سحر رجب
بدخول العدوان الاٍسرائيلي على غزة شهره الثامن بدأت تظهر بوادر للخلاف بين الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية، تمثلت في وقف شحنة من الذخائر والقنابل الضرورية لإستمرار الحرب في غزة، وجاء ذلك بعد تصاعد المعارضة والمظاهرات الطلابية المطالبة بوقف إطلاق النار، والتصدي لسقوط عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء بسبب القصف الإسرائيلي الذي يستهدف حياة الأطفال والنساء، ويأتي أيضا في ظل تصاعد المخاوف من خسارة الرئيس الأمريكي بايدن لمعركة الانتخابات الرئاسية أمام منافسه ترامب في نوفمبر القادم.
فبعد ٢١٩ يوما من الحرب الوحشية على غزة تغيرت نبرة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، إذ لم يعتاد الحليف الاستراتيجي أن يتعرض لانتقادات علنية من الإدارة الامريكية، ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة في رئيسها جو بايدن وعدد من مسئولي الإدارة الأمريكية بدأت تتبرأ من المجازر التي فعلها وما زال يفعلها الاحتلال الإسرائيلي إزاء الشعب الفلسطيني الأعزل، وبهذا يكون الحليف الأمريكي قد بدأ ينفض يده من التحالف القوي مع الاحتلال الإسرائيلي والذي سيؤدي حتما إلى فقدان الدعم الغربي من مختلف البلدان الغربية تباعا، ويتبرأ من مشاركته في الهجوم البربري علي المدنيين بأسلحة أمريكية ودعم وغطاء أمريكي مما أدي إلي مقتل أكثر ٣٥ ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال وجرح أكثر من ٧٨ ألف جريح.
وكانت تصريحات بايدن التي جاءت في مقابلة مع “شبكة سي أن أن ” بأن مدنيين قُتلوا نتيجة لتلك القنابل الأمريكية وغيرها من الأسلحة في غزة، وأضاف “لقد قُتل مدنيون في غزة نتيجة لتلك القنابل وغيرها من الطرق التي يستهدفون بها المراكز السكانية” وانتقد أيضا منع المساعدات الإنسانية الكافية للسكان الذين يعانون من الجوع، وحذر من القيام بعملية عسكرية ضد الأحياء السكنية في مدينة رفح المكتظة بالنازحين ويصل عددهم إلى أكثر من مليون ونصف فلسطيني.
ومن جهة أخرى أظهر تقرير أعدته أجهزة المخابرات الأمريكية أن نتنياهو قد يضطر إلي الاستقالة وهو حاليا في مأزق كبير بسبب استمرار الحرب على غزة وعدم تحرير الرهائن عن طريق المفاوضات، وعقب صدور تقرير جهاز المخابرات الأمريكي أعرب نيتناهو عن استيائه العميق من التقرير الاستخباراتي الذي يشير إلي الإطاحة الوشيكة به، وذكرت “القناة ١٢” الإسرائيلية أن نتنياهو كان يغلي من الغضب من التقرير الذي جاء فيه أن الشعب الإسرائيلي فقد الثقة في الصفات القيادية التي يتحلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، وإنه سينظم احتجاجات جماهيرية تطالب باستقالته وإجراء انتخابات جديدة .
وفي نفس الوقت دعا تشاك شومر زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي إسرائيل إلى إجراء انتخابات جديدة قائلا: أنه يعتقد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ضل طريقه في العدوان الإسرائيلي على غزة، مما أدي إلي تفاقم الأزمة الإنساني.
وانتقد شومر وهو أول زعيم للأغلبية اليهودية في مجلس الشيوخ ويعتبر أعلى مسؤول يهودي في الولايات المتحدة، وحليف قوي للحكومة الإسرائيلية نتنياهو بشدة في خطاب مطول في قاعة مجلس الشيوخ مضيفا أنه لا يمكن بقاء إسرائيل إذا أصبحت منبوذة، ويضيق الدعم لإسرائيل في جميع أنحاء العالم إلى أدنى مستوياته التاريخية.
وبالرغم من ذلك فقد برر المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر ما صرح به الرئيس جو بايدن مع شبكة “سي إن إن” الإخبارية بقوله “لا تشير إلى أن إسرائيل انتهكت القانون الدولي في قطاع غزة”، وأوضح ميلر أن كلمات الرئيس، قائلا إن الإدارة الأمريكية تعتقد أن “عددا كبيرا جدا من المدنيين قد ماتوا وأن إسرائيلي بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين”.
وفي الوقت ذاته أكد المتحدث باسم الخارجية مجددا أن الولايات المتحدة “ما تزال تؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الأخرى رغم معارضتها لعملية عسكرية كبيرة في رفح” وأضاف “سنلتزم دائما بأمن إسرائيل، هذا لم ولن يتغير”، مشيرا إلى أن قنوات الاتصال بين واشنطن وتل أبيب “ما تزال مفتوحة”، ولم يتوقع أن يتغير ذلك بأي شكل من الأشكال.
ومن جهة اخرى كشف موقع “أكسيوس” الأميركي أنه من المتوقع أن ينتقد تقرير لوزير الخارجية أنتوني بلينكن إسرائيل، بينما ينفي انتهاكها لشروط الحصول على الأسلحة. وذكر الموقع نقلا عن 3 مسؤولين أنه من المتوقع أن يقدم بلينكن، الجمعة، تقريرا “شديد الانتقاد” إلى الكونغرس بشأن سلوك إسرائيل في قطاع غزة، لكنه “لن يصل إلى حد الجزم بأنها تنتهك شروط استخدام الأسلحة الأميركية.
وفيما تتزايد الضغوط على إسرائيل بسبب قتل المدنيين من الأطفال والنساء جاء اعتراف رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي سابقا مارك ميلي، أن بلاده قتلت الكثير من المدنيين الأبرياء في الحروب التي شاركت بها يقلل من أهمية من الخسائر التي يسببها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وجاء ذلك على هامش مشاركته في معرض للذكاء الاصطناعي في واشنطن. وقال “قبل أن نتبرأ جميعا بشأن ما تفعله إسرائيل، وأنا أشعر بالفزع تجاه موت الأبرياء في غزة، لكن لا ينبغي لنا أن ننسى أننا نحن الولايات المتحدة قتلنا الكثير من الأبرياء في الموصل بالعراق، وفي الرقة بسوريا”.