أخبار عاجلة

من الأخلاق إلى الفوضى: هل تدفع السوشيال ميديا الشارع المصري إلى الهاوية؟

اسماعيل خفاجى

بينما كان الشارع المصري رمزًا للتحضر والالتزام والانضباط السلوكي لعقود، بدأ يتعرض لتحولات حادة لا تخطئها عين المراقب، ألفاظ جارحة، مظاهر عنف غير مبرر، انهيار في الذوق العام، وتنامٍ في السلوكيات السلبية بين فئات متعددة، خاصة الشباب.

هذه “الردّة المجتمعية” تُنذر بخطر على النسيج الأخلاقي، وتطرح تساؤلًا جوهريًا: هل وسائل التواصل الاجتماعي هي الجاني الأكبر؟ أم أن الخلل أعمق من ذلك؟

ملامح الانفلات السلوكي في الشارع المصري

 انهيار الذوق العام

انتشار الموسيقى الصاخبة في وسائل النقل، الألفاظ النابية في الحوار اليومي، وقلة احترام المسنّين والنساء.

 العنف اليومي

مشاجرات بسبب أولوية المرور أو نظرة خاطئة، وسرعة الانفعال لأتفه الأسباب.

تنامي ظاهرة “البلطجة” في الأحياء الشعبية، وتقليد نماذج عدوانية يتم الترويج لها على الإنترنت.

سقوط رموز القدوة

لم تعد القدوة مرتبطة بالعلم أو الأدب أو الثقافة، بل بمن يملك عدد متابعين أكثر أو يحقق تفاعلاً أعلى، بغضّ النظر عن المحتوى أو القيم.

أسباب الانفلات السلوكي… هل هي الميديا فقط؟

أولاً: وسائل التواصل الاجتماعي – مسرّع لا سبب وحيد

ترويج للعنف اللفظي والسخرية: المنصات تُكافئ المحتوى المثير، حتى وإن كان مسيئًا أو غير أخلاقي.

غياب الرقابة التربوية: الأطفال والمراهقون يستهلكون محتوى دون تصنيف أو توجيه.

ثقافة الـ”تريند”: حتى السلوكيات المنحرفة أصبحت أهدافًا للانتشار.

ثانيًا: الدراما والإعلام

الكثير من الأعمال الفنية تروج لصورة البلطجي، المتحرش، أو المهرج كأبطال شعبيين، ما يجعلهم قدوة زائفة لفئات هشة نفسيًا واجتماعيًا.

غياب الرسائل الإيجابية والبديلة في البرامج الترفيهية.

ثالثًا: الأزمة التربوية والتعليمية

المدارس لم تعد مؤسسات تربية بل أماكن تلقين، في ظل تراجع دور المعلم كقدوة واحترامه.

تفكك الأسرة بسبب ضغوط اقتصادية واجتماعية جعل التربية مسؤولية مؤقتة.

رابعًا: انعدام الثقافة المجتمعية السليمة

عزوف قطاعات واسعة من الشباب عن القراءة أو الفنون الراقية، في ظل غياب برامج ثقافية جاذبة أو ترفيه بديل محترم.

آثار الردة المجتمعية

المجال التأثير السلبي

الأمن المجتمعي ارتفاع حالات العنف والبلطجة

الأسرة تفكك العلاقة بين الأجيال

التعليم ضعف الانضباط داخل المدارس والجامعات

الهوية الثقافية تآكل القيم المصرية الأصيلة وتحولها إلى نسخة مشوهة

  حلول عاجلة وممكنة

المطلوب أولا إعادة الاعتبار للتربية

تعزيز دور المدرسة والمعلم والأسرة، وتكثيف الأنشطة الأخلاقية والتربوية في مراحل التعليم المبكرة.

 قوانين للمحتوى الإلكتروني

لابد من تشريع قانون للرقابة الأخلاقية على المحتوى المنشور عبر السوشيال ميديا، مع فرض عقوبات على التحريض أو الإساءة العلنية.

 إعلام بديل وهادف

إنتاج أعمال فنية تبرز نماذج إيجابية، وتعيد تعريف البطولة والشهرة بعيدًا عن التفاهة.

إطلاق حملات مجتمعية للوعي

حملات توعوية مستمرة عن “السلوك العام”، “اللغة الأخلاقية”، و”احترام الآخر”، بقيادة مؤسسات دينية وثقافية.

وختاما الردة السلوكية في الشارع المصري ليست ظاهرة عابرة، بل مؤشر خطير على خلل ثقافي وأخلاقي متراكم.

الإعلام الجديد ليس السبب الوحيد، لكنه بلا شك محفّز قوي لهذا الانحدار.

استعادة الأخلاق العامة ليست ترفًا، بل ضرورة لحماية مصر من أن تصبح “صاخبة بلا ضوابط” في عصر كثافة الضجيج وغياب البوصلة.

عن وجه افريقيا