الإبداع المرهق للخصم هو ترك السؤال معلقاً وإطالة الانتظار ورفض الوساطات الدبلوماسية بكل أشكالها والتي كان آخرها زيارة وزير الخارجية الإردنية لطهران.
الانتظار الطويل للإجابة بعني استنزافاً نفسياً ومادياً للعدو وهو الحاصل الآن. يعني البقاء في الملاجئ التي اكتشفوا أنها غير مكيفة في أجواء شديدة الحرارة، تفوح منها روائحهم الكريهة المتبعثة من حفاضاتهم.
ويعني أن قيادتهم السياسية ستظل في حفرة “يوم القيامة” وهو نفق تم تجهيزه تحت الأرض، ويمتد إلى وسط تل ابيب، ليختفي فيه نتنياهو وفريقه في حالة بدء الهجوم الإيراني، وقد كشف الكاتب الإسرائيلي بن كاسبيت عن أن هذه الحفرة تتصل بمنطقة الكرياه في وسط تل أبيب، التي تضم المركز الحكومي وقاعدة قوات الدفاع الرئيسية وجميع الغرف الحربية الأخرى، وتتيح البقاء لفترة طويلة، ومحصنة ضد جميع أنواع الأسلحة المضادة للأفراد.
استنزاف مكلف نفسياً ومادياً مع تتابع تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين بأن الرد آتٍ حتماً وبقوة، وآخرها خطاب “السيد” اليوم الثلاثاء الذي أعاد التوعد بالرد من إيران والحزب واليمن، وأن حالة الانتظار الإسرائيلي على مدى أسبوع هو جزء من الرد والعقاب.
تل أبيب بدأت تتململ من الانتظار المكلف لهجوم غامض خصوصا مع فشل الوساطات الدبلوماسية التي وصف “السيد” أصحابها بأنهم “حقراء” لم يدينوا اغتيال اسماعيل.
بايدن ونائبته في حالة انتظار أيضا ولذلك اجتمعوا في غرفة العمليات مع مجلس الأمن القومي، وخرج بلينكن متوقعاً الضربة الإيرانية خلال ساعات.
بالتوازي يستقبل مطار بن جوريون يومياً مئات اليهود المغادرين الهاربين من الجحيم المنتظر والذين يحملون جنسية دول أخرى.
التململ جعلهم يناقشون اللجوء لضربة استباقية كتلك التي شنوها ضد المطارات المصرية العسكرية في حرب يونيه 1967.. وهو اقتراح رفضه نتنياهو.
هناك خشية لديهم بأن تستهدف الصواريخ الفرط صوتية القواعد الجوية ويبدو أن إيران تعرف مواقعها جيدا بمساعدة الحزب اللبناني، وأن محاربي المحاور المساندة قد يقومون بغزو بري، فلا تستبعد تل أبيب أن تقتحم قوات الحشد الشعبي العراقية المجهزة جيداً الحدود الأردنية مع العراق لتشارك في الحرب.
وهذا يعني أن الأردن سيكون إحدى ساحات الهجوم المتوقع، وأن زيارة أيمن الصفدي لطهران لم تكن وساطة دبلوماسية فحسب، أي لا يحمل رسالة من إسرائيل، ولا رداً من إيران كما جاء في بيان وزارة الخارجية الأردنية، وإنما توضيح للموقف الأردني، مع تحذيرات إيرانية بألا تكرر عمان ما فعلته سابقا بالتصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية في أبريل الماضي.
القوات الجوية، اليد الطويلة لإسرائيل التي تحدث عنها نتنياهو، أما تسارع بضربة استباقية أو ستتلقى ضربة في مرابضها.
القوات البرية الإسرائيلية خرجت فعلياً من اللعبة بعد أن فقد العدو نصف دباباته وآلياته الثقيلة في حرب غزة، ونحو عشرة آلاف قتيل ومعاق، وهذه أرقام لا تشمل القتلى من البدو والمرتزقة في صفوف العدو والتي تتجاهلهم بيانات الخسائر التي يعلنها جيش الاحتلال.
كاتب صحفي مصري