سحر رجب
اختتمت أعمال قمة “منظمة شنغهاي للتعاون بلس” في مدينة تيانجين الصينية، اليوم الإثنين، باعتماد “إعلان تيانجين” وإطلاق استراتيجية التنمية للفترة 2026-2035، في خطوة تاريخية تحدد ملامح التعاون المستقبلي بين الدول الأعضاء في المنظمة.
وشهدت القمة، التي تعد الأكبر في تاريخ المنظمة منذ تأسيسها عام 2001، مشاركة أكثر من 20 زعيماً دولياً ورؤساء 10 منظمات دولية، مما عزز مكانة المنظمة كمنصة عالمية للحوار والتعاون متعدد الأطراف.
إعلان تيانجين: رؤية مشتركة لعالم أكثر عدالة
أعلنت وكالة أنباء “شينخوا” الصينية أن “إعلان تيانجين” عكس توافقاً واسعاً بين الدول الأعضاء على مواجهة التحديات الجيوسياسية المتزايدة، مع التأكيد على رفض السياسات القائمة على التكتلات والمواجهات.
ودعا الإعلان إلى بناء نظام عالمي أكثر توازناً وإنصافاً، يقوم على مبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم اللجوء إلى القوة، مع تعزيز التعاون في مجالات الأمن، الاقتصاد، والتبادل الثقافي.
كما تضمن الإعلان التزاماً بإبقاء الفضاء الخارجي خالياً من الأسلحة، وصون الذاكرة التاريخية للحرب العالمية الثانية كإرث إنساني مشترك.
استراتيجية التنمية 2026-2035: خارطة طريق لعقد من التقدم
أقرت القمة استراتيجية تنمية طويلة الأمد تمتد حتى عام 2035، تهدف إلى توجيه المنظمة في مواجهة التحديات العالمية المتسارعة. وتركز الاستراتيجية على تعزيز التكامل الاقتصادي، تطوير الاقتصاد الأخضر، ودعم تقنيات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى مكافحة الإرهاب والتطرف وتهريب المخدرات.
وأكد الأمين العام للمنظمة، نورلان يرميكباييف، أن هذه الاستراتيجية تمثل “مخططاً للتنمية المستدامة” يتماشى مع التغيرات الدولية ويحدد أهدافاً تنموية واضحة لتعزيز التعاون متعدد الأطراف.
نتائج بارزة
توسيع المنظمة: تم قبول دولة لاوس كشريك حوار في المنظمة، مما يعزز تمثيلها الإقليمي.
الرئاسة الدورية
أُسندت رئاسة المنظمة لقيرغيزستان للفترة 2025-2026، مع دعم صيني لتعزيز التعاون في الطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي.
بيانات مشتركة
أصدرت القمة بيانات داعمة للنظام التجاري متعدد الأطراف، مع إحياء الذكرى الـ80 لانتصار الحرب العالمية الثانية وتأسيس الأمم المتحدة، مؤكدة التزام المنظمة بالسلام والاستقرار العالمي.
تعزيز التعاون الاقتصادي
ركزت القمة على فرص جديدة في التجارة والاستثمار، مع التركيز على الاقتصاد الرقمي، التنمية الخضراء، والمدن الذكية.
مشاركة عالمية ودلالات استراتيجية
شهدت القمة حضوراً بارزاً لقادة دوليين مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مما يعكس الثقل الاستراتيجي المتزايد للمنظمة التي تمثل قرابة نصف سكان العالم و23.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وأشار الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى أن القمة تمثل “منعطفاً استراتيجياً” لتوحيد قوى الجنوب العالمي، داعياً إلى تعاون جماعي لمواجهة الاضطرابات العالمية.
نحو مستقبل مستدام
تأتي قمة تيانجين في ظل توترات جيوسياسية واقتصادية عالمية، مما يجعلها منصة حيوية لرسم ملامح نظام عالمي جديد يقوم على التعددية والعدالة. ومع اعتماد “إعلان تيانجين” واستراتيجية التنمية، تؤكد منظمة شنغهاي للتعاون طموحها للعب دور محوري في تشكيل المستقبل العالمي، معززة بمبادئ “روح شنغهاي” القائمة على الثقة المتبادلة والمنفعة المشتركة.
تظل هذه القمة محطة فارقة، ليس فقط للدول الأعضاء، بل للعالم أجمع، حيث تسعى لتقديم حلول مبتكرة للتحديات المعقدة، وتعزيز الاستقرار في عالم متغير.