سحر رجب
في احتفال نابض بالحوار الثقافي العالمي، أكد الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، أن مصر والصين قدّما “نموذجاً فريداً لحضارتين عريقتين عبر آلاف السنين، حافظت على هويتهما، وانفتحتا على العالم، وتعايشتا بسلام مع الحضارات الأخرى”.
هذا الخطاب الذي يُجسِّد لقاء الحضارتين على ضفاف الإبداع الإنساني، جاء خلال افتتاح الدورة الثانية لجوائز الباندا الذهبية الدولية للثقافة 2025، التي استضافتها مدينة تشنغدو في مقاطعة سيتشوان بجنوب غرب الصين، يومي 12 و13 سبتمبر.
الفعالية، التي نظمها اتحاد الدوائر الأدبية والفنية الصيني بالتعاون مع حكومة مقاطعة سيتشوان، جمعت صناع الأفلام وقادة الثقافة والدبلوماسيين الدوليين لتكريم التميز السينمائي وتعزيز التبادل الثقافي.
منصة للحوار والابتكار
ختمت حفل الجوائز سلسلة من المناقشات الرفيعة المستوى، بما في ذلك منتدى الباندا الدولي للثقافة 2025، الذي انطلق يوم السبت 13 سبتمبر، وجذب أكثر من 300 مشارك من نحو 50 دولة.
من بين الوجوه البارزة كان الرئيس الباكستاني عاصف علي زرداري، الذي شارك هنو في خطابات افتتاحية تؤكد على دور الروابط الثقافية كجسور للفهم العالمي.
وفي خطابه، أكد خلال جلسات المنتدى على دور الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل الفن والمجتمع، شدَّد هنو على الشراكة المصرية-الصينية المتينة.
وقال هنو مع اقتراب الذكرى الـ75 للعلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين العام المقبل، تُذكِّرنا علاقتنا بأنها أكثر من شراكة استراتيجية بين الدول؛ إنها شهادة حية على صمود الصداقة بين الشعوب”.
وأشاد بثقافة تشنغدو الغنية بالحساء الحار، والباندا العملاقة، ودور الشاي كرمز للحوار الديناميكي العالمي.
استعرض المنتدى مواضيع معاصرة مثل كيفية تحول الذكاء الاصطناعي، ولغة السينما، والابتكار البيئي الصناعات الإبداعية. شارك خبراء من منظمة الصحة العالمية وهيئات تنظيمية دولية، مما يبرز مزيج الفعالية بين التراث والتكنولوجيا.
كون هنو نحاتاً مشهوراً ومدافعاً عن الثقافة، وضع مصر كلاعب رئيسي في هذا السرد، مقارناً بين إرث النيل القديم وقصص نهر اليانغتسي الأبدية.
تكريم الإبداع السردي العالمي
جوائز الباندا الذهبية، التي تُقام كل عامين منذ إطلاقها الأول في 2023، تُكرِّم الأعمال السينمائية والتلفزيونية المتميِّزة التي عُرِضَت بين 1 أبريل 2023 و31 مارس 2025، عبر أربع فئات: السينما، والدراما التلفزيونية، والوثائقي، والرسوم المتحركة.
في هذه الدورة، سُيُقَدَّم 27 جائزة، بما في ذلك جوائز لجنة التحكيم الخاصة، اختيرت من قبل لجنة دولية من الشخصيات ذات التأثير العالمي، لتعزيز “التعبير الصادق، والرنين العاطفي، والقيم الإنسانية المشتركة”.
دُعِيَ المرشَّحون إلى تشنغدو لعروض أفلام، وورش عمل، وحفل التتويج، حيث برزت أعمال مثل فيلم الرسوم المتحركة ني زها 2 – الذي ولد في تشنغدو – كنجم يمزج الأساطير الصينية القديمة مع الرسوم المتحركة المتقدِّمة، محطِّماً الأرقام القياسية في شباك التذاكر العالمي للأفلام المتحرِّكة.
كان موعد إغلاق التقديم 25 أبريل 2025، وجذب موارد من مؤسسات سينمائية وجمعيات صناعية عالمية، مع التركيز على السرديات التي تربط الثقافات وتُلهِم الوحدة.
أبرز هذه الأعمال شملت وثائقيات عن الحفاظ على البيئة، ودراما تلفزيونية تستكشف الصمود الإنساني، متَّفقةً مع رسالة الجوائز في “جلب الناس إلى الصين وجعل الصين تحتضن العالم”.
دبلوماسية ثقافية في العمل
كان حضور هنو رمزاً لتعمُّق العلاقات المصرية-الصينية، المتجذِّرة في آلاف السنين من الاحترام المتبادل والابتكار.
كوزير منذ 2024، دافع عن مبادرات مثل المعارض الأثرية المشتركة وتبادلات ثقافية، مُعزَّزَةً بهذا المنتدى.
“حوار الحضارات ليس خياراً بل ضرورة عالمية”، أكَّد هنو، داعياً المشاركين إلى استغلال الثقافة كأداة للسلام وسط التحديات العالمية.
مع ختام الدورة 2025، أكَّدت تشنغدو – المشهورة ببانداها العملاقة وتراثها النابض – دورها كتقاطع ثقافي عالمي.
جوائز الباندا الذهبية لم تُبرِزَ الجواهر السينمائية فحسب، بل نَسَجَتَ نسيجاً من الإبداع الإنساني المشترك، مُعَكِّسَةً رؤية هنو لحضارتين عريقتين تلتقيان على ضفاف الابتكار.
مع الانتشار العالمي تترك الفعالية بصمة دائمة في عالم مقسَّم، تبقى الثقافة الوَحْدَةُ النهائية.