سحر رجب
تشهد ليبيا منذ سنوات حالة من عدم الاستقرار الأمني والسياسي، وسط تصاعد مستمر في وتيرة الاشتباكات المسلحة بين قوى متنازعة على السلطة والنفوذ. وعلى الرغم من الجهود الدولية والمحلية لتحقيق تهدئة، فإن لغة السلاح لا تزال هي السائدة في مناطق عدة من البلاد.
ومنذ مساء الإثنين شهدت طرابلس أوضاعا محتقنة تنذر بوقوع اقتتال بين قوة العمليات المشتركة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة وأجهزة أمنية أخرى من جهة وجهاز دعم الاستقرار التابع مباشرة للمجلس الرئاسي من جهة أخرى.
وقبل نحو أسبوع قامت قوات تتبع “غنيوة” باقتحام مسلح لمقر الشركة العامة للاتصالات القابضة وسط طرابلس، والقبض على رئيس مجلس إدارتها، ما دفع لتأزم الوضع بين الجهاز وحكومة الدبيبة.
ونقل عن مصدر أمني، تأكيد مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار في طرابلس، عبد الغني الككلي، المعروف بـ”غنيوة”، ليل الإثنين الثلاثاء، داخل مقر “اللواء 444 قتال” التابع لمنطقة طرابلس العسكرية.
وبحسب الروايات فإن غنيوة وبعض مرافقيه وقادة آخرون من قوة العمليات المشتركة واللواء 444 قتلوا في تبادل إطلاق نار وقع بعد فشل مفاوضات كانت قد نظمت بمقر اللواء من أجل الوصول إلى تسوية.
وبعيد انتشار خبر مقتل غنيوة اندلعت اشتباكات استخدمت فيها أسلحة متوسطة وخفيفة في مناطق متفرقة من طرابلس، وخصوصا أحياء الهضبة وأبو سليم ومشروع الهضبة والدريبي وشارع الزاوية حيث توجد مقرات تتبع دعم الاستقرار.
وأكد أحد شهود العيان من مناطق الاشتباك في مشروع الهضبة أن قوات يبدو أنها تتبع اللواء 111 واللواء 444 قد شرعت في اقتحام مقرات جهاز دعم الاستقرار وسط إطلاق نار يسمع في أغلب أرجاء المدينة.
أسباب الاشتباكات
الفراغ السياسي: تعثر تشكيل حكومة موحدة وفشل الانتخابات المتكررة.
الصراعات القبلية والمناطقية: تصاعد الخلافات بين مكونات اجتماعية تسعى للسيطرة على موارد الدولة.
التدخلات الخارجية: دعم قوى إقليمية ودولية لفصائل مسلحة مختلفة، مما يُعقّد المشهد الليبي.
أبرز المناطق المتأثرة
طرابلس: شهدت العاصمة اشتباكات متكررة بين جماعات مسلحة متناحرة.
سبها وبنغازي: مناطق جنوب وشرق ليبيا لم تسلم من النزاعات التي خلفت عشرات القتلى والجرحى.
الآثار الإنسانية
سقوط المئات بين قتيل وجريح.
تهجير قسري للمدنيين ودمار في البنى التحتية.
توقف المدارس والخدمات الصحية في العديد من المناطق.
جهود السلام:
رغم المبادرات الأممية والمؤتمرات الدولية (مثل برلين وجنيف)، لا تزال الحلول بعيدة المنال بسبب غياب الإرادة السياسية والانقسامات العميقة بين الأطراف.
وختاما ليبيا تقف اليوم على مفترق طرق حاسم، بين خيار استمرار الحرب أو انتهاز فرصة السلام وبناء دولة مدنية موحدة. لكن يبقى السؤال: متى يسكت السلاح وتُعلو لغة الحوار؟