مكابدا طوال الطريق في أن انخلع ولو قليلا من موار تفاصيل الليلة الغريبة..!!
لم أكن وحدي المحموم بذهول مايجري.. كان هذا أيضا حال جاد حسين المدير الإداري للنادي..ومساعده محمد السيد..بل و مسعد عامل البوفيه..
لاأحد قادر على استيعاب التفاصيل..المقر العريق لنادي القصة في شارع قصر العيني والذي وقع يوسف السباعي عقد إيجاره مع المالك فؤاد باشا سراج الدين في يوليو ١٩٦٠ ها نحن نحمل محتوياته التاريخية..إلى مقر آخر!!
والسبب عجزنا عن تلبية مطالب ورثة الباشا الذين اقتنصوا حكما نهائيا في ١١ يناير الماضي بطردنا.. : خلال مفاوضاتي مع أحدهم عبر الهاتف طالب بتحرير عقد إيجار جديد ب ١٠ الاف جنيه شهريا..!
حين عرضت الأمر على أعضاء مجلس ادارة النادي تقافزت من عيونهم نظرات تطفح بسؤال الهوان : من اين ؟! منذ سنوات والنادي يعاني من أنيميا حادة في الموارد.. شهور مظلمة أمضيناها بحثا عن خيار اخر غير الإلقاء في الشارع..إلى أن عثرنا على تلك الشقة الكائنة في ١٦ شارع الطبلاوي بفيصل التعاون..
وكان موعدنا أمس مع أحلك ساعات مر بها نادي القصة عبر مسيرته الممتدة إلى سبعة عقود.. لحظات يتعين علينا أن نحمل خلالها أثاثنا وكتبنا وأوراقنا ..ووثائقنا إلى المقر الجديد.. شركة النقل التي تم الاتفاق معها أرسلت سيارتين كبيرتين ..
كانت عقارب الساعة تقترب من الثانية عشر والنصف ليلا ..ورغم مرافقة ما يقرب من ١٠ عمال للسيارتين إلا أن عملية النقل استمرت حتى الرابعة والنصف فجرا.. وطيلة الساعات الأربع لم تكف قلوبنا عن الخفقان رعبا كلما حمل أي من العمال ..كرسي..طاولة ..مراة..كلها مقتنيات أثرية..المقاعد التي جلس عليها الكبار ..السباعي ومحفوظ والحكيم وطه حسين..والمنصة التي اعتلوها..ماذا لو تعرضت أي منها للسقوط ..للكسر..!
وحين هم أحدهم بحمل تمثال يوسف السباعي..نهرته..وحملته أنا..ظل التمثال في حوزتي وأنا أقبع بجوار السائق إلى أن توقفت السيارة أمام المقر الجديد..وأيضا حين حاول أحدهم أن يحمله..رأفة بي..رفضت..خفت لكونه يجهل من يكون صاحب التمثال فلايهتم..ويرمي به في أي مكان ..
هاتفت جاد حسين الذي صعد إلى الشقة الجديدة..وحين جاء أودعت قبضتيه التمثال بحذر شديد..فمثل جاد يعرف ماذا يعني تمثال يوسف السباعي..وحتى ماذا يعني أي مسمارفي مقتنيات نادي القصة.. في الرابعة والثلث..
تم تفريغ محتويات السيارتين في المقر الجديد..لينسل آذان الفجر في قلوبنا رقرقة طمأنينة..ولاأبالغ تفاؤل.. حي على الصلاة .. أديت الصلاة جماعة ورفيقي الجميل جاد حسين .. حي على الغلاح.. أنصتنأ بأمل ..بتفاؤل.. أن نتوحد جميعا .. مسئولين ..مثقفين ..رجال أعمال..وحتى المواطن البسيط.. حول هدف واحد.. فلاح المشهد الثقافي..