أخبار عاجلة

هزة الرعب في كامتشاتكا: روسيا تُفعّل حالة التأهب بعد زلزال 7.4 وتحذير تسونامي يُرعب الساحل

سحر رجب

هز زلزال مدمر بقوة 7.4 درجة على مقياس ريختر صباح اليوم السبت أركان شبه جزيرة كامتشاتكا الشرقية في روسيا، مُفعّلاً حالة تأهب قصوى وإنذاراً من تسونامي يُهدد السواحل الطويلة للمنطقة.

أصدرت وزارة الطوارئ الروسية تحذيراً عاجلاً للسكان بالابتعاد فوراً عن الشواطئ والمناطق المنخفضة، مع تفعيل بروتوكولات الإجلاء الجماعي في مدن مثل بتروبافلوفسك-كامتشاتسكي، العاصمة الإقليمية التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 160 ألف نسمة.

هذه الهزة، التي تُعد أكبر هزة أرضية ثانوية بعد الزلزال الضخم بقوة 8.8 درجة الذي ضرب المنطقة في يوليو الماضي، أثارت ذعراً واسعاً في إحدى أكثر المناطق نشاطاً جيولوجياً في “حلقة النار الهادئة”.

تفاصيل الهزة: مركز قريب وتأثير مباشر

سُجلت الهزة الساعة 5:37 صباحاً بتوقيت موسكو (أواخر الليل بتوقيت كامتشاتكا)، مع مركزها على بُعد 111 كيلومتر شرق بتروبافلوفسك-كامتشاتسكي، وعمق يبلغ 39.5 كيلومتراً، وفقاً لتقديرات المسح الجيولوجي الأمريكي (USGS) ومركز الإنذار من تسونامي في المحيط الهادئ (PTWC).

أدى الزلزال إلى اهتزاز عنيف استمر لأكثر من دقيقة، مما دفع السكان إلى الفرار من منازلهم وأماكنهم العملية في حالة من الذعر، مع تقارير أولية عن إصابات طفيفة ناتجة عن الإجلاء السريع، لكن لم يُسجل حتى الآن أي ضحايا أو أضرار هيكلية كبيرة.

وفي بيان رسمي، أكدت وزارة الطوارئ الروسية: “الزلزال أحدث اهتزازات قوية، ونحن في حالة تأهب كامل لأي تطورات محتملة، مع التركيز على سلامة السكان”.

أصدر PTWC تحذيراً أولياً من “موجات تسونامي خطرة” قد تصل إلى متر واحد على السواحل الروسية ضمن نطاق 300 كيلومتر من المركز، مما دفع حاكم كامتشاتكا، فلاديمير سولوودوف، إلى نشر تحذيرات عاجلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبًا السكان بالتوجه إلى المناطق المرتفعة فوراً.

ومع ذلك، تم إلغاء التحذير لاحقاً في الصباح نفسه، بعد أن أكدت البيانات عدم تطور موجات كبيرة، مع تسجيل أمواج صغيرة بلغت 18 سم فقط في بعض المناطق.

هذا الإلغاء لا يُقلل من خطورة الوضع، حيث يُعد كامتشاتكا جزءاً من المنطقة الجيولوجية الأكثر نشاطاً في العالم، حيث وقعت سبع زلازل كبرى بقوة 8.3 درجة أو أعلى منذ عام 1900.

سياق النشاط الجيولوجي: هزة ثانوية بعد “الوحش” اليوليوي

يُصنف هذا الزلزال كأكبر هزة أرضية ثانوية (aftershock) للزلزال الرئيسي الذي ضرب كامتشاتكا في 29 يوليو 2025 بقوة 8.8 درجة، والذي يُعد من أكبر عشرة زلازل مسجلة في التاريخ الحديث، وأثار إنذارات تسونامي عابرة للمحيط الهادئ، بما في ذلك هاواي والساحل الغربي الأمريكي وتشيلي.

تلك الهزة السابقة أدت إلى أضرار معتدلة في كامتشاتكا وساخالين، مع إصابات متعددة، وأثارت ثوراناً بركانياً في جبل كليوشيفسكوي، أحد أكثر البراكين نشاطاً في المنطقة. كما شهدت المنطقة سلسلة من الهزات الثانوية، بما في ذلك هزة بقوة 7.0 في أغسطس، أدت إلى إنذار تسونامي مؤقت.

تقع كامتشاتكا على حدود الصفيحة الهادئة والصفيحة الأوكوتسكية، مما يجعلها عرضة للزلازل والثورانات البركانية، كما حدث في ثوران بركان كراشينينيكوف النائم لأول مرة منذ 600 عام في أغسطس الماضي، والذي ربط العلماء بينه وبين النشاط الزلزالي السابق.

وفي دراسة نشرت في مجلة “إيزفيستيا” في يوليو 2025، أبرز الباحثون أنماطاً حلقية في النشاط الزلزالي جنوب كامتشاتكا، مما يشير إلى إمكانية هزات أكبر في المستقبل.

الاستعداد والتأثيرات: إجلاء ودروس من الماضي

أعلنت خدمات الطوارئ الروسية حالة تأهب قصوى، مع نشر فرق إنقاذ ومراقبة مستمرة لأي هزات إضافية، حيث سُجلت بالفعل هزات ثانوية بقوة تصل إلى 6.9 درجة.

لم يُبلغ عن إصابات مباشرة من الهزة، لكن الإجلاء الواسع أدى إلى إصابات غير مباشرة في اليابان، حيث أُجِّلَت عمليات الإجلاء وأصيب 21 شخصاً، بالإضافة إلى وفاة غير مباشرة واحدة. في اليابان، لم يُصدر الوكالة اليابانية للأرصاد الجوية إنذاراً، لكن السلطات حثّت على الحذر.

هذه الحادثة تُذكِّر بمأساة زلزال 1841 بقوة 9.0 درجة، الذي أثار تسونامياً كبيراً وصل إلى هاواي.

اليوم، يعتمد الاستعداد على تكنولوجيا متقدمة، لكن المنطقة البركانية النشطة تظلُّ تحدياً مستمراً.

في تصريح لـ”وجه أفريقيا”، أكد خبراء جيولوجيون أن “هذه الهزات الثانوية تُعزِّز الحاجة إلى تعزيز البنية التحتية المضادة للزلازل في كامتشاتكا”.

مع انحسار الخطر المباشر، تبقى روسيا في حالة يقظة، تذكيراً بقسوة الطبيعة في أقصى الشرق. هل ستشهد المنطقة المزيد من الهزات؟ الإجابة تكمن في أحضان الأرض المتوترة.

عن وجه افريقيا