أخبار عاجلة

ترامب يمنح الموافقة على عمليات سرية للـCIA في فنزويلا، وكراكاس تندد بانتهاك “القانون الدولي”

سحر رجب

في خطوة أثارت توترات إقليمية متجددة، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، أنه منح موافقة رسمية لوكالة المخابرات المركزية (CIA) لإجراء عمليات سرية داخل الأراضي الفنزويلية، بهدف مكافحة تهريب المخدرات والمهاجرين غير الشرعيين.

ومن جانبها استنكرت الحكومة الفنزويلية بشدة هذا التفويض، واصفة إياه بانتهاك صارخ للقانون الدولي وميثاق الأمام المتحدة.

وقال الرئيس مادورو في بيان رسمي إن “الـCIA ليست مرحب بها هنا، ولا مكان لانقلاباتها”، محذراً من أن هذه الخطوات تهدف إلى “تغيير النظام” للسيطرة على موارد فنزويلا النفطية.

وأضاف أن الإجراءات الأمريكية تمثل “غزواً مباشراً”، مشيراً إلى تاريخ الوكالة في التدخلات الخارجية، مثل انقلابات أمريكا اللاتينية في القرن الماضي.

بينما وصف ترامب هذه الإجراءات بأنها ضرورية لوقف تدفق “كميات هائلة من المخدرات القادمة من فنزويلا”، مشدداً على دورها كمركز رئيسي لتهريب الفنتانيل، رغم أن السجلات الرسمية الأمريكية تشير إلى أن المكسيك هي المصدر الأكبر لهذا المخدر القاتل.

ورفض ترامب التعليق صراحة على ما إذا كانت هذه العمليات تشمل إمكانية التعامل مع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، قائلاً إن “الـCIA ليست مسؤولة عن الإعدامات”.

جاء هذا الإعلان في أعقاب تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، كشف عن تفويض سري صادر عن إدارة ترامب يسمح للـCIA بإجراء عمليات قاتلة محتملة في فنزويلا، بالإضافة إلى توسيع نطاق العمليات في منطقة الكاريبي.

وأوضح مسؤولون أمريكيون أن الاستراتيجية تهدف إلى “إزاحة مادورو عن السلطة”، مستندة إلى اتهامات بتورطه في شبكات تهريب دولية.

وفي سياق متصل، أعلنت وزارة العدل الأمريكية في أغسطس الماضي مضاعفة المكافأة على معلومات تؤدي إلى اعتقال مادورو وإدانته بتهم تهريب المخدرات إلى 50 مليون دولار، واصفة إياه بـ”أحد أبرز زعماء الناركو في العالم”.

كما كشف مصدر حكومي في كراكاس عن خطاب أرسله مادورو إلى ترامب في سبتمبر الماضي، يعرض فيه تعاوناً في مكافحة المخدرات مقابل وقف الضربات العسكرية، لكنه لم يتلقَ ردًا.

وتأتي هذه التطورات في ظل تصعيد عسكري أمريكي مستمر في المنطقة، حيث أمر ترامب منذ بداية سبتمبر الماضي بشن أكثر من خمس ضربات جوية على قوارب مشتبه بها في تهريب المخدرات من فنزويلا عبر الكاريبي، أسفرت عن مقتل 27 شخصاً على الأقل.

ونشر ترامب ووزير الدفاع بيت هيغسيث مقاطع فيديو قصيرة على منصات التواصل توثق هذه العمليات، لكن الإدارة أحجمت عن تقديم أدلة مفصلة تربط الأهداف بعصابات المخدرات.

ومن جانبه أعلنت الإدارة في رسالة إلى الكونغرس أن الولايات المتحدة أصبحت “منخرطة في نزاع مسلح” مع هذه الجماعات، مستخدمة الأساس القانوني نفسه الذي استخدم ضد تنظيمي القاعدة و”داعش”، مما يبرر الضربات دون موافقة تشريعية إضافية.

ومع ذلك، أثار هذا التصعيد انتقادات حادة داخل الكونغرس الأمريكي، حيث أعرب أعضاء من الطرفين الجمهوري والديمقراطي عن “إحباط شديد” من نقص المعلومات الاستخباراتية والاستراتيجية التي تستند إليها الإدارة.

ونقلت شبكة “إن بي سي نيوز” عن ستة مصادر في الكابيتول أن المشرعين يغادرون الإحاطات “غاضبين”، مطالبين بمقاطع فيديو غير معدلة للتحقق من دقة الأهداف، لكن الإدارة ترفض تقديمها.

وأبرزت المخاوف من احتمال قتل مدنيين أمريكيين أو أبرياء آخرين، بالإضافة إلى تساؤلات حول الأساس القانوني والردود المحتملة من العصابات، مثل هجمات انتقامية داخل الولايات المتحدة.

وقال أحد المصادر الجمهوريين إن “الإجابات غير شافية تماماً”، مشدداً على الحاجة إلى تفاصيل عن كيفية التحقق من الأهداف وارتباطها بتهريب المخدرات إلى أمريكا.

رغم ذلك، صوت أعضاء جمهوريون في مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي ضد اقتراح يتطلب موافقة الكونغرس قبل المزيد من الهجمات، مما يعكس انقساماً داخل الحزب الحاكم.

يُعتبر هذا التصعيد جزءاً من استراتيجية أوسع لإدارة ترامب للضغط على فنزويلا، حيث أفادت تقارير أن الجيش الأمريكي يدرس خيارات لضربات على أهداف برية داخل البلاد، مما قد يعرض المدنيين لمخاطر أكبر.

وفي تصريح لـ”سي إن إن”، حذرت زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو، الحائزة على جائزة نوبل للسلام 2025، من أن “التدخل العسكري لن يحل الأزمة”، داعية إلى دعم أكبر للمعارضة السلمية.

وسط هذه التوترات، يخشى مراقبون دوليون من أن يؤدي التصعيد إلى أزمة إقليمية أوسع، خاصة مع تزايد القوات الأمريكية في جنوب الكاريبي، مما يهدد بإعادة إشعال الصراعات في أمريكا الجنوبية.

ويبقى السؤال مفتوحاً: هل ستصل هذه العمليات إلى قلب كراكاس، أم ستبقى محصورة في مكافحة المخدرات؟

عن وجه افريقيا