اسماعيل خفاجي
في خطوة تاريخية تقف على مفترق السيادة والهيمنة، أقدمت الحكومة اللبنانية على قرارات جريئة تُنذر بفصل جديد في تاريخ النزاعات الداخلية والخارجية للبلاد؛ حيث تصاعدت وتيرة السعي لنزع سلاح “حزب الله”، بالتزام وثيق مع مبادرة أمريكية تراهن على إنهاء سيطرة الميليشيات المسلحة” حزب الله” وتعزيز سلطة الدولة.
تشكيل الحكومة
في 8 فبراير 2025، تشكّلت حكومة جديدة برئاسة نواف سلام، بعد انتخاب اللواء جوزيف عون رئيسًا للبنان، مما شكّل تحولًا في المعادلة السياسية وقلّص من نفوذ حزب الله وإيران في الحكم .
قرار نزع السلاح
في أوائل أغسطس، أصدر مجلس الوزراء قرارًا بتكليف الجيش اللبناني بوضع خطة شاملة قبل نهاية 2025 لتوحيد السلاح تحت سيطرة الدولة، في خطوة اتُّفق على أنها تمثل تحديًا مباشرًا لحزب الله .
خلاصة القرار تضمنت أهدافًا رئيسية منقولة عن الخطة الأميركية، منها: إنهاء السلاح خارج المؤسسات، خروج القوات الإسرائيلية المحتلة من الجنوب، إطلاق سراح معتقلين لبنانيين، تبنّي الجيش لقيادة انتشار عسكري، ومؤتمر دولي لإعادة الإعمار .
الخطة الأمريكية – “تدريجي مقابل تدريجي”
الخطة، التي قدّمها المبعوث الأميركي توماس بارّاك، طلبّت من لبنان الالتزام رسميًا بتنفيذ نزع سلاح حزب الله بحلول 31 ديسمبر 2025، مقابل وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، وسحبها التدريجي، وتحرير معتقلين، وكل ذلك ضمن جدول زمني محدد مكون من أربع مراحل .
رفض وتصعيد من حزب الله
ردّ حزب الله من خلال قيادته، ممثلةً بالنائب نائـم قاسم، بالرفض القاطع، مطلقًا تهديدات وحشدًا شعبيًا في الأحياء الشيعية. وصف القرار بأنه يشكل “خيانة”، معتبرًا أنّه لا نزع للسلاح قبل انسحاب إسرائيلي فعلي وإنهاء الاعتداءات .
شهد الجنوب، خصوصًا ضواحي بيروت، وجود احتجاجات من حلفائه احتجاجًا على القرار، بينما غادر الوزراء الشيعة (المنتسبون إلى حزب الله وحركة “أمل”) لحظة التصويت تأكيدًا على الانقسام الداخلي .
انفجار في وادي زبقين
في 9 أغسطس، قُتل 6 جنود لبنانيين وجرح آخرون أثناء تفكيك مخزون سلاح تابع لحزب الله في وادي زبقين، جنوب لبنان. لا تزال التحقيقات مستمرة، مع احتمال وقوع الانفجار نتيجة فخ أو سهو تقني .
خطوات تنفيذية أولية
بدأت فصائل فلسطينية في مخيمات بيروت بتسليم بعض أسلحتها للجيش، في إطلاق تجريبي لمهام نزع السلاح في بيئة أقل إحساسًا بالتهديد، بينما لم يشارك حماس والجهاد الإسلامي في العملية .
دعت السلطات الأميركية إسرائيل إلى وقف غاراتها وسحب قواتها من تلال الجنوب كجزء من مقايضة لتنفيذ الخطة، كما يسعى الطرف اللبناني لبناء خطة دفاع جامعة ولفت دعم دولي للجيش.
موقع الحراك من التحديات والفرص:
المحور التحدي الثغرة
السيادة الوطنية هذه أول مرة تتخذ الدولة موقفًا علنيًا ضد سلاح حزب الله نجاح التطبيق بحاجة إلى دعم دولي متوافر
الوحدة الوطنية القرار يُعدّ نقطة انقسام داخلي – معارضة من السنة والشيعة المؤيدين لحزب الله خطوات إيجابية—مثل تسليم سلاح المخيمات—قد تُفتح مجالًا للتوافق
الخطر العسكري استئناف القتال أو انقلاب داخلي محتمل بسبب تهديدات حزب الله ضغط دولي – خصوصًا أميركي – قد يمكّن الحكومة من المضي قدمًا
التوازن الإقليمي لبنان وسط صراع أميركي – إيراني، وقرار إقليمي سيكون مؤثرًا في مصير الخطة نهاية نفوذ الأسد وتقليص دعم إيران لحزب الله قد يمهّد الطريق
الخلاصة
تقف الحكومة اللبنانية، بقيادة نواف سلام، على مفترق حكم يُعيد تعريف مفاهيم الدولة، السلطة، والمقاومة. قرار نزع السلاح، رغم خطواته الواضحة وروحه الطموحة، لا يزال محفوفًا بالمخاطر. تنجح إذا ما استمرت الدولة في فرض سيادتها، بدعم دولي، وخطوات تدريجية متوازنة تُراعي التوازنات
الداخلية وتُقنع المجتمع المدني بأن البديل، لبناني وخالي من الهيمنة.