د. شائع الزنداني: عمود الدبلوماسية اليمنية في زمن العواصف

سحر رجب

في أروقة الدبلوماسية اليمنية، حيث تتقاطع التحديات السياسية مع الطموحات الوطنية، يبرز الدكتور شائع محسن الزنداني كرمز للإخلاص والكفاءة.

كوزير للخارجية وشؤون المغتربين في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، لم يكن الزنداني مجرد مسؤول حكومي، بل قائد دبلوماسي يجسد معاني المسؤولية في أحلك الظروف.

وسط نزاعات داخلية وتوترات إقليمية، نجح في إعادة هيبة السياسة الخارجية اليمنية، محولاً التحديات إلى فرص لتعزيز الدور اليمني على الساحة العالمية.

تاريخ حافل بالإنجازات الدبلوماسية

ولد الدكتور شائع الزنداني في مديرية جحاف بمحافظة الضالع، وسرعان ما رسم مسيرة مهنية امتدت لأكثر من 35 عاماً في عالم الدبلوماسية والقانون الدولي. حاصل على دكتوراه في القانون، إلى جانب دكتوراه فخرية في العلاقات الدولية والسياسية، كان الزنداني من الرواد في صياغة أسس السياسة الخارجية اليمنية بعد الوحدة التاريخية عام 1990. شغل مناصب رفيعة المستوى، بما في ذلك:

وزير مفوض قائم بأعمال سفارة اليمن الديمقراطية في بغداد (1981-1982).

نائب وزير الخارجية للجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية (1986-1990)، ثم للجمهورية اليمنية الموحدة (1990-1993).

سفير اليمن لدى المملكة المتحدة (1993-1994).

مستشار الوفد الدائم لليمن لدى الأمم المتحدة في جنيف (1994-1997)، وسفير في إيطاليا (2006-2010)، بالإضافة إلى مناصب غير مقيمة في اليونان، ألبانيا، صربيا، والأردن (2010-2014).

مندوب دائم لليمن لدى منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، وسفير فوق العادة ومفوض لدى الأردن (2010-2015).

قنصل يمني في السعودية، قبل تعيينه سفيراً في ديسمبر 2016.

لم تقتصر إسهاماته على المناصب الرسمية؛ فقد ترأس وفداً يمنياً في اجتماع وزراء الخارجية العرب بمناسبة إعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990، وكان رئيساً فخرياً لجمعية الصداقة البريطانية-اليمنية (1992-1995).

كما شغل عضويات في هيئات دولية مثل اللجنة العليا للإصلاح السياسي والاقتصادي (1989)، ومجلس تعزيز التفاهم العربي البريطاني، ومنتدى الفكر العربي.

ومن الإنجازات الأكاديمية، محاضراته في كلية الحقوق بجامعة عدن (1988-1990)، وعضويته في المجلس المركزي لاتحاد الحقوقيين اليمنيين منذ 1980، بالإضافة إلى رئاسته للاتحاد الوطني العام لطلبة اليمن عام 1974.

وفي تتويج لجهوده، حاز على وسام الاستقلال وميدالية التفوق العلمي.

إعادة بناء الدبلوماسية في زمن النزاع

مع توليه وزارة الخارجية، واجه الزنداني اختباراً صعباً: إعادة بناء مؤسسة تعرضت لسنوات من النزاع والعرقلات السياسية.

لم يتوقف عند الإدارة الروتينية؛ بل سعى جاهداً لجعل الدبلوماسية اليمنية فاعلة في المحافل الدولية. حرص على تعزيز العلاقات مع الدول العربية والقوى الكبرى، مما أدى إلى تحسين الموقف اليمني في الأوساط الدولية. في كل خطوة، يظهر الزنداني كدبلوماسي يجمع بين الخبرة الأكاديمية والعملية، مستمداً قوته من رؤية وطنية شاملة تهدف إلى الاستقرار الإقليمي والاعتراف بحقوق اليمن.

ما يميز الزنداني حقاً هو تواضعه وانفتاحه على الناس. مكتبه ليس حصناً مغلقاً، بل فضاءً مفتوحاً يستقبل الزوار بابتسامة، ويرد على المكالمات في أي وقت – من منتصف الليل إلى الصباح الباكر.

يتعامل مع المواطنين والموظفين كأصدقاء، مشجعاً على التواصل المباشر.

هذا النهج ليس مصادفة، بل جزء من فلسفته في بناء بيئة تشجع على الابتكار والتطوير، حيث يحدث السياسات لتواكب التغييرات المحلية والدولية، بعيداً عن الدوافع الضيقة.

قائد يستحق الاحترام

في زمن تفتقر فيه السياسة إلى الإخلاص، يظل الدكتور شائع الزنداني استثناءً نادراً. إنه المسؤول الوحيد الذي يستحق الاحترام والتقدير الكامل، ليس فقط لإنجازاته التاريخية، بل لالتزامه المستمر بإيجاد حلول دبلوماسية تضمن لليمن دوراً فاعلاً في العالم. كما قال أحد المقربين منه: “الزمان يختبر الأشخاص، والزنداني اجتاز الاختبار بتفوق”.

ومع استمرار التحديات، يبقى الزنداني عموداً يدعم آمال اليمنيين في مستقبل أفضل.

 

عن وجه افريقيا