أخبار عاجلة

“ليلة تضامن من قلب القاهرة… نقابة الصحفيين تحتضن فاشر السلطان وتُعيد صوت دارفور إلى الواجهة”

سحر رجب

شهدت نقابة الصحفيين بالقاهرة ليلة استثنائية حملت طابعًا إنسانيًا ووطنيًا عميقًا، خُصصت بالكامل للتضامن مع مدينة الفاشر ومع أبناء دارفور والسودان، في فعالية حاشدة عكست عمق الروابط بين الشعبين، وأحيت ذاكرة تاريخ مشترك يمتد من “درب الأربعين” إلى وجدان المصريين اليوم.

كانت المناسبة أكثر من مجرد فعالية ثقافية أو ندوة تضامنية، بل حالة وجدانية جمعت المصريين والسودانيين تحت سقف واحد، في لحظة مضيئة تُقاوم ظلام الحرب.

فاشر السلطان… ذاكرة مشتركة تربط وادي النيل

في مستهل اليوم التضامني، استُحضرت علاقة مصر التاريخية بالفاشر ودارفور؛ علاقات تمتد لقرون، منذ ممالك داجو والتنجر والفور، مرورًا بالمبادلات التجارية والإنسانية عبر “درب الأربعين”، ذلك الطريق الذي كان شريان حياة يربط الفاشر بالواحات وأسيوط وإمبابة.

هذا التاريخ، كما قال المتحدثون، هو ما جعل حصار الفاشر واقتحامها على يد ميليشيات الجنجويد حدثًا صادمًا لكل مصري، ليس فقط بدافع الأخوة، بل أيضًا لكونها جزءًا من الذاكرة المشتركة التي تجمع شعوب وادي النيل.

النقابة… بيت الحرية يفتح أبوابه للسودان

للمرة الثانية، تفتح نقابة الصحفيين أبوابها لفعالية تضامنية تمتد ليوم كامل دعمًا للشعب السوداني، في خطوة نالت إشادة واسعة من المشاركين السودانيين.

أكدت النقابة في هذه الليلة أن دورها لا يقتصر على الدفاع عن حرية الصحافة فحسب، بل يشمل الموقف الأخلاقي والإنساني تجاه قضايا العدالة وحقوق الإنسان، خصوصًا في محيطها الإقليمي.

حضر الفعالية صحفيون ومثقفون وناشطون مصريون وسودانيون، إلى جانب أسر سودانية نازحة، في مشهد حمل الكثير من الرمزية والعاطفة، وملأته الهتافات والأغاني التي تعود إلى ذاكرة ثورة ديسمبر السودانية.

منصة للتعبير عن الوجع… وعن الأمل أيضاً

تحولت القاعة الكبرى إلى منبر مفتوح للسودانيين الذين وجدوا في مصر، وداخل نقابة الصحفيين تحديدًا، مساحة للتعبير بحرية عن آلامهم وأشواقهم للسلام والعدالة، شعاراتهم الخالدة:

“حرية، سلام، وعدالة”.

تحدث الناشطون عن المآسي الإنسانية التي تمر بها الفاشر ودارفور : القتل العشوائي ، التهجير، تدمير البنية التحتية

الاعتداءات على المدنيين، الانهيار الصحي الإنساني  الكامل.

كانت الشهادات شديدة التأثير، تخللتها لحظات صمت ثقيل، لكنها أعقبتها لحظات أمل حين انطلقت الأغاني الثورية التي وحدت أصوات الجميع.

“حنبنيهو” من القاهرة… حلم موحد بوطن آمن

أحد أبرز مشاهد اليوم كان لحظة غناء السودانيين والمصريين معًا أغنية ديسمبر الأشهر:

“حنبنيهو.. اللي بنحلم بيهو يوماتي… وطن عاتي وطن خير ديمقراطي”

لحظة جسدت المعنى الحقيقي للتضامن، وأعادت إلى الحضور روح الثورة السودانية وأحلامها بوطن موحد خالٍ من الحرب والدمار.

رسالة المصريين… السودان ليس وحده

في كلمات المتحدثين المصريين، ظهر بوضوح مدى التأثر بما يجري في السودان عامة، والفاشر خاصة.

أكد المتحدثون أن مأساة دارفور ليست شأنًا سودانيًا فقط، بل جرحًا إنسانيًا ينعكس صداه في وجدان كل مصري، نظرًا للروابط التاريخية والثقافية والجغرافية التي لا تنفصم.

وشددت كلمات النقابة على أن التضامن ليس فعلاً رمزيًا، بل واجبًا أخلاقيًا وإنسانيًا تجاه شعب يدفع ثمن حرب عبثية.

أمل في أن يكون آخر يوم تضامني خارج السودان

اختُتمت الليلة بنداء إنساني مؤثر عبّر عنه العديد من المتحدثين:

أن يكون هذا اليوم التضامني آخر فعالية تقام خارج السودان، وأن يأتي اللقاء القادم على أرض السودان الموحد، تحت رايات السلام، بعد أن تخمد نار الحرب، وتعود المدن لأهلها، وتنهض دارفور من جديد.

ليلة ستبقى في الذاكرة

كان اليوم التضامني الذي نظّمته نقابة الصحفيين ليلة مجيدة بحق:

ليلة امتزج فيها التاريخ بالعاطفة، والفن بالأمل، والصوت المصري بالصوت السوداني.

ليلة أعادت للفاشر صوتها، ولدارفور حضورها، وللسودانيين مساحة للتنفس وسط حرب تخنق أحلامهم.

ولم تكتف النقابة بالموقف الرمزي، بل أكدت من خلال هذه الفعالية أن القاهرة ستظل دائمًا بيتًا مفتوحًا للأشقاء السودانيين، وأن الشعبين سيظلان على عهدهما التاريخي: شراكة مصير واحد، وآمال مشتركة بالسلام والعدالة وعودة الوطن.

عن وجه افريقيا