كتب – وجدي عبد العزيز
شهد الأسبوع الماضي تزايدا ملحوظا في أعداد المهاجرين في قوارب الموت المطاطية والخشبية انطلاقا من السواحل التونسية والليبية آملين في عبور حوالي 300كم من البحر المتوسط والوصول للشواطئ الأوروبية في مالطا وايطاليا، حيث قامت سفن الإنقاذ بالتقاط أكثر من 700 مهاجرا من مياه البحر كانوا على وشك الغرق قبالة السواحل الليبية والتونسية، يحدث ذلك في الوقت الذي اندلعت فيه الآزمة السياسية في تونس وتستمر ليبيا في محاولة التصالح بين الفرقاء والميليشيات والمرتزقة بدعوى الإعداد للانتخابات.
وبينما كان راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة التونسي يحذر أوروبا من مخاطر تدفق 500 الف تونسي لأوروربا اذا لم تتخذ موقفا معه ضد اجراءات الرئيس قيس سعيد الاستشنائية التي اقرها في 25 يوليو الماضي، كانت قوارب الموت تتجه فعليا نحو أوروبا، ليس بفعل الآزمة الأخيرة وحدها ولكن لأن هذه المنطقة تعد قريبة جدا من السواحل الأوروبية وخاصة مالطا وايطاليا، تعتبر ممر دائم يسلكه المهربون والمهاجرون غير الرسميون وينشط الاعتماد عليه في فصول الصيف من كل عام بسبب الاستقرار والتحسن النسبي لحالة الامواج في البحر المتوسط، وغالبا ما يكون المهاجرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء وأيضا مواطني بعض البلدان العربية المنكوبة بالحكم الاستبدادي والحروب والأزمات السياسية.
هولاء المهاجرون يضطرون للمغامرة بأرواحهم في رحلة للموت غرقا في أغلب الأحوال أو القبض عليهم واعادتهم مرة اخرى لمراكز اعتقال في ليبيا، ولكن دوافع الهجرة لاتزال قائمة رغم المحاولات المستمرة للحكومات الأوروبية للتصدي لموجات الهجرة عبر البحر المتوسط عبر انشاء وحدات بحرية خاصة للقبض على المهاجرين وانفاق الأموال من أجل تسليح وتدريب حرس السواحل في بلدان جنوب المتوسط لمنع المهاجرين من الوصول للشواطئ الأوروبية.
وتأتي موجة الهجرة المتزايدة حاليا مصاحبة لدعوات متكررة من مسئولو الهجرة بالأمم المتحدة بضرورة وضع آلية للمشاركة في تحمل مسئوليات العناية بالمهاجرين بدلا من تركها لدول المتوسط وحدها، وتعمل بعض المؤسسات والمنظمات المدنية الأهلية في تقديم الدعم والحماية للمهاجرين عبر تشغيل سفن للإنقاذ مثل “أوشن فيكنج” التابعة لمنظمة “أس أو أس المتوسط” وجماعة “سي ووتش” الألمانية و”ريسكشيب” ولكنها غالبا ما تواجه صعوبات في إدخال هؤلاء المهاجرين إلى الأراضي الأوروبية وتضطر لإعادتهم مرة أخرى لدول جنوب المتوسط في معسكرات اعتقال حتى تتم اعادهم لبلدانهم الأصلية، ومن بين الظواهر الجديدة في في هذه الموجة هو تزايد أعداد الأطفال غير المصاحبين لذويهم بين محاولي الهروب لحلم الحياة في اوروبا، وكان أصغر من تم انقاذه مؤخرا طفلا يبلغ من العمر ثلاثة شهور فقط.
وتمكنت سفينة “أوشن فيكنج” وحدها من انقاذ 555 مهاجرا على متنها خلال نهاية هذا الأسبوع وكان من بينهم 28 سيدة واثنتان منهن في الشهور الأخيرة من حملهن ولاتعلم السفينة حتى هذه اللحظة إلى أي ميناء ستترك هؤلاء المهاجرين، وتحتل ليبيا المرتبة الأولى بين الدول التي تغادر منها قوارب الموت الرغم من استمرار حالة اللا أمن في هذا البلد بعد الإطاحة بالعقيد معمر القذافي. وتعتبر هذه النقطة لعبور المتوسط من أخطر الرحلات واكثر اغراقا للمهاجرين طبقا لأحصائيات منظمة الهجرة الدولية فمن بين 1113 قتيلا مسجلا في النصف الأول من هذا العام في البحر المتوسط كان 930 منهم في هذه المنطقة بالمياه الدولية أمام السواحل الليبية والتونسية، ورغم ذلك لاتزال اعداد محاولي العبور في تزايد مستمر طبقا للمؤشرات الأخيرة لمنظمة الهجرة الدولية.