سحر رجب
تواصل الحكومة الصومالية، بدعم قوي من الشركاء الدوليين، حربها الشاملة ضد الإرهاب، حيث يلعب التعاون الدولي دورًا حاسمًا في تعزيز قدرات الجيش الوطني الصومالي وتأمين البلاد من تهديدات المليشيات الإرهابية، مثل حركة “الشباب المجاهدين” وتنظيم “داعش”.
تأتي هذه الجهود المشتركة في إطار استراتيجية عالمية لدعم الاستقرار في الصومال، من خلال تقديم المساعدات العسكرية والاستخباراتية والإنسانية، بالإضافة إلى بناء القدرات المؤسسية.
بعثة الاتحاد الإفريقي
تُعد بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم الاستقرار في الصومال (أوصوم)، التي بدأت عملياتها في يناير 2025، خلفًا لبعثة “أتميس”، من أبرز مظاهر الدعم الدولي.
تهدف “أوصوم” إلى مكافحة حركة “الشباب” ودعم جهود بناء السلام، مع نقل المسؤوليات الأمنية تدريجيًا إلى القوات الصومالية.
وقد ساهمت بعثات الاتحاد الإفريقي السابقة، مثل “أميصوم”، في تدريب قوات الأمن الصومالية وتنفيذ مشاريع إنسانية لتحسين ظروف النازحين، مما عزز قدرة الحكومة على مواجهة التحديات الأمنية.
الدعم العسكري والاستخباراتي الأمريكي
تلعب الولايات المتحدة دورًا محوريًا في دعم الصومال، حيث وقّعت في فبراير 2024 اتفاقًا عسكريًا مع الحكومة الصومالية لتعزيز قدرات الجيش الوطني في مواجهة “الشباب”. وقد أنفقت واشنطن أكثر من 2.5 مليار دولار بين عامي 2007 و2020 على التدريب والتسليح والدعم اللوجستي والاستخباراتي. كما عادت القوات الأمريكية في مايو 2022 بـ450 جنديًا لتقديم المشورة وتدريب القوات الصومالية والأفريقية، مع توفير غطاء جوي حيوي عبر الطائرات المسيرة، مما أضعف قدرات المليشيات على التنقل وتنظيم هجماتها.
الإمارات وتركيا
تسهم دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل كبير في محاربة الإرهاب من خلال تدريب وتمويل وحدات الجيش الصومالي، بما في ذلك وحدة الشرطة العسكرية الفدرالية التي تضم ما بين 3500 إلى 4500 عنصر. وقد قدمت الإمارات تمويلًا شهريًا بقيمة 9 ملايين دولار لدعم رواتب الألوية العسكرية، مما ساهم في حماية العاصمة مقديشو من الهجمات الإرهابية، خاصة خلال شهر رمضان.
من جانبها، تقود تركيا برامج تدريب مكثفة للقوات الصومالية، بالإضافة إلى تقديم دعم جوي عبر طائراتها المسيرة، مما عزز قدرات الجيش في مواجهة المليشيات. وتساهم تركيا أيضًا في جهود الوساطة لتخفيف التوترات الإقليمية، مثل تلك المتعلقة بمشاركة إثيوبيا في “أوصوم”.
مصر: دعم تاريخي ومتعدد الأوجه
تعزز مصر علاقاتها التاريخية مع الصومال من خلال تقديم تدريب أمني ومساعدات فنية وعسكرية. ويُعد انضمام مصر إلى قوات حفظ السلام الإفريقية خطوة كبيرة لدعم الاستقرار في الصومال، حيث تركز على تثبيت أركان الدولة وتوسيع نطاق خدماتها في المناطق المحررة. كما تقدم مصر دعمًا دبلوماسيًا واقتصاديًا، مما يعزز استقرار المنطقة ويحد من نفوذ الجماعات المتطرفة.
إثيوبيا وقطر
تستمر إثيوبيا في دعم “أوصوم”، رغم التوترات مع الصومال بشأن اتفاقية ميناء مع صوماليلاند، بفضل جهود الوساطة التركية. وتساهم قطر بدورها في دعم الحكومة الصومالية دبلوماسيًا وعسكريًا، ضمن إطار المجموعة الخماسية التي تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والإمارات وتركيا.
تحديات التنسيق الدولي
على الرغم من الدعم الكبير، يواجه التعاون الدولي تحديات، أبرزها ضعف التنسيق بين الدول المساهمة في “أوصوم” بسبب اختلاف الأولويات، مما يؤدي إلى تأخير العمليات المشتركة. كما أن التدخلات الأجنبية في السياسة الصومالية، خاصة خلال الانتخابات، تثير جدلًا حول السيادة الوطنية.
ختامًا
يُظهر التعاون بين الصومال وشركائها الدوليين دورا مشتركًا للقضاء على الإرهاب وتحقيق الاستقرار. من خلال الدعم العسكري والاستخباراتي والإنساني، يتم تمكين الحكومة الصومالية من استعادة سيطرتها على الأراضي وتأمين مستقبل أكثر أمانًا لشعبها. ومع استمرار هذه الجهود، يبقى الأمل قائمًا في بناء صومال قوي ومستقل، قادر على مواجهة التحديات الأمنية بثقة وكفاءة.