يحظى الأزهر وعلماؤه بتقدير كبير في ماليزيا واندونيسيا، وهذا ما شاهدناه في استقبال فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب.
عندما زرت العاصمة الماليزية كوالالمبور أثناء تولي حكومة الدكتور مهاتير محمد، خصصوا مرافقاً لي من خريجي الأزهر ويعمل في إدارة الشؤون الدينية والأوقاف الماليزية.
كان يعرف أماكن ومواقع في القاهرة التاريخية أكثر مما أعرف، ويسألني بشغف عن ما أجهله.ولما استضافني في بيته سمعت صوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد ينطلق من الداخل، وعندما لاحظ اهتمامي، أجابني بأن زوجته أيضا من خريجي الأزهر، وأن صوت الشيخ عبدالباسط أو الشيخ محمد صديق المنشاوي، أكثر قراء القرآن الكريم الذين يسمعهم الماليزيون، لدرجة أن النوابغ من القراء عندهم يقلدون طريقة الشيخ عبدالباسط.
ولما قلت له إنني من بلده، وأن بلد الشيخ المنشاوي تقع في منطقتنا الجغرافية، سارع إلى زوجته ليخبرها، فإذا بها تخرج مبتهجة مرحبة بي وقالت بعربية جميلة لن أنساها: حلت البركة.
على الأرصفة حيث مكتبات بيع الصحف، كانت تطل كتب لعلماء أزهريين، أكثرها لفضيلة الشيخ يوسف القرضاوي. يعرفون كتبه كما أعرف أبنائي.. معه أيضا فضيلة الشيخ محمد الغزالي، وكان من بينها كتاب أثار ضجة في ذلك الزمن، أتذكر أنه كتاب “السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث”، وجدته في أكثر من مكتبة، ويومها استغربت أن هناك متابعة لانتاج الأزهريين الفكري، واهتماماً باستحضارها باللغة العربية التي كتبت بها.
وتظل مكانة شيخ الأزهر عندهم لا تقاربها مكانة من الإجلال والتقدير. هذا الرجل العامي الذي رأي الإمام فقال بلغة عربية “مرحبا يا مولانا مرحبا يا أبويا” بصوت سمعه الدكتور الطيب وتوجه إليه مبتسماً ومحيياً، يعبر عن شعور فطري ينتشر بين الشعب الماليزي نحو إمامة ومشيخة الأزهر، وأنها رأس الإسلام السني في العالم.
ليتنا ندرك أهمية هذه المكانة وأنها قوتنا الناعمة الأعظم التي يجب أن نصونها من أصوات العابثين.
كاتب صحفي مصري