تحالف استراتيجي جديد: كيف ترقّي زيارة لي تشيانج بالعلاقات الاقتصادية بين مصر والصين إلى آفاق متقدمة؟

 

سحر رجب

زيارة “لي تشيانج” تحمل بُعدًا أكثر من مجرد لقاء دبلوماسي: إنها تأكيدٌ على تحول العلاقات نحو شراكة اقتصادية ممنهجة، مؤسّسة على قوانين وتشريعات، ومترابطة عبر كافة المستويات (سياسية، اقتصادية، تشريعية)، في مسعى لجعل مصر واجهة ومركزًا صناعيًا وتجاريًا بمناطق اقتصادية مدعومة بفكر رقمي وفضائي.

ومن المتوقع أن تكون زيارة “لي تشيانج” لوحة واضحة لشراكة سياسات مالية تقريبية، سنّية لقوانين دعم الاستثمار، وتعميق لعلاقة بنية قانونية بالإرادة الوطنية.

العلاقات المصرية الصينية تشهد  تطورًا مستمرًا في كافة المجالات علي مدى العقود الستة الماضية وقد أثبتت هذه العلاقات قدرتها على مواكبة التحولات الدولية والإقليمية والداخلية.

كما تنتهج الدولتان سياسات متوافقة من حيث السعي والعمل من أجل السلام في كافة أرجاء العالم، والدعوة إلى ديمقراطية العلاقات الدولية، وإقامة نظام دولي سياسي واقتصادي منصف وعادل قائم على احترام خصوصية كل دولة فضلا عن تفهم كل طرف للقضايا الجوهرية للطرف الاخر،

حبي تتميز العلاقات المصرية الصينية بتعاون استراتيجي شامل في مختلف المجالات، مع تركيز خاص على التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، بالإضافة إلى التعاون في مجالات البنية التحتية والسياحة والثقافة.

وشهدت العلاقات تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مع زيادة الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى وتوقيع اتفاقيات ثنائية لتعزيز الشراكة بين البلدين.

حيث أُطلقت الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين عام 2014، وفي عام 2023 تمّ إطلاق “عام الشراكة المصرية–الصينية”، استكمالاً لمسيرة تمتدّ لعقد من التعاون المتنامي.

كما أن التشابه التاريخي والتلاقي الحضاري بين الشعبين المصري والصيني وضع قواعد راسخة للعلاقات السياسية والدبلوماسية بين الدولتين.

تبادل تجاري

ارتفع حجم التجارة بين البلدين من نحو 11.9 مليار دولار في بداية 2022 إلى 15.7 مليار دولار في يناير 2024

رغم تراجع طفيف إلى 14 مليار دولار عام 2023 مقابل 16.6 مليار دولار عام 2022.

الاستثمارات المشتركة والمشاريع الكبرى

* مناطق صناعية استراتيجية

في قلب التعاون الصناعي، تقف منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري بالسويس، والتي تحوي نحو 145 شركة صينية باستثمارات تجاوزت الملياري دولار

* مشاريع ضخمة مثل مصنع جلاسبايرج (Jushi) للألياف الزجاجية تُنتج لفائدة التصدير.

شبكات السكك والربط البحري

تعاون واسع لتطوير السكك المصرية وتحويلها إلى سكك كهربائية، أبرزها خط القاهرة الخفيف وربط العاصمة الجديدة بميناء العين السخنة والعلمين

. كما شراكات في تطوير موانئ القناة مع شركات مثل COSCO وthinkchina.sg

الطاقة والمتجدة

تدخل صيني قوي في مشروعات الطاقة الشمسية في بنبان بأسوان، إضافة إلى اتفاق لبناء مزرعة رياح 1100 ميغاوات بخليج السويس

صناعة السيارات الكهربائية والرقمنة

مصنع جيلي للسيارات الكهربائية قرب القاهرة بدأ الإنتاج في يناير 2025 بطاقة تقدّر بنحو 30 ألف مركبة سنويًا

*كما وفّر كذلك شراكة مع Tsinghua Unigroup لإنشاء صندوق استثماري بقيمة 300 مليون دولار للرقاقات والذكاء الاصطناعي

* التمويل والتسهيلات البنكية

تمويل مشروعات البنية التحتية

قدم بنك التنمية الصيني قروضًا تتجاوز 6.5 مليار دولار بحلول الربع الثالث من 2023، بما يوازي نحو 956 مليون دولار إضافية .

مبادرات تبادل ديون واستثمار

تناقش القاهرة وبكين تطبيق آلية “دين مقابل تنمية”، لتحويل جزء من ديون مصر إلى قروض بدون فوائد لتمويل مشروعات تنموية.

تعامل بالعملات المحلية والسندات

بعثت مصر بعلاقات مالية تطورت لتشمل تبادل عملات محلية، وإصدار سندات “باندا” بالصين، وانضمامها للبنك الآسيوي والبنك الجديد للتنمية .

4. تقنيات وفضاء ومستقبل رقمي

التعاون الفضائي والتكنولوجي

مصر أنشأت مختبرًا لتجميع الأقمار الصناعية بمساندة صينية، بالإضافة إلى إرساءِ شراكات في تقنيات 5G والحوسبة السحابية

صناعة الإلكترونيات والرقاقات

بدعم من التعاون مع بكين، يهدف برنامج “Egypt Makes Electronics” إلى تعزيز التصنيع المحلي للإلكترونيات، بما في ذلك إنشاء صندوق رقاقات بقيمة 300 مليون دولار بمشاركة صينية

5. أبعاد زيارة “لي تشيانج” وتوقيتها

دور تشريعي ودعم سياسي

رئيس المجلس الوطني الصيني – وهو ثاني أعلى منصب قيادي صيني – يحمل رسالة تؤكد التزام بكين التشريعي والدبلوماسي لتمتين العلاقات وتعزيز الإرادة السياسية بين البلدين.

توقيتها الاستراتيجي

تأتي الزيارة بعد إعلان آليات مالية جديدة، واتفاقيات ضخمة في مجالات النقل والطاقة والكهرباء والفضاء؛ كمؤشر مهم على نزاهة التنفيذ والمصادقة التشريعية على تلك المشاريع.

إرساء تعاون متوازن

يسعى الطرفان إلى تصحيح هوامش التجارة، وتعزيز صادرات مصر للصين، وتسهيل إدخال المدخلات الصينية للتصنيع المحلي؛ ما يجعل وجود “لي تشيانج” لا يُعد زيارياً فقط، بل يُعبّر عن ترسيخ شراكة قانونية متكاملة.

خلاصة: نحو شراكة اقتصادية استراتيجية متجددة

مصر تأخذ خطوة جديدة نحو تحويل الموارد إلى صناعات محلية، مستفيدة من الخبرة الصينية وتمويلها التكميلي.

بكين تعزز وجودها في قلب الجغرافيا الاقتصادية، خاصة عبر الطاقة والسكك والتكنولوجيا، وتتخذ مصر قاعدة لانطلاق مشاريع تهم المنطقة والعالم.

تصميم مشترك على نقل التكنولوجيا، وتوطين الإنتاج، وفتح فرص لتصدير منتجات مصرية، مع دخول عملات محلية لمنصات التمويل.

ومن المتوقع أن تكون زيارة “لي تشيانج” لوحة واضحة لشراكة سياسات مالية تقريبية، سنّية لقوانين دعم الاستثمار، وتعميق لعلاقة بنية قانونية بالإرادة الوطنية.

 

عن وجه افريقيا