أخبار عاجلة

أمل هش في غزة ..حماس تقبل وقف إطلاق النار وسط صمت اسرائيلي

سحر رجب

في تطور درامي قد يمثل نقطة تحول في الصراع الدامي الذي يجتاح قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، بعد أن أعلنت حركة حماس قبولها لاقتراح وقف إطلاق نار جديد قدمته الوساطة المصرية والقطرية، مدعوماً بجهود أمريكية.

الاقتراح، الذي وُصف بأنه “شبه مطابق” لخطة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، يشمل ترتيبات مؤقتة لوقف القتال لمدة 60 يوماً، تبادل رهائن وأسرى، وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.

ومع ذلك، يظل الصمت الإسرائيلي الرسمي مصدر توتر، حيث أشارت تقارير إلى استمرار الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا الاتفاق سيُنفذ أم سيبقى حبراً على ورق كسابقيه.

هذا الإعلان يأتي بعد 22 شهراً من الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف، ودمر البنية التحتية في غزة، وأدى إلى أزمة إنسانية كارثية وصفتها منظمات دولية بـ”الجوع المفتعل”.

وسط ضغوط دولية متزايدة، برزت مصر وقطر كوسيطين رئيسيين، مستفيدتين من علاقاتهما التاريخية مع الأطراف المعنية، في محاولة لإنقاذ ما تبقى من أمل في السلام.

الخلفية التاريخية: سلسلة فشل ومحاولات مستميتة

بدأ الصراع الحالي بهجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة، تلاه رد إسرائيلي عنيف أدى إلى مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني، وفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية.

منذ ذلك الحين، قادت مصر وقطر، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، جولات متعددة من المفاوضات غير المباشرة، لكنها غالباً ما انهارت بسبب خلافات حول شروط الانسحاب الإسرائيلي، إطلاق الرهائن، ودور حماس في إدارة غزة ما بعد الصراع.

في مايو 2025، أصدرت مصر وقطر بياناً مشتركاً يؤكد تنسيقهما الوثيق لمواجهة “الكارثة الإنسانية”، محذرتين من محاولات إسرائيلية لتغيير الواقع الديموجرافي في غزة، مثل خطط بناء “مدن خيام إنسانية” قرب رفح، والتي رفضتها القاهرة كمحاولة للنزوح القسري.

وفي يونيو، أكدت حماس استعدادها لاستئناف المحادثات تحت الوساطة المشتركة، مشددة على ضرورة وقف القتال الدائم مقابل إطلاق سراح الرهائن.

أما قطر، فقد استضافت في الدوحة جولات سرية، بما في ذلك زيارة مدير الموساد الإسرائيلي دافيد بارنيا في أغسطس 2025، لمناقشة صفقة رهائن محتملة.

شهدت الجهود ذروتها في أغسطس الجاري، مع زيارة رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى مصر، حيث ناقش مع الرئيس عبد الفتاح السيسي تعزيز التنسيق لإنهاء الحرب.

وقد أدى ذلك إلى تقديم الاقتراح الجديد، الذي اعتمد على إطار أمريكي سابق اقترحه الرئيس جو بايدن، لكنه تم تعديله ليتناسب مع مطالب الأطراف.

تفاصيل الاقتراح: مراحل ثلاث وآليات تنفيذ
يُقسم الاقتراح إلى ثلاث مراحل رئيسية، وفقاً لمصادر مطلعة على المفاوضات.

في المرحلة الأولى، يُعلق القتال لمدة 60 يوماً، مع إطلاق سراح نحو 20-30 رهينة إسرائيلية (من بين حوالي 50 رهينة متبقية) مقابل إفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين، وانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من المناطق الحضرية في غزة.

كما يشمل تسهيل دخول 500 شاحنة مساعدات يومياً عبر معبر رفح، الذي تسيطر عليه مصر، لمواجهة أزمة الجوع التي تهدد مليوني فلسطيني.

المرحلة الثانية تركز على إطلاق سراح باقي الرهائن، بما في ذلك الجنود، مقابل إفراج عن أسرى فلسطينيين بارزين، مع إعادة تمركز القوات الإسرائيلية قرب الحدود.

أما المرحلة الثالثة، فتفتح الباب أمام وقف إطلاق نار دائم، مع مناقشات حول إعادة إعمار غزة ودور السلطة الفلسطينية في إدارتها.

وقال مستشار رئيس الوزراء القطري ومتحدث وزارة الخارجية، الدكتور ماجد الأنصاري، إن الاقتراح “يشمل مساراً واضحاً نحو وقف إطلاق نار دائم”، مشدداً على أن رد حماس كان “إيجابياً” ودون تعديلات جوهرية.

أكدت مصر، من جانبها، دعمها للتدريب الأمني للكوادر الفلسطينية لتولي مسؤوليات في غزة.

كما أكد وزير الخارجية بدر عبد العاطي خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى عند معبر رفح، محذراً من “أوهام إسرائيل الكبرى” التي لن تُسمح بتنفيذها.

ردود الأطراف: بين التفاؤل والحذر

رحبت حماس بالاقتراح، معتبرة إياه خطوة نحو إنهاء “الإبادة الجماعية”، كما وصفتها في بيانها الرسمي يوم 18 أغسطس.

وقال مصدر في حركة حماس “أبلغنا الوسطاء بموافقتنا دون تعديلات”، مشدداً على ضرورة وقف القتال الدائم مقابل الرهائن.

أما قطر، فقد حثت على تنفيذ فوري، محذرة من أن الاتفاق لن يُطبق “فوراً” بسبب التعقيدات.
من ناحية إسرائيل، لم يصدر رد رسمي حتى الآن، لكن مسؤولين أشاروا إلى استمرار الاستعدادات لعملية برية موسعة، بما في ذلك استدعاء 60 ألف مجند احتياطي.

وقالت تقارير إسرائيلية إن الحكومة تطالب بإطلاق سراح جميع الرهائن قبل أي وقف، معتبرة الاقتراح “غير كافٍ” لضمان أمنها.

في الوقت نفسه، أكدت الولايات المتحدة دعمها للجهود، مع زيارات متكررة لمبعوثيها إلى المنطقة.

على صعيد الرأي العام، أظهرت تغريدات حديثة على منصة إكس تفاؤلاً حذراً، حيث قال حساب “Firstpost”: “حماس قبلت اقتراح وقف إطلاق نار جديد وجاهزة لاستئناف المحادثات”، بينما شدد آخرون على فشل الجولات السابقة.

التحديات والآفاق: بين الانهيار والسلام الممكن

رغم التقدم، تواجه الوساطة عقبات هائلة، أبرزها الثقة المفقودة بين الأطراف والضغوط الداخلية في إسرائيل، حيث يعارض اليمين المتطرف أي تنازلات.

كما أن الأزمة الإنسانية في غزة، مع نقص الغذاء والدواء، تزيد من الإلحاح، لكنها قد تُستغل كورقة تفاوض.

يرى محللون  أن التنسيق المصري-القطري قد يؤدي إلى “مسار مستدام”، لكنه يتطلب ضمانات دولية للتنفيذ.

في الختام، يمثل قبول حماس خطوة جريئة نحو السلام، لكن نجاحها يعتمد على رد إسرائيل والتزام الوسطاء.

مع استمرار القصف اليومي، تظل غزة على حافة الانهيار، وتبقى الوساطة المصرية-القطرية البارقة الوحيدة لإنقاذ المنطقة من دوامة العنف اللامتناهية.

عن وجه افريقيا