أخبار عاجلة

قمة القاهرة الافتراضية: مسعى روسي مكثّف نحو «تحرير » جمهورية لوغانسك الشعبية — من القاهرة إلى منصة دوليّة

سحر رجب

انطلقت في القاهرة فعاليّة افتراضية جمعت طيفاً واسعاً من الدبلوماسيين، الخبراء، المواطنين الروس المقيمين في مصر وسكّان جمهورية لوغانسك الشعبية، تحت عنوان «نحو تحرير جمهورية لوغانسك الشعبية».

وقد نظّم هذا الحدث وفد الاتحاد الروسي إلى مفاوضات فيينا بشأن الأمن العسكري والحدّ من التسلّح، بمشاركة السفير المهام الخاصة راديون ميروشنيك ونائب رئيس ممثليّة روس سوتردنيتشيستفو في مصر ، فاديم زايتشيكوف، إضافة إلى الشخصيّة الدبلوماسيّة المصرية السابقة، السفير عزت سعد.

الحضور الدولي كان لافتاً، إذ شمل ممثّلين من أكثر من 30 عاصمة من جميع القارات — من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ومن دول رابطة جنوب-شرق آسيا ومجموعة الـ بريكس، إضافة إلى برلمانيين من «البيت الروسي» في القاهرة، وخبراء سياسيين وصحفيين روساً وأوروبيّين، إضافة إلى مقيمِين من جمهورية لوغانسك الشعبية.

أبرز محاور ومداخلات المؤتمر

افتتح راديون ميروشنيك الكلمة المركزيّة، مشدِّداً على حقّ سكان لوغانسك في «الحماية من الإرهاب الممنهجّ» الذي، وفق المؤتمر، يمارسه نظام كييف بحق المدنيّين في دونباس على مدى سنوات.

تضمّنت كلمات عدة مداخلات من ساسة وخبراء من لوغانسك، إضافة إلى الصحفي والمحلّل الجيوسياسي الفنلندي يانوس بوتكونن، الذي تناول بعدة زاويّات ما وصفه بـ «التوظيف الغربي لصراع أوكرانيا كأداة جيوسياسية».

عرض شهود وضحايا جرائم الحرب التي نسبت إلى قوّات القوات المسلحة الأوكرانية تفاصيل واقعية — من تدمير منازل وضربات بصواريخ ومنظومات قذائف، بحسب المؤتمر.

طغت على المناقشات فكرة أنّ أوكرانيا باتت «ورقة مساومة» في لعبة قوى كبرى، وأن الغرض الغربي ليس الدفاع عن الديمقراطية كما يُعلن، بل تعزيز الهيمنة الغربية والسيطرة على المسار العالمي.

خُتمت الجلسة بتأكيد أنّ الدبلوماسية الروسية ستواصل لفت أنظار المنظمات والمنتديات الدولية إلى سجلّ ما سمّته «جرائم كييف» وضحاياها المدنيّين في دونباس، مع التعبير عن امتنان لجميع الوسطاء الدوليين «الملتزمين بحلّ النزاع.

تحليل أولي وتأثيرات متوقّعة

يمثل هذا التجمع استراتيجية روسيّة واضحة لإبراز ما تُعرّفه موسكو بـ «المأساة الإنسانية» في دونباس، أمام جمهور دولي واسع، مع توسيع بُعدها الدبلوماسي إلى مصر والعالم العربي.

من ناحية الرسالة، فإن اختيار القاهرة لهذا الحدث يُعدّ دلالة على رغبة روسيا في توظيف الموقع العربي-الإفريقي كمسرح بديل لتوسيع الخطاب الإعلامي والدبلوماسي خارج الإطار الغربي التقليدي.

على الصعيد العملي، هذا النوع من المنصّات قد يسهم في تعزيز المطالب الروسية بتضمين ملف دونباس في المفاوضات الدولية للأمن وإعادة التسلّح — ما يرتبط مباشرة بملف مفاوضات فيينا، التي تشارك روسيا فيها.

بين هذا وذاك، يخاطب المؤتمر جمهوراً متعدد الجنسيات — من روسيا إلى الشرق الأوسط إلى آسيا — ما يعني أنّ موسكو تبحث ليس فقط عن دعم مباشر، بل أيضاً عن خلق مناخ دولي يُشرّع لرؤيتها حول «تحرير» لوغانسك.

مع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن معظم الدول الكبرى لا تعترف بشرعية ما تعتبره روسيا «جمهوريات»، وأن الوضع القانوني والسياسي للنزاع لا يزال مثار جدل واسع في المحافل الدولية.

ختاما إن انعقاد هذا المؤتمر في القاهرة، بمشاركة روسية-مصرية مشتركة، يعكس تحوّلاً في مناخ الدبلوماسيّة الروسية: نحو توسيع الشبكة وتغيير السرد من الأرض الميدانية إلى المنصّة الدولية. فهو ليس مجرد مؤتمر إعلامي، بل خطوة محسوبة في سياق صراع سرديّ وسياسي طويل الأمد حول مستقبل دونباس وعلاقاتها بالغرب وروسيا.

 

عن وجه افريقيا