أخبار عاجلة

331 طنًا من الطاقة النظيفة: مصر تُحرك “قلب الضبعة” النووي في خطوة تاريخية نحو المستقبل

سحر رجب

بعد انتظار دام أكثر من 40 شهرًا منذ بدء التصنيع في مايو 2022، شهدت مصر يوم الخميس الماضي، لحظة فارقة في مسيرتها نحو الطاقة النووية السلمية، مع بدء تحريك وعاء الضغط العملاق للوحدة الأولى في محطة الضبعة النووية.

هذا الإنجاز، الذي أُعلن عنه خلال المنتدى الدولي للطاقة الذرية في موسكو بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، يمثل نقلة نوعية في البرنامج النووي المصري، الذي يسير وفق الجدول الزمني المحدد.

الوعاء، الذي يُعد القلب النابض للمفاعل النووي، يبلغ ارتفاعه 11.1 مترًا ووزنه يفوق 331 طنًا، وهو مصنع في مصنع AEM-Technology بمدينة بطرسبرغ الروسية.

داخل جدرانه ذات السُمك البالغ 30 سنتيمترًا، ستدور عمليات التفاعل الانشطاري الذي يولد الطاقة النظيفة، محاطًا بأنظمة أمان متقدمة تضمن حماية البشر والبيئة لعقود طويلة.

ووصفه الوزير عصمت بأنه “حدث عظيم يتيح بدء تركيب المعدات الأخرى داخل المفاعل”، مؤكدًا أن الوعاء قادر على تحمل الضغط والإشعاع لأكثر من 60 عامًا، مما يجعل مصر واحدة من الدول القلائل التي تمتلك هذه التقنية المتطورة.

يأتي هذا الإنجاز ضمن مشروع محطة الضبعة، الذي يعتمد مفاعلات من طراز VVER-1200 – الأحدث عالميًا – بقدرة إجمالية تصل إلى 4800 ميغاواط، ومن المتوقع أن تبدأ الوحدة الأولى عملياتها التجريبية في عام 2028، مساهمة في تقليل انبعاثات الكربون وتعزيز الاستدامة البيئية.

أكد الوزير أن البرنامج “يتم تنفيذه وفق الجدول الزمني”، مشيرًا إلى مشاركة أكثر من 1700 مصري في برامج تدريبية مكثفة في روسيا لضمان نقل الخبرة المحلية.

من داخل الصفوف المصرية، أعرب خبراء اتحاد الخبراء والاستشاريين ESGRI عن فخرهم بهذا الإنجاز، الذي يجسد اندماج التكنولوجيا المتقدمة مع مبادئ الاستدامة والسلامة.

المهندس خالد دراز، عضو لجنة الجودة والاستدامة في الاتحاد والمهندس المسؤول عن الجودة والسلامة والصحة المهنية في المفاعل، قال: “أن أكون جزءًا من هذا المشروع يعني لي الكثير، لأننا لا نبني مجرد مفاعل، بل نبني مستقبلًا نظيفًا لأجيال كاملة، ونضع اسم مصر على خريطة الدول الرائدة في الطاقة النووية السلمية.”

أما المهندس هشام علي الصفتي، خبير الأمن والسلامة والصحة المهنية في الاتحاد، فشدد على الجانب الأمني: “وعاء الضغط هو الحارس الأول للمجتمع.

تصميمه وقدرته على تحمّل الضغط والإشعاع لأكثر من 60 عامًا هو الضمانة الكبرى بأن السلامة تأتي قبل أي شيء.

نحن أمام إنجاز يضع السلامة والحوكمة البيئية في قلب المشروع.”

وفي سياق الاستدامة، رأى الأستاذ الدكتور عاطف نصار، خبير الاستدامة وعضو الاتحاد، أن “هذا المشروع لا يتعلق فقط بالطاقة، بل بالمسؤولية تجاه المناخ. محطة الضبعة النووية ستسهم في تقليل انبعاثات الكربون بشكل ملموس، وهي خطوة جوهرية لتحقيق التوازن بين احتياجات التنمية وحماية البيئة.”

يؤكد الاتحاد ESGRI أن رسالة هذا الإنجاز ليست تقنية فحسب، بل إنسانية أيضًا، حيث يحذر من أن “التكنولوجيا بدون حوكمة بيئية واستدامة قد تتحول إلى خطر”، مشددًا على أن المشاركة المصرية – بما فيها خبراء الاتحاد – تمثل “رأس المال البشري المحلي” الذي يضمن الاستمرارية.

وبينما يغادر الوعاء روسيا متجهًا إلى الضبعة، يُشير هذا الحدث إلى أن مصر ليست مجرد مستوردة للطاقة، بل صانعة لمستقبل أخضر وآمن، يُحتذى به عالميًا.

 

عن وجه افريقيا