سحر رجب
تتجه أنظار العالم اليوم إلى قمة مجموعة العشرين، التي لا تُعقد في ظرف عادي، بل في ظل توترات جيوسياسية متصاعدة، وأزمات اقتصادية متلاحقة، وتنافس محموم على الموارد.
وبينما يترقب الجميع نتائجها، يطرح سؤال جوهري نفسه بقوة: ماذا لو فشلت قمة العشرين؟ وهل يمكن لزعماء العالم تجنيب البشرية شبح حرب عالمية ثالثة قد تنهي كل شيء؟
فشل القمة: مزاد على ثروات أفريقيا والعرب؟
قد لا يكون فشل القمة مجرد انهيار للبيانات الختامية أو تأجيل لقرارات اقتصادية، بل قد يتحول إلى إعلان ضمني عن انتهاء عصر التعاون الدولي، وبدء مرحلة جديدة من الصراعات المفتوحة.
ففي ظل التنافس بين القوى الكبرى، قد تتحول المناطق الغنية بالموارد الطبيعية، خاصة في أفريقيا والشرق الأوسط، إلى ساحات خلفية لهذا الصراع.
وفي هذا السيناريو، قد تتحول القارة الأفريقية، بثرواتها الهائلة من المعادن والطاقة، والمنطقة العربية، بموقعها الاستراتيجي ومواردها النفطية والغازية، إلى ما يشبه “مزاد توزيع الثروة”.
فكل قوة عظمى ستحاول بسط نفوذها عبر التحالفات أو التدخلات المباشرة، مما يهدد استقرار هذه المناطق، ويقضي على فرص تنميتها الذاتية.
هذا السيناريو سيعيد إلى الأذهان حقب الاستعمار القديمة، لكن بأساليب جديدة وأكثر تعقيدًا.
السبل لتجنب حرب عالمية ثالثة
لعل الطريق الأوحد لتجنب كارثة عالمية هو العودة إلى مبدأ التعاون الدولي والشعور بالمسؤولية المشتركة. فالحروب لا تفرق بين منتصر ومهزوم، ونتائجها الكارثية تطال الجميع. ولتحقيق ذلك، لا بد من اتباع مجموعة من الخطوات الملموسة:
بناء جسور الحوار
يجب على قادة العالم إعطاء الأولوية للحوار المباشر والصريح، بعيدًا عن لغة التهديد والوعيد. فالحوار هو الأداة الوحيدة لحل الخلافات الكبرى، خاصة تلك المتعلقة بالمناطق الساخنة مثل أوكرانيا وشرق آسيا.
إعادة النظر في التحالفات العسكرية: قد يكون التوسع في الأحلاف العسكرية، مثل الناتو، سببًا في زيادة التوتر بدلًا من تخفيفه. لذا، يجب على القوى الكبرى إعادة تقييم هذه الاستراتيجيات، والعمل على بناء نظام أمني عالمي أكثر شمولًا وتوازنًا.
إعادة هيكلة المؤسسات الدولية
إن مؤسسات مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية، لم تعد تعكس الواقع الجيوسياسي الحالي.
فإصلاح هذه المؤسسات، وإعطاؤها صلاحيات أوسع، سيجعلها أكثر قدرة على معالجة الأزمات ومنع الصراعات.
التركيز على التحديات المشتركة: بدلاً من التركيز على الخلافات، يجب أن يتفق الجميع على أن التحديات الكبرى مثل تغير المناخ، والأوبئة، والفقر، تتطلب تضافر الجهود.
فحل هذه المشكلات سيخلق أرضية مشتركة للتعاون، ويبعد شبح الصراع.
إن قمة العشرين ليست مجرد اجتماع روتيني، بل هي فرصة حقيقية أمام قادة العالم لإثبات أنهم قادرون على تجاوز خلافاتهم من أجل مستقبل البشرية.
ففشلهم في التوصل إلى توافق قد لا يهدد النظام الاقتصادي العالمي فحسب، بل قد يفتح أبوابًا لم يكن أحد يتخيل فتحها.
فهل سيختار زعماء العالم طريق التعاون أم طريق الصراع؟