سحر رجب
في إحياء لتراث النضال الوطني الذي شكّل هوية الصين الحديثة، يعتزم الرئيس شي جين بينغ، إلى جانب قادة بارزين من الحزب الشيوعي الصيني والدولة، تقديم أكاليل من الزهور إلى الأبطال الوطنيين الراحلين صباح الثلاثاء في ميدان تيان آن من، قلب العاصمة بكين.
يأتي هذا الحدث الرمزي بمناسبة اليوم الـ12 لـ”يوم الشهداء”، الذي يُحتفل به سنوياً في 30 سبتمبر، يوماً واحداً قبل الاحتفال باليوم الوطني، لتكريم الشهداء الذين ضحّوا بحياتهم من أجل الاستقلال والوحدة الوطنية.
وسينضم إلى الرئيس شي جين بينغ، الذي يشغل أيضاً منصب الأمين العام للحزب الشيوعي، قادة آخرون مثل رئيس الدولة والممثلين عن الجيش الشعبي، بالإضافة إلى ممثلين من مختلف مناحي الحياة، بما في ذلك الفنانين والمثقفين والشباب، لتعزيز الرسالة الجماعية للوحدة الوطنية.
وستُبث الفعالية مباشرة عبر قنوات مجموعة الصين للإعلام (CGTN)، مما يتيح لملايين الصينيين مشاهدة هذا اللحظة التاريخية، في تقليد أصبح يُعرف بـ”الوقوف الجماعي أمام التاريخ” لتعزيز الوعي الوطني.
يأخذ هذا العام بعداً خاصاً، إذ يوافق الذكرى الـ80 لانتصار حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد الغزو الياباني (1937-1945)، والتي كانت جزءاً أساسياً من الحرب العالمية الثانية ضد الفاشية.
شهدت تلك الحرب تضحيات هائلة، حيث قُتل أكثر من 20 مليون صيني، وفقاً لتقديرات رسمية، مما جعلها أكبر صراع مسلح في التاريخ البشري من حيث عدد الضحايا.
كان النصر في 1945، الذي أُعلن في 2 سبتمبر من ذلك العام، نقطة تحول أدت إلى إنهاء الاحتلال الياباني ومهدت الطريق لتأسيس جمهورية الصين الشعبية في 1949.
وفي سياق الذكرى هذه، شددت السلطات الصينية مؤخراً على أهمية “الحفاظ على السلام العالمي”، مستذكرة دروس الحرب في مواجهة التوترات الجيوسياسية الحالية في آسيا والمحيط الهادئ.
يُقام الحفل أمام النصب التذكاري للأبطال الشعبيين (Monument to the People’s Heroes)، الذي أُكشف في 1958 في وسط ميدان تيان آن من، وهو رمز للثورة الصينية ونضالاتها ضد الاستعمار والإمبريالية.
يبلغ ارتفاعه 37.94 متراً، ويحمل نقشاً يلخص تاريخ الصين الحديث، منذ حرب الأفيون (1839-1842) إلى تأسيس الجمهورية. في السنوات السابقة، شهدت هذه الفعاليات مشاركة واسعة، حيث يُطلب من المواطنين ارتداء الزي الرسمي وتقديم تحية الاحترام، مما يعكس التزام الحكومة بترسيخ قيم الولاء الوطني بين الأجيال الشابة.
من المتوقع أن يتضمن البرنامج خطاباً قصيراً من الرئيس شي، يركز على “روح المقاومة الوطنية”، كما حدث في الذكرى الـ79 العام الماضي، حيث أكد على أن “التضحيات السابقة هي أساس القوة الحالية للصين”.
كما يُعد هذا الحدث مقدمة للاحتفالات الكبرى باليوم الوطني في 1 أكتوبر، الذي يشمل عرضاً عسكرياً ضخماً في بكين، يُظهر التقدم التكنولوجي الصيني في الدفاع، وسط توترات مع تايوان والولايات المتحدة.
يُبرز هذا التكريم دور الصين في تشكيل النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، حيث أصبحت عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي عام 1945، ويُعد اليوم فرصة للتأكيد على سياسة “التنمية السلمية” تحت قيادة شي جين بينغ، الذي يسعى لتحويل الصين إلى قوة عظمى بحلول 2049.
وسط عالم يشهد صراعات متجددة، يُعد يوم الشهداء تذكيراً بأن “السلام يُبنى على تضحيات الأبطال”، كما يُردد النشيد الرسمي للاحتفال.