سحر رجب
في أجواء دافئة تعكس الترابط الأخوي بين شعبيْنِ، افتتح السفير عبد الله الرحبي، سفير سلطنة عُمان بالقاهرة والمندوب الدائم لدى الجامعة العربية، فعالية حول “السياحة بين عُمان ومصر: الفرص وآفاق التعاون”، في مقر “بيت عُمان” بالعاصمة المصرية.
الفعالية، التي نظمت بالتعاون بين وزارة التراث والسياحة العُمانية وسفارة السلطنة، جاءت في إطار خطط مسقط الطموحة لترويج المقومات السياحية العُمانية، وجذب الاستثمارات، وعرض الفرص الواعدة، بهدف تعزيز الشراكات الاستراتيجية بين البلديْنِ.
بدأ السفير الرحبي كلمته الرئيسية بترحيب حميم قائلا : “أرحب بِكُمْ جَمِيعًا فِي بَيْتِ عُمان فِي مِصْرَ، فِي هَذَا اللِّقَاءِ الَّذِي يَجْمَعُنَا حَوْلَ مِحْوَرٍ حَيَوِيٍّ وَهَامٍّ”، مشدِّدًا على أن هذا الحوار يأتي “عَلَى بَرَكَةِ اللهِ”، راجيًا أن يُثْمِرَ تعاونًا يخدم تطلُّعات الشَّعْبَيْنِ الشَّقِيقَيْنِ.
وفي سياق رؤية عُمان 2040، أبرز الرحبي كيف تحول القطاع السياحي إلى ركيزة استراتيجية في الاقتصاد العُماني، مدعومًا بمقوِّمات واعدة تجعل السلطنة وجهةً فريدة.
“الموقع الجُغْرَافِيِّ المُتَمَيِّزِ، الثَّرَوَاتِ الطَّبِيعِيَّةِ السَّاحِلِيَّةِ، البِيئَاتِ المُتَنَوِّعَةِ – مِنْ جِبَالٍ وَوِدْيَانٍ وَصَحَارَى وَشَوَاطِئَ – والمَنَاخَاتِ المُتَعَدِّدَةِ حَسْبَ التَّضَارِيسِ، إِلَى جَانِبِ الإِرْثِ التَّارِيخِيِّ وَالحَضَارِيِّ الغَنِيِّ”، هكذا وصف السفير هذه الثراء الطبيعي والحضاري، الذي يُضْفِي عَلَى كُلِّ مَنْطِقَةٍ طَابِعًا فَرِيدًا يَجْذِبُ عُشَّاقَ السِّيَاحَةِ الثَّقَافِيَّةِ وَالتُّرَاثِيَّةِ.
وأكَّد السفير العماني أن هذه الثروة “لَا تُشَكِّلُ مَقَاصِدَ سِيَاحِيَّةً فَحَسْبُ، بَلْ جُسُورًا لِلتَّقَارُبِ بَيْنَ الشُّعُوبِ”، حيث يلتقي السيّاح المصريُّون والعرب مع الشَّعْبِ العُمَانِيِّ في مناطق التراث والأودية والقُرَى العَتِيقَةِ والمَوَاقِعِ الأَثَرِيَّةِ، مُفْتَحًا آفَاقًا لِلتَّبَادُلِ الثَّقَافِيِّ وَالتَّفَاهُمِ المُتَبَادَلِ، ومُعَزِّزًا الأَوَاصِرَ بَيْنَ الدُّوَلِ العَرَبِيَّةِ في أُفُقٍ يَتَجَاوَزُ البُعْدَ الاقْتِصَادِيَّ لِيَصْنَعَ رَوَابِطَ إِنْسَانِيَّةً وَثَقَافِيَّةً.
وخَاطَبَ السفير الحضور قائلاً: “إِنَّ هَذَا النُّمُوَّ المُشْهُودَ فِي القِطَاعِ السِّيَاحِيِّ لَمْ يَكُنْ لِيَتَحَقَّقَ لَوْلَا توجهات القِيَادَةُ الرَّشِيدَةُ”، مشيدًا بدور قيادة الوزارة في ترجمة هذه التوجهات التي أَوْلَتْ هَذَا القِطَاعَ أَوْلَوِيَّةً، والْجُهُودُ الحَثِيثَةُ لِوِزَارَةِ التُّرَاثِ والسِّيَاحَةِ، مع المَعْدِنُ الطَّيِّبُ لِلإِنْسَانِ العُمَانِيِّ الَّذِي يَسْتَقْبِلُ الزُّوَّارَ بِكُلِّ حُبٍّ وَوُدٍّ.
في السَّنَوَاتِ الأَخِيرَةِ، أفاد السفير، تَمَّ إِنْشَاءُ مِئَاتِ المُنْشَآتِ الفُنْدُقِيَّةِ، وَتَطَوَّرَتِ البُنْيَةُ التَّحْتِيَّةُ، وَتَعَدَّدَتِ الخِيَارَاتُ التَّرْفِيهِيَّةُ. وفِي عَامِ ٢٠٢٤، اِسْتَقْطَبَتْ سَلْطَنَةُ عُمَانَ أَكْثَرَ مِنْ ١.٥ مِلْيُونِ زَائِرٍ مِنْ دُوَلِ الخَلِيجِ، مِنْ إِجْمَالِيِّ ٤ مَلَايِين زَائِرٍ، مع سعي السلطنة لِجَذْبِ ٦ مَلَايِين سَائِحٍ بِحُلُولِ عَامِ ٢٠٣٠، حيث تَصِلَ مُسَاهَمَةُ القِطَاعِ السِّيَاحِيِّ فِي النَّاتِجِ المَحَلِّيِّ إِلَى 5% فِي ٢٠٣٠، وَ10 % فِي ٢٠٤٠، فِيمَا يُسَاهِمُ حَالِيًّا بِـ 2.7 %.
واستند السفير إلى بياناتِ المَرْكَزِ الوَطَنِيِّ لِلإِحْصَاءِ وَالمَعْلُومَاتِ، فَقَدْ بَلَغَ عَدَدُ الزُّوَّارِ حَتَّى نِهَايَةِ يُولْيُو ٢٠٢٤ قرابة 4 مِلْيُونِ زَائِرٍ، مِنْهُمْ ٧٤ أَلْفَ زَائِرٍ مِصْرِيٍّ، ناهيك عن المقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي الذين لم يدخلوا هذا الرقم مِمَّا يُؤَكِّدُ عَلَى أَهَمِّيَّةِ السُّوقِ المِصْرِيِّ.
كَمَا بَلَغَت إيراداتُ الفنادقِ (من فئة 3 إلى 5 نجوم) خِلَالَ نَفْسِ الفَتْرَةِ نَحْوَ ١٣٢.٣ مِلْيُونِ رِيَالٍ عُمَانِيٍّ.
وأكد السفير العماني على”إِنَّ العَلَاقَاتِ العُمَانِيَّةَ – المِصْرِيَّةَ تَشْهَدُ تَقَدُّمًا كَمِّيًّا وَنَوْعِيًّا فِي مَجَالَاتٍ كَثِيرَةٍ”، مُؤَكِّدًا أنَّ السِّيَاحَةُ إِحْدَى القَنَوَاتِ القَادِرَةِ عَلَى تَعْزِيزِ هَذَا التَّقَارُبِ، خُصُوصًا فِي ضَوْءِ التَّشَابُهَاتِ وَالتَّكَامُلِ بَيْنَ بِلَادَيْنَا، اللَّذَيْنِ يَحْمِلَانِ إِرْثًا تَارِيخِيًّا وَثَقَافِيًّا ثَرِيًّا، وَمُقَوِّمَاتٍ طَبِيعِيَّةً تَجْذِبُ السُّيَّاحَ مِنْ كَافَّةِ أَنْحَاءِ العَالَمِ.
ودعا السفير الرحبي إلى تعزيزِ التَّعَاوُنِ السِّيَاحِيِّ من خلال تَسْهِيلِ الإِجْرَاءَاتِ في الاستثمار والزيارات بين الشعبيْنِ، تَبَادُلِ البَرَامِجِ التَّرْوِيجِيَّةِ، تَنْظِيمِ الرِّحَلَاتِ المُشْتَرَكَةِ خَاصَّةً لِلطُّلَّابِ وَالشَّبَابِ، وتَبَادُلِ الخِبْرَاتِ في التَّسْوِيقِ وَالتَّدْرِيبِ وَالإِدَارَةِ السِّيَاحِيَّةِ.
وثَمَّنَ التَّجْرِبَةَ المِصْرِيَّةَ الرَّائِدَةَ، مُؤَكِّدًا أَنَّ سَلْطَنَةَ عُمَانَ مَفْتُوحَةٌ لِكُلِّ أَنْوَاعِ التَّعَاوُنِ وَالشَّرَاكَةِ، لِتَعْزِيزِ هَذَا القِطَاعِ الَّذِي يُقَوِّي الاقْتِصَادَ وَيُسَاهِمُ فِي تَقَارُبِ الثَّقَافَاتِ وَتَفَاهُمِ الشُّعُوبِ.
شهدت الفعالية نقاشات حيوية بين ممثِّلي الشركات السياحية المصرية والعُمانية، مع عروض مرئية تُبرز جمال عُمان الطبيعي والحضاري.
وقال السفير الرحبي: “هذا اللقاء ليس مجرَّد حوار، بل خطوة نحو مستقبل سياحي مشترك يجمع بين كنوز مصر الحضارية وثراء عُمان الطبيعي، لبناء جسور السلام والازدهار بين الأشقاء العرب”.