عثمان بشري يكتب: حينما يعجز اللسان ..  (لو رثيتهم لاحتجت لي مناح) 

حينما يعجز اللسان ..

(لو رثيتهم لاحتجت لي مناح)

طرقت اذني رائعة سيد عبد العزيز الشاعر ؛

ماجنيت في هواك

وما علي جناح

اشتكيت للقمري

لم يعيرني جناح

يكفيك لساني الغني

كم وكم ليك ناح

لو رثيتبو حياتي

ما احتجت لي مناح

هنالك شخوص ارتحلوا الي دار البقاء والخلود .. لم يستطيع اللسان والفكر ان يسطر حرفا واحدا عنهم .. فيقف عاجزا ومذهولا .. رغم القناعة التامة اننا في دار رحيل وليس بقاء .. وإن الموت هو الحقيقة الثابتة الوحيدة في هذه الدنيا .. لذا فاننا عكس سيد عبد العزيز نحتاج لمناح ان يبكيهم ..

الناظر والمقاتل وبينهما ميرم ..

الناظر حيدر بابو نمر .. هذا الراحل الجليل .. اثبت أن جينات الزعامة والكرم والشهامة هي ميراث .. اذا كانت للحرب بضع ميزات .. فقد جمعتني به في قاهرة المعز .. قبل رحيله الابدي .. رغم صلة القرابة والمحبة .. الا انني لم التقيه كثيرا .. ربما عامل الغربة .. رجل ناظر بمعني الكلمة .. يلتقيك هاشا باشا في محياه .. وكانك صديق من خاصته .. يحدثك في التاريخ والانساب والبترول .. حديث العارف العالم .. لا يبتخس من معرفتك القليلة .. بل يدعمها .. هو وشقيقه الناظر صادق امد الله في عمره ومتعه بالصحة .. لا تمل ان تجالسهم وتسمعهم .. جأني الراحل مستشفيا .. لظنه الحسن في.. كل من التقاه في العيادة .. انبهر من جمال خلقه .. وظرف حديثه .. وشمائل معرفته .. لكنها الحياة .. تسلب منا الاجمل والأتقي والاروع .. رحل الناظر حيدر وخلف ورائه سيرة عطرة وذرية تحمل ما بدأه في مسيرة الحياة مع صنوه اختي الدكتورة زينب ازرق ..

ثاني الراحلين الصديق عادل زقل .. ذلك المقاتل العنيد .. الذي كان يجهر برأيه ولا يجامل فيه .. له معي حكايات وحكايات لا تكفيها مجلدات ان تقص .. منبع ومستودع لمعرفة الناس والاسر .. وعاشق لامدرمان. من فتيح للخور للمزالق .. رحيله كان مفاجئا للكل .. عشق مصر .. بمقاهيها .. بمكتباتها من مدبولي لسور الازبكية .. ذاكرته كربونية .. تستطيع ان تجمع كل المعارف الانسانية .. عوض الله شبابه الجنة وطرح بركة في زوجه وبناته ..

اما الميرم سعاد مزمل علي دينار .. حقيقة يعجز اللسان عن رثائها .. في موتها عبر ودروس للحياة .. عن كيف يرحل الانسان الي ربه وهو في عز صحته ؟! عن معني ان تترك سيرة عطرة .. تجمل رائحتها ذكراك كلما ذكرت .. عن كيف تبكيك الجموع اهل ومعارف ومناضلين .. فهي تلك الثائرة التي كانت تقاتل وتقود كل التظاهرات ضد الحيف وجور السلطان .. رحلت وتركت فراغ في اسرتها الصغيرة والكبيرة .. لها جنات ورضوان من الله ..

هكذا هي الحياة .. تجعلنا نبكي علي من فقدنا .. وعلي انفسنا ..

عن وجه افريقيا