سحر رجب
استضافت جامعة الدول العربية اليوم الثلاثاء، فعالية لإطلاق التقييم الثالث للآثار الاجتماعية والاقتصادية لحرب غزة الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) والذي يقدم موجز تقديرات محدثة لأثر الحرب على الفقر، والناتج المحلي الإجمالي والبطالة والتنمية البشرية، بعد مرور عام كامل على بدء الحرب، فضلاً عن سيناريوهات مقدرة لاحتمالات التعافي بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
جاء ذلك بحضور السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، و الدكتور عبد الله الدردري الأمين العام المساعد للأمم المتحدة والمدير المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية، وطارق العلمي مدير مجموعة الحوكمة ودرء النزاعات بالإسكوا، وعدد من المندوبين الدائمين بالجامعة العربية.
ورجح التقييم أن يرتفع معدل الفقر في دولة فلسطين إلى 74.3% في عام 2024، ليشمل 4.1 مليون من المواطنين، بما في ذلك 2.61 مليون مواطن جدد ينضمون إلى مصاف الفقراء، جراء الحرب الإسرائيلية الراهنة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وأشار التقييم إلى أنه من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي لفلسطين بنسبة 35.1% في عام 2024 مقارنة بالتقديرات في غياب الحرب، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 49.9%.
وتناول التقييم الجديد مدى وعمق مظاهر الحرمان، باستخدام مؤشرات الفقر المتعدد الأبعاد، واستعرض آفاق التعافي في دولة فلسطين بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار.
ولفت التقييم إلى أن خطة شاملة للتعافي وإعادة الإعمار، تجمع بين المساعدات الإنسانية والاستثمارات الاستراتيجية في التعافي وإعادة الإعمار، إلى جانب رفع القيود الاقتصادية وتعزيز الظروف المواتية لجهود التعافي، من شأنها أن تساعد في إعادة الاقتصاد الفلسطيني إلى المسار الصحيح ليستعيد توافقه مع خطط التنمية الفلسطينية بحلول عام 2034، ولكن هذا السيناريو لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كانت جهود التعافي غير مقيدة.
وذكر التقرير أنه في قلب المعاناة الإنسانية والخسائر الفادحة في الأرواح، تلوح في الأفق إرهاصات أزمة إنمائية خطيرة تعرض مستقبل الأجيال الفلسطينية القادمة للخطر”.
وأضاف: “أنه حتى لو تم تقديم المساعدات الإنسانية كل عام، فإن الاقتصاد قد لا يستعيد مستوى ما قبل الأزمة لمدة عقد أو أكثر.. ويحتاج الشعب الفلسطيني إلى استراتيجية قوية للإنعاش المبكر يتم تنفيذها حالما تسمح الظروف على الأرض، كجزء لا يتجزأ من مرحلة المساعدة الإنسانية، من أجل إرساء الأسس للتعافي المستدام.
وتناول التقييم ثلاثة نماذج للتعافي المبكر وهو مصطلح شامل تستخدمه المنظمات الإنمائية والإنسانية لوصف الإجراءات التي يمكن اتخاذها للاستجابة لآثار الأزمات والتخفيف من حدتها.
ويمكن أن تشمل هذه الإجراءات مجموعة واسعة من التدابير بدءاً من الجهود العاجلة لاستعادة الخدمات الأساسية في الأمد القريب وصولاً إلى تعزيز القدرات المحلية على مواجهة الأزمات المحتملة في المستقبل على المدى الطويل.
وتطرق التقييم إلى تحذير بشأن ملايين الأرواح التي تزهق، وعقود من جهود التنمية التي يتم القضاء عليها. وأضاف: “لقد حان الوقت لوضع حد للمعاناة وإراقة الدماء التي اجتاحت منطقتنا.. ويجب أن نتحد لإيجاد حل دائم يمكّن جميع الشعوب من العيش بسالم وكرامة، وحيث يستفيد الجميع من ثمار التنمية المستدامة،ويحترَم القانون الدولي والعدالة”
ويرجح التقييم انه بحلول نهاية عام 2024، ستكون هناك انتكاسات كبيرة في التنمية كما تقيسها مؤشرات التنمية البشرية إلى مستويات لم نشهدها منذ بدء حسابات مؤشرات التنمية البشرية لدولة فلسطين في عام 2004، لذلك يلجأ التقييم إلى استخدام الاستقراء العكسي الخطي.
وتوقع أن ينخفض مؤشر التنمية البشرية لدولة فلسطين إلى 0.643 وهو المستوى المقدر لعام 2000، مما يؤخر التنمية بمقدار 24 عاما.. بينما يُتوقع أن ينخفض مؤشر التنمية البشرية لغزة إلى 0.408 وهو المستوى المقدر لعام 1955، مما يمحو أكثر من 69 عاما من التقدم التنموي.
ومن المتوقع كذلك أن ينخفض مؤشر التنمية البشرية للضفة الغربية إلى 0.676، مما يعكس خسارة قدرها 16 عاما، ويحذر التقييم من زيادة التراجع المرجح إذا تما توسعت التوغلات العسكرية في الضفة الغربية.
ويخلص التقييم إلى أن الحرب أدت أيضًا إلى تفاقم حدة الحرمان بشكل كبير كما بتم قياسه بواسطة دليل الفقر المتعدد الأبعاد.
وابرز أنه من المتوقع أن يرتفع مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد بشكل حاد بالنسبة لدولة فلسطين من 10.2 في المئة، وهي القيمة التي تم قياسها في عام 2017 إلى ما يقدر بنحو 30.1 في المئة في عام 2024.