوضي جديد مبني على الواقعية، وليس على الطروحات التي أثبتت محدوديتها خلال العقود الماضية.

ردود فعل متباينة

في حين رحّبت الرباط ودول عربية وإفريقية عديدة بالقرار، صدرت عن جبهة البوليساريو مواقف رافضة، رأت أن القرار «لا يلبي مطالب تقرير المصير بالشكل الذي تريده».

كما اعتبرت الجزائر، التي امتنعت عن التصويت، أن النص «غير متوازن»، رغم أن أعضاء المجلس أكدوا أن المبادرة المغربية هي الوحيدة التي تحظى بدعم واسع داخل الأمم المتحدة.

في المقابل، رأى محللون دوليون أن القرار يمثل «أكبر تحول» في موقف مجلس الأمن منذ بداية النزاع، وأن العالم بات ينظر إلى الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية باعتباره الإطار العملي الوحيد القابل للتطبيق.

مستقبل الملف: بين الفرص والاختبارات

يرى مراقبون أن الملف دخل بالفعل «مرحلة الحسم»، لكن تثبيت هذا التحول سيعتمد على مدى انخراط الأطراف في العملية السياسية، وعلى قدرة الأمم المتحدة على إدارة المرحلة المقبلة بفعالية.

كما أن تنامي الاستثمارات الدولية في الأقاليم الجنوبية سيعزز من موقع المغرب، ويحوّل المنطقة إلى قطب اقتصادي إقليمي كما يشدد الخطاب الرسمي المغربي.

فالقرار  2797 ليس مجرد وثيقة أممية جديدة، بل هو إعلان دولي واضح بأن مبادرة الحكم الذاتي المغربية أصبحت المرجعية الأساسية للحل.

وبين الترحيب الواسع والتحفظات المحدودة، تبدو ملامح المرحلة المقبلة أكثر وضوحاً: نحو تسوية سياسية تقوم على الواقعية، وعلى مقاربة تنموية تعزّز استقرار المنطقة برمتها.

عن وجه افريقيا