يقع إقليم دارفور غرب السودان، ويعتبر من اكبر اقاليم السودان حيث يشكل 20% من مساحة البلاد ، ويقطنه أكثر من تسعة ملايين نسمة، كما يتكون الإقليم من خمسة ولايات :
ولاية شمال دارفور عاصمتها مدينة الفاشر
وولاية جنوب دارفور عاصمتها نيالا
ولاية غرب درافور عاصمتها الجنينة
ولاية شرق دارفور عاصمتها الضعين
ولاية وسط دارفور عاصمتها زالنجي
يزخر اقليم دارفور بثروات طبيعية هائلة ، مما جعله مطمع للميلشيات المسلحة للسيطرة عليه ، تمهيداً لإعلان انفصاله عن جسد السودان
تدخلت قوى اقليمية ودولية على مسرح الاحداث داخل الاقليم وعملت على تعزيز قوات الدعم السريع بالمال والعتاد والمرتزقة ، وذلك لفصل الاقليم عن الأراضي السودانية ومن ثمة الاستيلاء على ثرواته الاستراتيجية من أراضي زراعية خصبة وموارد مائية وثروة حيوانية واعدة ، بالإضافة إلى مناجم الذهب والنفط الخام ومعادن مثل الحديد والنحاس و اليورانيوم ، الذي يعد من أبرز المعادن حيث يمتلك اقليم دارفور مخزون هائل من هذا المعدن الذى يعد العنصر الأساسي المستخدم في المفاعلات النووية والتى تقاتل من اجل الاستحواذ عليه كثيراً من الدول .
إن الثروات الاستراتيجية التى يزخر بها الاقليم كفيلة لتشجيع القوى الاقليمية والدولية بتأجيج الصراع بين أبناء الارض الواحد من أجل تغيير الملامح الديموغرافية والجغرافية للإقليم .
والجدير بالذكر أن إقليم دارفور يتمتع بحدود دولية مشتركة مع أربعة دول افريقية ( ليبيا تشاد افريقيا الوسطى جنوب السودان ) قد تكون سلاح ذى حدين تؤثر سلبا وايجاباً على وحدة وسيادة السودان، لان هذه الحدود تمنح مليشيات الدعم السريع ممرات لوجستية وعسكرية آمنه لأستقبال الدعم الخارجي الذى يأجج الصراع والانفصال عن السودان .
لقد أندلعت الحرب فى السودان بين قوات الجيش الوطنى ومليشيات الدعم السريع فى منتصف ابريل 2023 م ، نتيجة الصراع على السلطة ومحاولة السيطرة الاقتصادية على موارد البلاد من قبل قوات الدعم السريع المنشقة عن الجيش الوطنى والتى تطمح بالسيطرة على إقليم دارفور ومناطق اخري من السودان ، ومن ثم اعلان الانفصال بدلاً من الاندماج فى الجيش الوطنى السوداني.
تحولت الحرب الدائرة فى السودان من كونها صراعا داخلياً ورغبة فى الانقسام الى حرب بالوكالة كانت ساحتها الأقاليم السودانية وشعبها وشريانها الأمدادات الخارجية بالمال والسلاح والمرتزقة ، مما أدى إلى تفاقم الأزمة وارتكاب المزيد من جرائم الحرب
بسقوط الفاشر فقد الجيش السوداني رسمياً اخر مركز قيادة رئيسي فى دارفور ، وحلت محلة سيطرة قوات الدعم السريع ، ويعد ذلك نقطة تحول فى الصراع المحلي والاقليمي والدولي فى الحرب السودانية ، واصبح له تداعيات خطيرة على الصعيد السياسي والانساني ، فقد تعرضت الفاشر للقتل الجماعي والنزوح وانهيار الخدمات وانعدام الأمن والأمان.
وبحسب بيان الجيش السوداني، فإن المرتزقة الأجانب الذين كانوا يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع تسللوا إلى بعض أحياء المدينة واستهدفوا المباني العالية التي كانت تقبع فيها القوات المسلحة
مما أدى إلى تصاعد وتيرة الحرب بين ابناء الشعب الواحد ، واكد ان ما يحدث فى دارفور حرب بالوكالة!!
فمن الذى يرسل هؤلاء المرتزقة للإقليم ؟!
من الذى يدفع لهم رواتبهم ؟!
ظل أبناء الإقليم على مدار عام ونصف مدافعين عن وحدة الوطن من الانفصال ، فقد تعرضوا لإبادة جماعية ممنهجه من قوات الدعم السريع التى ارتكبت مجازر دموية بحق النساء والاطفال وكبار السن بهدف الترهيب والانتقام من مواطنى الفاشر العزل واجبارهم على اخلاء الاقليم تمهيدا لإعلان عن الانفصال عن السودان
لقد أكدت شبكة أطباء السودان حقيقة الوضع واعلنت بان المجازر التي يشاهدها العالم اليوم هي امتداد لما جرى في الفاشر منذ أكثر من عام ونصف ؛ إذ قُتل بالقصف والتجويع والتصفية أكثر من 14 ألف مدني، في ظل حصار مطبق وتجويع ممنهج واستهداف متعمد للمرافق المدنية والأسواق ومعسكرات النزوح.
وخلال ثلاثة أيام فقط، قتلت قوات الدعم السريع قرابة 1500 مدني في الفاشر، جميعهم تم تصفيتهم أثناء محاولتهم الخروج من المدينة هرباً من الاشتباكات التي بلغت ذروتها.
وأضافت الشبكة أن ما يحدث في الفاشر يمثل إبادة حقيقية على أساس إثني، وسط تجاهل دولي وإقليمي ودون أي رد فعل بحجم المجازر التي ترتكب بحق المدنيين العزل ، والتي يبثها الجناة على مرائي ومسمع العالم أجمع ، وكحرب نفسية يخيف بها ضمير الانسانية ، مما يؤكد ان ما يحدث تحدٍ واضح وتعمد في القتل والتصفية بصورة ممنهجه ومدروسة
الفاشر آخر معقل للجيش السوادني فى دارفور اضطرت قوات الجيش الوطني الانسحاب منها حفاظا على ارواح وممتلكات المواطنين ، بالإضافة إلى الاعتبارات العسكرية والتكتيكية المدروسة لحماية ما تبقي من القوات لمعركة الحسم ، فاستغلت قوات الدعم السريع هذه الفرصة فى 26 اكتوبر الجاري وفرضت سيطرتها عليها ، ويعيش السودان حالة حرب خوفا من تكرار سيناريو انفصال جنوب السودان عام 2011م.
الفاشر تلك الكلمة التى تعني فى اللغة المحلية المعسكر أو المقر الملكي ، مما يعني المكان الذى يقيم فيه السلطان وجيشه ، فضلا عن ذلك تعتبر تلك المدينة التاريخية قلب التجارة النابضة فى السودان وغرب افريقيا واليوم يئن أهلها من مجازر دموية وتطهير عرقي.
هناك سؤال يطرح نفسه هل يستطيع الجيش السوداني استرداد الفاشر ؟!
فى الحقيقة إن قيام الجيش السوداني بحملة عسكرية فى الوقت الحالي من الأمور المعقدة ، لكنها ليست مستحيلة من الناحية العسكرية خلال فترة من الزمن ، خاصة وأن قيادة الجيش الوطنى قد تعهدت بالقصاص واستعادة كافة الأراضي السودانية المغتصبة من قوات مليشيات الدعم السريع.
ويستند هذا الرأي لعدة أسباب لعل أهمها :
أولاً : يمتلك الجيش الوطني السوداني منظومة دفاع جوي حديثة قد تحسم المعركة القادمة ، بعكس قوات الدعم السريع التى تعتمد على الدفاعات الأرضية فقط.
ثانياً : الجيش السوداني يمثل مؤسسة الدولة الرسمية على الصعيد الاقليمى والدولي ، كما يحظى بدعم قطاع كبير من الشعب السودانى ، بعكس قوات الدعم السريع التى تتمتع بسيطرة على اقليم دارفور بكافه ولايته ومناطق أخري ، لكنها تواجهه اتهامات دولية بسبب ارتكابها ابادة جماعية وتطهير عرقي مما يضعف شرعيتها على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.
ثالثاً : بعد انسحاب الجيش الوطنى السوداني من أخر ولاية فى دارفور وهى الفاشر يمكنه اعادة تجميع قواته ورسم خطط استراتيجية هجومية جديدة ، كما حدث فى جبهات اخري سابقة استحوذت عليها قوات الدعم السريع ، لكن سرعان ما نجح الجيش الوطنى فى استردادها ، واذا كانت قوات الدعم التى نجحت فى السيطرة على ولايات دارفور كامله لكنها تواجه تحدي فى كيفية تأمين وحكم إقليم مترامي الاطراف قد يشتت قواته ونفوذه.
رابعاً : الجيش الوطنى قد يحظى بتحالفات قبلية جديدة نتيجة نزوح ملايين السودانيين تاركين اراضيهم وممتلكاتهم هرباً من نيران الميلشيات فضلا عن وقوع الاف القتلى والجرحى ، وارتكاب المليشيات انتهاكات القتل والابادة الجماعية بحق ابناء القبائل ولم تكتف بهذا الحد بل ووثقت جرائمها بتصوير فيديوهات مباشرة للقتل والتدمير .
دكتورة في التاريخ ،وعضو اتحاد المؤرخين العرب والقيادات الشبابية لمركز ومدينة ادفو 2030
وجه أفريقيا رئيس التحرير: سحر رجب