سحر رجب
شهدت القارة الأفريقية طفرة سياحية غير مسبوقة في النصف الأول من عام 2025، مسجِّلَةً أعلى معدَّل نمو عالمي بنسبة 12% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً لتقرير منظمة السياحة العالمية (UNWTO) التابعة للأمم المتحدة، الذي نقلته منصة “بيزنس أفريكا”.
هذا النمو الاستثنائي، الذي تفوَّقَ على المتوسط العالمي بنسبة 5%، مدفوعٌ بتعافي السفر الدولي بعد جائحة كوفيد-19، وتوسُّع الاستثمارات في البنية التحتية والخدمات السياحية، مع تصدُّر دول شمال أفريقيا، خاصَّةً مصر والمغرب، قائمة الوجهات الأكثر جاذبيَّة للسيَّاح العالميِّين.
مصر والمغرب في الصدارة
تصدَّرت منطقة شمال أفريقيا هذا النمو بزيادة تصل إلى 14%، بينما شهدت أفريقيا جنوب الصحراء ارتفاعاً بنسبة 11%، مما يُعَزِّز مكانة القارَّة كوجهة سياحيَّة رائدة.
في مصر، سجَّلت الدولة زيادة بنسبة 24% في عدد السَّيَّاح خلال النصف الأوَّل من 2025، مُحَقِّقَةً المركَزَ العاشرَ عالميَّاً في نموِّ السيَّاحة للربع الأوَّل بـ21%، متفوِّقَةً على دول مثل إسبانيا وفرنسا.
وصل عدد السَّيَّاح إلى مصر نحو 7.5 مليون في الربع الأوَّل وحده، مدعوماً بمبادرات مثل تطوير المناطق الأثريَّة في الأقصر والغردقة، وبرامج التَّسويق الرَّقميَّ الَّتِي ركَّزَتْ على الأسواق الأوروبيَّة والآسيويَّة.
كما بلغت إيرادات السياحة في مصر 8.05 مليار دولار حتى يونيو، بزيادة 22%، مما يجعلها الأكثر عائداً في المنطقة.
المغرب
أمَّا المغرب، فحقَّقَ نموًَّا بنسبة 19% في الوصول الدَّوليِّ، مع تسجيل 17.4 مليون زَائِر حتَّى أغسطس 2025، أي 20% أعلى من العام الماضي، مُحَقِّقَةً المركَزَ الأوَّلَ في أفريقيا.
كما سيسهم في يتوقع زيادة عدد السياح باستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030 بالشَّرَاكَةِ مع إسبانيا والبرتُغال، بالإضافة إلى تطوير المنتجعات في مراكش وأغادير، مما جَذَبَ سيَّاحاً من أوروبا بنسبة 22% في الربع الأوَّل.
وتَقَدَّمَتْ دول أُخْرَى مثل كينيا وتنزانيا وجنوب أفريقيا كوجهات رئيسيَّة، حيث سجَّلتْ غامبيا نموًَّا بـ46%، وإثيوبيا بـ7%، وجنوب أفريقيا بـ6%، مُعَزِّزَةً التنوُّعَ السيَّاحيَّ للقارَّة.
أسباب النَّموِّ والتَّحديَّات المُسْتَقْبَلِيَّة
يُعَزَى هذا النَّموُّ إلى عوامل مُتَدَاخِلَةٍ، بما في ذلكَ الاستِثْمَارَاتِ الحَكُومِيَّةِ في البِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ مثل مَطَارَاتِ الجِدِيدَةِ في القَاهِرَةِ والْمُنْتَجَعَاتِ الْمَغْرِبِيَّةِ، بالإِضَافَةِ إِلَى الْحَمْلَاتِ التَّسْوِيقِيَّةِ الْعَالَمِيَّةِ وَتَخْفِيضَاتِ الْأَسْعَارِ الْجَوِيَّةِ. كَمَا سَاهَمَتْ الْبَرَامِجُ الْإِقْلِيمِيَّةُ، مِثْلَ “أَفْرِيقْيَا الْأَخْضَرَ” لِلْسِيَاحَةِ الْبَيْئِيَّةِ، فِي جَذْبِ 38 مِلْيَارَ دُولَارٍ مُتَوَقَّعَةً بِالْمَوْسِمِ 2033، بِنَمْوٍ مُسْتَمِرٍّ بِـ5% سَنَوِيًَّا.
ومع ذلِكْ، يُحَذِّرُ الْقَائِمَةُ مِنْ تَحَدِّيَاتٍ مِثْلَ الْتَّغَيُّرِ الْمَنَاخِيِّ وَالْأَمْنِ الْإِقْلِيمِيِّ، مُطَالِبَةً بِاسْتِثْمَارَاتٍ أَكْبَرَ فِي الْإِدَارَةِ الْمُسْتَدَامَةِ.
آفاق مُشْرِقَةٌ لِلْقَارَّةِ السَّوْدَاءِ
يُشِيرُ الْتَّقْرِيرُ إِلَى أَنَّ أَفْرِيقْيَا سَتَظْلُ الْوَجْهَةَ الْأَسْرَعَ نَمْوًا عَالَمِيًَّا، مَعَ تَوَقُّعِ زِيَادَةٍ بِـ15% فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ، بِفَضْلِ الْتَّعَاوُنِ الْإِقْلِيمِيِّ وَالْدَّعْمِ الْدَّوْلِيِّ.
وَفِي مِصْرَ، يُخَطِّطُ الْقَطَاعُ لِاسْتِقْبَالِ 20 مِلْيَوْنَ سَيَّاحٍ بِالْعَامِ الْمُقْبِلِ، مُعَزِّزَةً الْاقْتِصَادَ بِـ15% مِنْ إِجْمَالِيِّ النَّاتِجِ الْمَحْلِيِّ.
هَذِهِ الْطُّفْرَةُ لَيْسَتْ فَقَطْ إِنْجَازًا سِيَاحِيًّا، بَلْ دَلِيلًا عَلَى قُوَّةِ أَفْرِيقْيَا كَقَارَّةِ الْمُسْتَقْبَلِ، حَيْثُ تَلْتَقِي الْحَضَارَاتُ فِي رِحْلَةِ الْنَّمْوِ وَالْتَّعَاوُنِ.