سحر رجب
في لمسة تجمع بين التراث التاريخي والطموح البيئي المستقبلي، شهد المنتدى الدولي “صفر نفايات” الذي انعقد في إسطنبول، لقاءً استثنائيًا بين قرينة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السيدة أمينة أردوغان، وسيدة أعمال مصرية رائدة في مجال الاستدامة، راوية منصور.
اللقاء، الذي جاء في إطار مشاركة ممثلي وزارات البيئة من 63 دولة حول العالم، لم يكن مجرد تبادل آراء، بل خطوة نحو شراكات استراتيجية تعيد صياغة التعاون المصري-التركي في مواجهة أزمة المناخ.
راوية منصور.. جسر التراث والابتكار البيئي
دخلت راوية منصور، المليارديرة المصرية المعروفة بمشاريعها الجريئة في إعادة التدوير والطاقة المتجددة، على خط المنتدى بفضل تنسيق دقيق من سفارة الجمهورية التركية في القاهرة.
ولم تكن مشاركتها عابرة؛ فقد استقبلتها السيدة أمينة أردوغان شخصيًا، حيث قدمت منصور عرضًا حيويًا عن مشاريعها الرائدة في مصر، مثل برامج تحويل النفايات إلى موارد مستدامة ومبادرات تقليل الانبعاثات الكربونية في المدن الكبرى.
ما أضاف لمسة درامية إلى اللقاء هو الخلفية التاريخية لمنصور، التي هي حفيدة المشير التاريخي دِلي فؤاد باشا، الشخصية المشتركة بين مصر وتركيا.
وُلد باشا في القاهرة عام 1885، وتلقى تعليمه العسكري هناك، قبل أن يصبح ضابطًا ومدربًا في الجيش المصري، مما يجعله رمزًا للروابط العميقة بين البلدين.
“هذا اللقاء ليس مصادفة، بل إرث يتجدد”، قالت مصادر مقربة من الوفد المصري، مشيرة إلى أن منصور رأت في المنتدى فرصة لربط الماضي بالحاضر البيئي.
رسالة أمينة أردوغان: “لا أحد يُترك خلف الركب”
وسط نخبة من الشخصيات البيئية العالمية، ألقت السيدة الأولى التركية كلمة ملهمة شددت فيها على ضرورة التعاون الدولي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030. “يجب أن نعمل بروح التعاون، في إطار رؤية تبني عالمًا لا يُترك فيه أحد خلف الركب”، أكدت أردوغان، مشددة على أن “التحديات البيئية لا تعرف حدودًا، وتحقيق الهدف مرهون بتحمّل جميع الدول لمسؤولياتها والمشاركة الفاعلة”.
وأبرزت تركيا كقوة رائدة في التعاون الدولي، حيث تولي أهمية كبيرة لـ”تحديد الأهداف المشتركة في معالجة قضايا المناخ والبيئة”. وفي إشارة مباشرة إلى الشراكات المستقبلية، أعربت أردوغان عن أملها في أن يصبح هذا المنتدى “منطلقًا لشراكات استراتيجية قائمة على توزيع عادل للمسؤوليات”، مع التركيز على توزيع العبء البيئي بشكل منصف بين الدول المتقدمة والنامية.
آفاق شراكة مصرية-تركية: من النفايات إلى الاستدامة
يأتي هذا المنتدى في وقت حاسم، حيث تواجه العالم أزمة نفايات تتجاوز 2.2 مليار طن سنويًا، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.
مشاركة منصور، التي نجحت في تنفيذ مشاريع بيئية مبتكرة غيرت وجه مناطق في مصر مثل الدلتا والقاهرة، قد تفتح الباب أمام تعاون ثنائي يجمع بين خبرة تركيا في الطاقة الخضراء وابتكارات مصر في الاقتصاد الدائري.
خلص المنتدى إلى توصيات تشمل إنشاء شبكة دولية لتبادل التقنيات البيئية، مع التأكيد على دور النساء كقائدات في هذا المجال.
ومع اقتراب عام 2030، يبدو أن إسطنبول ليست مجرد مضيف، بل نقطة انطلاق لثورة خضراء مشتركة. هل سيكون هذا اللقاء البذرة الأولى لتحالف مصري-تركي يغير قواعد اللعبة البيئية؟ الإجابة تكمن في الخطوات القادمة.