سحر رجب

يُعدّ 5 أغسطس من كل عام تاريخًا محوريًا في العلاقة المتوترة بين باكستان والهند، ويُذكّر الباكستانيين بما يعتبرونه “احتلالًا” مستمرًا وقمعًا متزايدًا في إقليم جامو وكشمير الخاضع لسيطرة الهند.

هذا اليوم ليس مجرد ذكرى عابرة، بل هو مناسبة سنوية لتجديد الالتزام بدعم حق الكشميريين في تقرير المصير، وإدانة الإجراءات التي اتخذتها نيودلهي في عام 2019.

في هذا التاريخ، ألغت الحكومة الهندية المادة 370 من دستورها، التي كانت تمنح جامو وكشمير وضعًا شبه مستقل.

بالنسبة لباكستان، كان هذا الإجراء بمثابة “ضم” غير شرعي للإقليم، وانتهاك صارخ للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

منذ ذلك الحين، يُطلق الباكستانيون على هذا اليوم اسم “يوم الاستغلال” أو “يوم الحصار”، أو يوم ” يوم اضطهاد كشمير” ويحيونه بفعاليات واحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، للتعبير عن تضامنهم مع الكشميريين.

تتمثل جذور الأزمة في تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947، حيث أصبح إقليم كشمير محور صراع بين الدولتين.

منذ أن أصدر البرلمان البريطاني يوم 17 يوليو 1947 قانون استقلال الهند الذي أنهى الحكم البريطاني لها، ثم بعد ذلك بشهر قرار تقسيم شبه القارة الهندية، برزت قضية كشمير كعقدة بين دولتي الهند وباكستان اللتين تشكلتا حديثا.

تضمن قرار التقسيم أن تنضم الولايات ذات الغالبية المسلمة إلى باكستان، وأن تنضم الولايات ذات الغالبية الهندوسية إلى الهند، على أن يكون انضمام الولايات وفقا لرغبة السكان، مع الأخذ بعين الاعتبار التقسيمات الجغرافية في كل إمارة.

مرّ قرار التقسيم دون صعوبات تذكر في كل الولايات إلا ثلاثا فقط هي حيدر آباد وجوناغاد وكشمير، ففي إمارة جوناغاد قرر حاكمها المسلم أن ينضم إلى باكستان رغم وجود أغلبية هندوسية في الإمارة، لكن أمام معارضة الأغلبية دخلت القوات الهندية وأجرت استفتاء انتهى بانضمام الإمارة للهند.

وحدث الشيء نفسه في ولاية حيدر آباد التي تدخلت فيها القوات الهندية يوم 13 سبتمبر 1948 مما جعلها ترضخ للانضمام إلى الهند.

أما كشمير فقد كان وضعها مختلفا عن الإمارتين السابقتين، فقد قرر حاكمها الهندوسي هاري سينغ الانضمام إلى الهند، متجاهلا رغبة الأغلبية المسلمة بالانضمام إلى باكستان ومتجاهلا القواعد البريطانية السابقة في التقسيم.

لكن خشيته من ردة فعل الشارع المسلم دفعته لتقديم معاهدة عرضها على البلدين لإبقاء الأوضاع كما هي عليه، فقبلت باكستان بالمعاهدة، في حين رفضتها الهند.

بينما تُصر الهند على أن كشمير جزء لا يتجزأ من أراضيها، ترى باكستان أن الإقليم يجب أن يكون جزءًا منها، أو يُمنح الحق في تقرير المصير.

هذا الخلاف أدّى إلى حروب متعددة وتوترات مستمرة، وما زال يشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق السلام في المنطقة.

على الصعيد الدولي، تدعو باكستان المجتمع الدولي إلى التدخل لوقف ما تسميه “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” في كشمير.

وتشدد على ضرورة تطبيق قرارات الأمم المتحدة التي تنص على إجراء استفتاء حر ونزيه لتحديد مستقبل الإقليم.

من جانبها، ترفض الهند هذه الدعوات، وتعتبر قضية كشمير شأنًا داخليًا.

يُمثّل 5 أغسطس يومًا مهمًا للباكستانيين، ليس فقط للتعبير عن غضبهم من السياسات الهندية، بل أيضًا لتأكيد هويتهم القومية والتزامهم بدعم إخوانهم الكشميريين. ومع استمرار التوتر في المنطقة، يبقى هذا التاريخ شاهدًا على صراع طويل الأمد، وتذكيرًا بأن حل قضية كشمير لا يزال بعيد المنال.