سحر رجب
في خطاب حمل رؤية استراتيجية وتحذيرات واضحة، أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، خلال مشاركته في قمة الذكاء الاصطناعي نحو المستقبل المنعقدة في تونس في 2 ديسمبر 2025، أن العالم يقف على أعتاب تحول تاريخي تقوده التقنيات الذكية، داعياً إلى ضرورة تسخير الذكاء الاصطناعي كقاطرة للتنمية المستدامة، مع التحسب للمخاطر المتنامية التي تواكب تسارع هذا التطور.
وشهدت الجلسة حضوراً رفيعاً تقدمه كل من دورين بوجدان مارتن الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات، وسفيان الهميسي وزير الاتصالات التونسي، إضافة إلى شخصيات دولية وإقليمية فاعلة في مجالات التكنولوجيا والتنمية الرقمية.
تحولات كبرى.. وفرص بلا حدود
أبو الغيط أوضح أن شعار القمة “من مجتمع المعلومات إلى مجتمع الذكاء” يلخص طبيعة اللحظة التاريخية الراهنة، مشيراً إلى أن الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام (AGI) سيُحدث تغييراً شاملاً في مختلف مجالات الحياة، من الاقتصاد والطب إلى الأمن والدفاع، وقد يفتح الباب أمام طفرة اقتصادية عالمية مضاعفة عبر خفض التكاليف وتعظيم الإنتاجية.
وأكد أن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفاً تقنياً، بل محركاً أساسياً للتقدم البشري، إذا ما تم توظيفه بشكل مسؤول وواعٍ يخدم التنمية ويعزز رفاه الإنسان.
مخاطر السباق المحموم
في المقابل، حذر الأمين العام من مخاطر “سباق التسلح التكنولوجي” بين القوى الكبرى والشركات العملاقة، واصفاً إياه بأنه “سباق محموم قد يقود إلى استثمارات غير محسوبة، وربما فقاعة تكنولوجية قابلة للانفجار”.
وتساءل أبو الغيط بلهجة صريحة:
من سيضبط هذه القوة الهائلة؟ وما الضمانات أن تكون قرارات الذكاء الاصطناعي في صالح البشرية؟
مشيراً إلى مخاطر تفاقم الفجوة الرقمية، واحتمالات فقدان مئات الآلاف من الوظائف نتيجة اعتماد الشركات المتزايد على الأنظمة الذكية، فضلاً عن الهواجس المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير أسلحة ذاتية التشغيل.
فرصة عربية حقيقية
ورغم التحديات، شدد الأمين العام على أن أمام الدول العربية فرصة استراتيجية لإيجاد موقع مؤثر في خريطة الذكاء الاصطناعي العالمية، خاصة في ظل الشراكات النوعية التي عقدتها بعض دول الخليج مع كبرى الشركات الدولية، والاستثمارات الضخمة في مراكز البيانات والبنية التحتية الرقمية.
وأضاف أن مواكبة هذه التحولات تتطلب تركيزاً عربياً على بناء القدرات البشرية، وإعداد جيل متمكن في مجالات البرمجة والعلوم الرقمية، إلى جانب برامج تدريبية ضخمة للتعامل مع التحولات المتسارعة في سوق العمل.
خطوات عربية لتعزيز الحضور الرقمي
واستعرض أبو الغيط عدداً من الخطوات العربية البارزة خلال العام الجاري، من بينها:
اعتماد الاستراتيجية العربية للذكاء الاصطناعي من قبل مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات.
إطلاق المبادرة العربية للذكاء الاصطناعي خلال القمة التنموية في بغداد.
إقرار الميثاق العربي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي لضمان الاستخدام المسؤول والعادل للتقنيات الذكية.
المشاركة العربية الفعالة في المؤتمر العالمي لتنمية الاتصالات في أذربيجان.
ووجّه أبو الغيط تهنئة خاصة للسيدة دورين بوجدان مارتن على نجاح المؤتمر الذي يرسم مسار عمل قطاع التنمية في الاتحاد الدولي للاتصالات للأعوام الأربع القادمة.
وفي ختام كلمته، أكد الأمين العام أن “المستقبل يتشكل الآن”، وأنه لا ينبغي للدول العربية أن تقف على هامش هذا التحول العالمي، بل أن تكون شريكاً فاعلاً فيه، قادراً على صياغة موقعه في عالم يتغير بسرعة غير مسبوقة.
كما وجّه شكره إلى الجمهورية التونسية والمنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات على تنظيم هذا الحدث الدولي، مشيداً بما يمثله من منصة رائدة للحوار حول مستقبل الذكاء الاصطناعي في المنطقة.
وجه أفريقيا رئيس التحرير: سحر رجب