أخبار عاجلة

ذكرى الأرواح البريئة: القاهرة تحتفي بأطفال بيسلان في مواجهة الإرهاب

 

سحر رجب

في لحظة تأمل حزينة تجمع بين الذاكرة والتحذير، نظم المركز الثقافي الروسي بالقاهرة، أمس، ندوة تكريمية بمناسبة “يوم التضامن لمكافحة الإرهاب”، إحياءً لذكرى السنوية الـ21 لمأساة مدرسة بيسلان في أوسيتيا الشمالية الروسية.

هذا الحدث، الذي يعود إلى الرابع من سبتمبر 2004، يُعد أحد أبشع الأعمال الإرهابية ضد الأطفال في التاريخ الروسي، حيث سقط 330 ضحية، من بينهم 186 طفلاً بريئاً، وأصيب 750 آخرون، في عملية احتجاز دامت ثلاثة أيام وانتهت بمعركة دامية.

بدأت الندوة بعرض فيلم وثائقي بعنوان “بيسلان”، إخراج المخرجة الروسية مارغريتا سيمونيان، الذي يغوص في تفاصيل الكارثة بطريقة مؤثرة، مستعيداً لحظات الرعب والألم التي هزت روسيا والعالم.

كان الحضور، الذي ضم نخبة من الشباب المصريين الدارسين للغة الروسية، يستمعون إلى سرد التاريخ بحزن شديد، معبرين عن تضامنهم مع الشعب الروسي في مواجهة الإرهاب.

وعلي هامش الندوة، أقيم معرض للصور الأرشيفية من واقع الحدث المأساوي، يعرض لقطات نادرة تُبرز الخسائر الإنسانية وجهود الإنقاذ، مما أضاف بعداً بصرياً يعمق الرسالة الإنسانية.

قصة المأساة: احتجاز يوم الدراسة الأول

تعود جذور الكارثة إلى الأول من سبتمبر 2004، يوم افتتاح العام الدراسي في روسيا، حيث احتشد أكثر من ألف شخص – أطفال وأولياء أمور وعاملون في المدرسة – في ساحة المدرسة رقم 1 ببيسلان للاحتفال بالعودة إلى مقاعد الدراسة.

فجأة، اقتحم مسلحون من تنظيم إرهابي مدعوم خارجياً الساحة، محتجزين الجميع في قبضة الرعب.

استمرت المفاوضات مع السلطات المحلية لمدة يومين كاملين، في محاولة لإنقاذ الأرواح، لكن في اليوم الثالث، لجأ الإرهابيون إلى العنف الشديد ضد الأطفال والمحتجزين، مستخدمين الغازات والألغام التي زرعوها داخل المدرسة.

انتهت العملية الأمنية بقتل جميع الإرهابيين، لكن الثمن كان باهظاً: 330 قتيلاً، غالبيتهم أطفال، في أكبر عمل إرهابي موجه ضد الأطفال على الأراضي الروسية.

هذه المأساة لم تكن مجرد حدث محلي، بل أصبحت رمزاً عالمياً لأهوال الإرهاب، محفزة جهود روسيا والمجتمع الدولي لمكافحته.

رسالة تضامن: “روسيا لن تنسى”

في كلمته أمام الحضور، أعرب فاديم زايتشيكوف، مدير المراكز الثقافية الروسية في مصر، عن عمق الألم الذي يشعر به الشعب الروسي، قائلاً: “روسيا لن تنسى أطفال بيسلان، ضحايا العمل الإرهابي الخسيس، والذي يجعلنا نبذل قصارى الجهد لمكافحة الإرهاب وتوفير الأمن والأمان للمواطنين”.

شدد زايتشيكوف على أهمية مثل هذه الفعاليات في بناء جسور الوعي بين الشعوب، خاصة بين الشباب المصري والروسي، لتعزيز التعاون في مكافحة التهديدات المشتركة.

الندوة، التي حضرها دبلوماسيون روس ومصريون وطلاب جامعيون، أكدت على دور الثقافة في مواجهة الإرهاب.

حيث أشاد المشاركون بالفيلم الوثائقي لقدرته على إعادة إحياء الذاكرة دون إثارة الكراهية، بل بالتركيز على الإرادة الإنسانية في الشفاء.

كما أبرز المعرض للصور الأرشيفية الجهود البطولية للقوات الخاصة الروسية، التي أنقذت مئات الأرواح رغم المخاطر.

في الختام، يُعد هذا الحدث في القاهرة خطوة نحو تعزيز التضامن الدولي ضد الإرهاب، محولاً ذكرى الألم إلى دعوة للسلام.

كما قال أحد الحاضرين: “هذه ليست مجرد ذكرى، بل تذكير بأن السلام يبدأ بالتذكر”.

مع استمرار الجهود الروسية في مكافحة الإرهاب عالمياً، تبقى أرواح أطفال بيسلان مصباحاً يضيء طريق المستقبل.

عن وجه افريقيا