كيب تاون – رضا هلال
أكدت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) خلال مشاركتها في فعاليات أسبوع الطاقة الأفريقي 2025: استثمر في طاقات أفريقيا، المنعقد في كيب تاون، أن القارة الأفريقية ستشهد طفرة كبيرة في الطلب على الطاقة خلال العقود المقبلة، بما يستدعي استثمارات ضخمة وتبني مسارات واقعية توازن بين التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية.
وخلال ورشة عمل خصصت لاستعراض التوقعات العالمية للنفط لعام 2025، أوضح الدكتور عبدالرزاق بن يوسف، رئيس إدارة دراسات الطاقة في أوبك، أن الطلب العالمي على الطاقة الأولية سيرتفع بنسبة 23% بحلول عام 2050، مع استحواذ الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (Non-OECD) على نحو ثلاثة أرباع هذا النمو.
وأشار إلى أن أفريقيا وحدها ستضيف 4.2 مليون برميل يومياً من الطلب الإضافي على النفط، كما ستسهم بحوالي 3 ملايين برميل يومياً في الطاقة التكريرية العالمية على المدى الطويل.
وأضاف بن يوسف: “لا توجد مؤشرات على بلوغ الطلب العالمي على النفط ذروته في المدى القريب.
نحن بحاجة إلى المزيد من الاستثمارات، وإلى مسارات طاقة مستقبلية واقعية. أفريقيا تحتاج إلى المزيد من الطاقة لدفع التنمية الاقتصادية، ليس فقط في الكهرباء، بل أيضاً لتوسيع نطاق الطهي النظيف وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية. الغاز البترولي المسال (LPG) يعد أحد الحلول الرئيسة في هذا المجال.”
وأشار تقرير أوبك إلى أن النفط سيظل يحتفظ بأكبر حصة في مزيج الطاقة العالمي حتى عام 2050، بينما سيتجاوز الغاز الطبيعي الفحم ليصبح المصدر الثاني للطاقة. كما ستستحوذ الدول النامية على 75% من الزيادة في الطلب على الكهرباء، ما يبرز الحاجة إلى استثمارات مستهدفة في قطاعات الكهرباء والمصافي داخل أفريقيا.
وشدد التقرير على أن العالم سيحتاج إلى استثمارات تراكمية تصل إلى 18.2 تريليون دولار خلال الفترة حتى عام 2050، منها 14.9 تريليون دولار لمشروعات المنبع في النفط والغاز. وأكد بن يوسف أن: “التنمية المستقبلية تتطلب جميع مصادر الطاقة، لكننا بحاجة أيضاً إلى خفض الانبعاثات عبر توسيع استخدام تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه.”
وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور سليمان سعد، كبير محللي الطلب على النفط في أوبك، أن الاقتصاد العالمي يظهر قدرة متزايدة على الصمود بفضل النمو في الصين والولايات المتحدة والهند، لكنه حذر من التحديات التي تعترض هذا المسار، وعلى رأسها ارتفاع الديون السيادية، وتفكك سلاسل التوريد، وعدم توازن التعافي الصناعي.
أما في الجانب التكريري، فقد أكد محمد عطبة، كبير محللي صناعة النفط التكريرية في أوبك، أن النمو في قطاع المصافي يتجه بشكل متزايد نحو الاقتصادات النامية، موضحاً أن “الهجرة المستمرة للقدرات التكريرية من الدول المتقدمة إلى النامية أصبحت اتجاهاً واضحاً منذ عدة سنوات”.
وبذلك، يتضح أن أفريقيا تقف اليوم في صدارة المشهد العالمي للطاقة، وأن مستقبلها يتطلب ضخ استثمارات كبرى، وتبني استراتيجيات مرنة تجمع بين تحقيق أمن الطاقة، دعم التنمية، والالتزام بالمعايير البيئية لضمان مستقبل أكثر استدامة للقارة والعالم.